"نحن معك حتى تمر الأزمة"، كتبت هذه الكلمات على لافتة كبيرة معلقة فوق الباب الأمامي لأحد مطاعم حي "مصر الجديدة" في العاصمة القاهرة، والذي يقدم وجبة غداء مجانية للأشخاص الذين تأثر دخلهم سلبا جراء أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19).
ووجهت اللافتة المعلقة خارج مطعم المشويات الدعوة للمتضررين من أزمة فيروس كورونا، سواء بفقدان عملهم أو تخفيض رواتبهم، قائلة "يرجى من كل أسرة محترمة أن تقبل منا الغداء مجانا حتى يفك الله الكرب".
وجاءت فكرة المبادرة إلى صاحب المطعم عندما أدرك أبعاد الأزمة بعد أن علقت الحكومة مؤقتا الدراسة وأوقفت الرحلات الجوية وأغلقت أماكن الترفيه والأسواق المزدحمة.
وقال محمود المصري صاحب المطعم لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه "عندما تم إغلاق العديد من الأماكن أدركت أن هناك الكثير ممن تأثرت دخولهم، وشعرت بالمسؤولية تجاه بلدي، وبادرت بدعم المتضررين من الأزمة قدر استطاعتي".
وأضاف المصري، "لقد وضعنا اللافتة لتشجيع المحتاجين على الدخول وأخذ غدائهم المجاني، وكان الناس مترددين في البداية لكننا الآن نقدم غداء مجاني لحوالي 50 أسرة بشكل يومي".
وتحول مطبخ المطعم لخلية النحل، حيث انشغل الطهاة والعاملون بإعداد وجبات الغداء الجاهزة لأولئك الذين يحتاجون إليها.
وعبر سامح مصطفى أحد الموظفين ومساعد مدير المطعم، عن سعادته بمساعدة المتضررين من الأزمة، مشيراً إلى أنهم يعقمون المطعم يوميا ويرتدون القفازات ويحافظون على النظافة الشخصية لضمان نظافة الطعام الذي يقدمونه.
وأوضح مصطفى، البالغ من العمر 30 عاما، أن "الوجبة لفرد واحد تتكون من الأرز وقطعة دجاج مشوي وخبز وسلطة وحساء، أما الوجبة العائلية فتتكون من دجاجة كاملة والمزيد من الأرز والخبز، بالإضافة إلى المناديل الورقية والملاعق والشوك البلاستيكية".
وبلغ إجمالي الحالات المؤكد إصابتها بفيروس كورونا في مصر حتى مساء أمس الثلاثاء 1450 حالة، إلى جانب 94 حالة وفاة.
وقررت الحكومة المصرية يوم الأربعاء تمديد حظر التجوال الليلي، الذي بدأ في 25 مارس الماضي، لمدة أسبوعين آخرين حتى 23 أبريل الجاري، مع تقليص عدد ساعات الحظر من 11 إلى 10 ساعات، كما مددت كافة إجراءاتها الاحترازية نفس المدة.
وتثمن الحكومة والشعب، جهود "جيش مصر الأبيض" من الأطباء والممرضين الذين يعملون دون توقف تحت ضغط هائل لرعاية المرضى المصابين بالفيروس.
وأطلقت كاثرين رأفت، وهي شابة في أواخر العشرينيات من عمرها تمتلك مطعما صغيرا مع شقيقها الأكبر، مبادرة لتقديم وجبات مجانية للطواقم الطبية في المستشفيات العامة القريبة تقديرا لجهودها الاستثنائية.
وقالت إنها استلهمت الفكرة بعد أن شاهدت مقطع فيديو على شبكة الإنترنت عن حفاوة استقبال الصينيين للطواقم الطبية الصينية العائدة من مدينة ووهان بمقاطعة هوبي، بعد سيطرتها الناجحة على انتشار فيروس كورونا.
وصرحت رأفت لوكالة ((شينخوا)) في مطعمها بوسط مدينة القاهرة، قائلة "لقد بدأنا بتقديم 40 وجبة مجانية للطاقم الطبي بمستشفى أورام قريب، ثم قمنا بتوصيل حوالى 65 وجبة لطاقم طبى آخر فى أحد مستشفيات الحميات بمحافظة الجيزة".
وأضافت أن مطعمها يعد حاليا حوالي 400 وجبة، منها 350 سيتم توصيلها للمستشفيات، و50 وجبة للعمالة اليومية، حيث تتكون كل وجبة من قطعة دجاج وأرز وسلطة وخضار وحساء وخبز.
وتابعت الشابة المصرية، أنه "مع الوقت بدأ العديد من الناس في مساعدتنا في النفقات، لكننا لا نجمع تبرعات مالية بل نعد الوجبات أولا ثم نحصل منهم على الحد الأدنى للتكلفة"، مشيرة إلى أن المبادرة لا تقتصر على مطعمها وأنها ترحب بانضمام مطاعم أخرى لدعم الطواقم الطبية خلال الأزمة.
وتسعى هذه المبادرات إلى دعم جهود الحكومة في مساعدة المتضررين من الأزمة، لاسيما العمالة اليومية التي تبلغ 5.2 مليون عامل يمثلون حوالي 20 بالمائة من القوى العاملة في البلاد، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقام أحد المطاعم المحلية الشهيرة في مصر بتقديم الدعم لجهود الدولة لمكافحة أزمة فيروس كورونا بطريقة مختلفة، حيث قرر صاحب المطعم المزدحم باستمرار إغلاقه في منتصف مارس الفائت بشكل مؤقت، وإعطاء جميع العاملين إجازة مدفوعة الأجر خلال هذه الفترة، توافقا مع إجراءات عدم الزحام والاختلاط لمكافحة انتشار الفيروس.
كما قرر التبرع بمليون جنيه مصري (حوالي 63 ألفا و500 دولار أمريكي) لوزارة التربية والتعليم لدعم التعلم الإلكتروني للطلاب في ظل تعليق الدراسة، ونصف مليون جنيه (حوالي 31 ألفا و 700 دولار) لوزارة الصحة لدعم جهود الحجر الصحي.
وقال ناصر البرنس صاحب المطعم لـ ((شينخوا))، إن "الحكومة والشعب والأغنياء والفقراء يواجهون أزمة واحدة، ويجب علينا جميعا أن نقف جنبا إلى جنب ونتكاتف للتغلب على هذه الأزمة".