في زمن البدايات، بدايات الثورة الفلسطينية المعاصرة والعمل الفدائي المسلح، إنطلقت من مخيم اليرموك العديد من الخلايا الأولى التي سعت لفتح جبهة جنوب لبنان، وفرض الوجود الفدائي للثورة الفلسطينية المعاصرة، وكسر قيود المكتب الثاني اللبناني (المخابرات العسكرية) الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني في لبنان منذ عام النكبة.
في تلك البدايات، دخلت أولى المجموعات الفدائية لحركة فتح الأراضي اللبنانية إنطلاقاً من معسكر الهامة القريب من الحدود السورية مع لبنان، وكان على رأس تلك المجموعة الراحل ياسر عرفات والشهيد أبو علي إياد، أواخر العام 1965، وأستطاعت تلك المجموعة أن تُقيم لفترة محدودة في مناطق التماس مع فلسطين المحتلة في قطاع العرقوب (القطاع الشرقي من جبهة جنوب لبنان) وصولاً لنقاط قريبة جداً وعلى الخط مع فلسطين في بلدة (العديسة) اللبنانية قرب قرية (كفر كلا)، وبعد عودة تلك المجموعة لموقع خلفي تم إلقاء القبض على كامل أفرادها من قبل مخابرات المكتب الثاني.
كانت المجموعة تتألف من أربعة عشر فرداً من قوات العاصفة الجناح العسكري الفدائي لحركة فتح وغالبيتهم من مخيم اليرموك، وهم : ياسر عرفات، الشهيد أبو علي إياد، الشهيد سعيد محاد (مخيم اليرموك)، الشهيد خالد أبو العلا (مخيم اليرموك)، الشهيد سعيد الشرعان (أبو جمال الشوف ـــ مخيم اليرموك)، الشهيد مصباح عبد الحق (مخيم اليرموك)، الراحل مصطفى الصالح (أبو محمود الخوري، مخيم اليرموك)، أبو بسام (من الضفة الغربية)، منير (من الضفة الغربية)، الشيخ صبري (من الضفة الغربية)، أبو علي شمدين (مخيم اليرموك)، شعبان الشاعر (مخيم اليرموك)، الشهيد حسين الهيبي (مخيم اليرموك)، نعيم وشاح (قطاع غزة)، حيث نقل المعتقلون إلى ثكنة (مطانيوس الحلو) في منطقة المصيطبة في بيروت، ثم إلى ثكنة (هنري شهاب) قرب الرملة البيضاء.
دام إعتقال أعضاء المجموعة خمسة وأربعون يوماً، بعد أن أحيل أعضاء المجموعة الفدائية إلى مخابرات المكتب الثاني اللبناني (المخابرات العسكرية ـــ مخابرات الجيش)، ووضعت قيد التحقيق من قبل الملازم أول (فريد أبو مرعي)، ليطلق سراح ياسر عرفات والمجموعة الفدائية نتيجة تدخلات كبيرة جرت من قبل قيادة حركة فتح بدمشق مع العديد من البلدان العربية وعلى رأسها مصر والرئيس جمال عبد الناصر. وعليه تم إطلاق سراح المجموعة وعودتها لمعسكر الهامة في سوريا، وفي حينها لم تكن تعلم المخابرات اللبنانية أن ياسر عرفات هو قائد تلك المجموعة، ولم تكن لتعرف شخصيته غير المُعلنة في حينها، وهو ما أكتشفه بعد فترة مدير مخابرات المكتب الثاني سنتذاك العقيد اللبناني سامي الخطيب، وهو الشخص الذي برز دوره في السنوات التالية بعد إنفجار الأزمة الداخلية اللبنانية عام 1975، حين أصبح قائداً لقوات الردع العربية.
هناك تفاصيل أكثر سمعتها ودونتها في ذاكرتي وعلى الورق، لتلك الواقعة، وعلى لسان عضو المجموعة بعض أعضاء المجموعة.
قبل وبعد تلك الواقعة، كانت الأجواء الفلسطينية في لبنان والوطنية اللبنانية عامة، تتهيء نحو الإنتفاضة الكبرى على قمع المكتب الثاني، ودخول العمل الفدائي الفلسطيني للأرض اللبنانية... خصوصاً بعد أن سقط الشهيد اللبناني الأول في صفوف الثورة الفلسطينية المعاصرة بعملية فدائية من أغوار الأردن الشهيد (خليل عز الدين الجمل) من حركة فتح، وقد تحوّلت مسيرة تشييعه في بيروت لإستفتاء شعبي وطني لبناني مُنقطع النظير دعماً لفلسطين والثورة الفلسطينية، وتلاه الشهيد (راجح غرز الدين) من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهو من جبل لبنان.
(الصورة الأولى : أثناء حصار بيروت. والصورة الثانية أبو عمار مع المقاتلين جنوب لبنان)
بقلم علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت