كل شعوب العالم ودوله بدأت تتجاهل خلافاتها وصراعاتها لتوحيد المعركة الشاملة ضد جائحة كورونا، ولكن يبقى الاحتلال الإسرائيلي، يصر دائما على إظهار وجهه العنصري القبيح، حتى في هذه الظروف القاسية التي يمر بها العالم، حيث لم تحرك سلطات الاحتلال الإسرائيلي ساكنا، حيال احتمال تفشي الفيروس، في صفوف الآلاف من الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونها.
نعم إلا إسرائيل فهي لا تتخلى عن مشروعها، وستظل تعمل على توسيع الاستيطان وسلب القدس والاحتفاظ بآلاف الأسرى في سجونها، ولو كان لهذا الكيان ضمير، لسارع قادته إلى إطلاق هؤلاء السجناء، وبالخصوص كبار السن منهم والمرضى والنساء والأطفال لدواع إنسانية مثلما فعلت أغلب دول العالم، ولكن هيهات وكأنه كتب على الفلسطينيين مواجهة إسرائيل وكورونا وكلاهما عدو لا يرحم، فعلا هذا ما أكده الباحث المختص بقضايا الأسرى ومدير مركز الأسرى للدراسات الدكتور رأفت حمدونة، بقوله أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تكاد الوحيدة في العالم من تتحفظ على الأسرى في سجونها، رغم الدعوات المتكررة من المنظمات الحقوقية العالمية للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، من السجون في ظل المخاوف الكبيرة من تفشي فيروس كورونا في أماكن الاحتجاز بسبب الاكتظاظ وفقر الإمكانيات الصحية على مستوى العالم، نعم أنت كيان عنصري يا إسرائيل..! فكيف بك توصي بالإفراج عن السجناء الجنائيين وخاصة اليهود ولم تفرج عن أسير فلسطيني واحد، أو حتى معتقل تحت مسمى الاعتقال الإداري، أو لكبير بلغ الثمانين من العمر، أو حتى بحق مريض بمرض السرطان رغم وجود مخاطر حقيقية من نقل العدوى، وهذا ما يدعونا لدق ناقوس الخطر ومناشدة المؤسسات الدولية للضغط على سلطات الاحتلال قصد الإفراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، تحسباَ من العدوى بسبب انتشار الفيروس في اسرائيل، ولوجود المئات من الأسرى المرضى بأمراض مزمنة وعشرات من كبار السن، وطالب بتوفير الآليات الوقائية والصحية وتعزيز الخدمات العامة والصحية، واتخاذ تدابير وقائية للحد من انتشار العدوى. تعيش الإنسانية مع تفشي وباء جائحة كورونا حالة من الفوضى والتخبط والهلع، نتيجة ما يبث عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، من أخبار ومعلومات فرضت على الإنسان أن يعيش في حالة من الكآبة والخوف من المجهول، فعلا هو " كوفيد-19" على حد قول الكاتب الجزائري نورالدين لعراجي، الذي حول الكرة الارضية إلى فضاء هيتشكوكي، فيه من الرعب والخوف ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، كأنها أهوال القيامة قد أنذرت أجراسها، وكل وطن في منأى عن الاخر، ليبقى الفيروس الفاعل الرئيس فوق خشبة التاريخ يواصل عرضه الإبادي، دون أدنى مقاومة من أية قوة أو أي طرف، يا سبحان الله فجأة فرض " كوفيد-19 " حقائق جديدة وجعل دول العالم متقدمة أكانت أو متخلفة تقف بدون إرادة بل مكرهة، على مسافة واحدة من الوضع الاستثنائي، تبحث عن أنجع السبل لحماية مواطنيها بنظام الوقاية واليقظة والتأهب للسلامة الصحية، فعلا فالعالم متداخل ومتشابك العلاقات والتنقل، ولأن فايروس كورونا عدو عالمي حقيقي ولابد أن تستند الدول بعضها إلى بعض، فليس هناك دولة تستطيع مواجهة الفايروس بمفردها. فايروس كورونا أصبح قضية دولية ويستدعي التعاون والتفاعل الدولي لمواجهته لغرض حماية الشعوب والأمم من خطرها، كورونا ليس مجرد مرض عادي وليست قضية سياسية وإنما هو فايروس لا يفرق بين الأبيض والأسود فهو فايروس هائج يصيب الإنسان في كل دول العالم، ولا يبدو أن هناك دولة ستنجو منه، وهنا يتطلب من المجتمع الدولي والإنساني على ضرورة تكثيف العمل والضغط على دولة إسرائيل باحترام حقوق الإنسان وتسيير لجان دولية طبية وقانونية لزيارة الأسرى في السجون، والاطلاع على ظروفهم الاعتقالية وأوضاعهم الصحية في ظل انتشار وباء كورونا القاتل، وهو ذات النداء الموجه مختلف دول العالم التي تعيش حروب وصراعات بضرورة وقف القتال والالتفاف حول توحيد الجهود لمجابهة واحتواء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
عماره بن عبد الله - كاتب جزائري
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت