قرار الضم تم قبل 27 عاما..

بقلم: جاك يوسف خزمو

جاك يوسف خزمو

تتناقل وسائل الاعلام الاسرائيلية خبراً مفاده ان سبب الخلاف لعدم تشكيل حكومة وحدة وطنية هو حول قرار ضم مناطق في الضفة الغربية لـ "اسرائيل"، ومتى سيعلن عنه رسمياً، لكن الواقع غير ذلك، فقرار الضم، وبخاصة للمستوطنات، تم مباشرة بعد توقيع اتفاق اوسلو في ساحة البيت الأبيض الأميركي يوم 13 ايلول 1993 عندما وضع رئيس وزراء "اسرائيل" آنذاك اسحاق رابين خطة لضم هذه المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية.

هذه الخطة تتضمن نقل المستوطنات الصغيرة والبعيدة الى تجمع استيطاني كبير، فبالنسبة له فانه من الضروري ان تكون هناك تجمعات استيطانية كبيرة لعدة أسباب وعوامل ومن أهمها: ان الجيش الاسرائيلي يستطيع توفير الحماية لهذه التجمعات، وأما المستوطنات الصغيرة المنتشرة في مناطق بعيدة عن هذه التجمعات فانها تحتاج الى حماية أمنية مكلفة. وقرر رابين ضم هذه التجمعات الكبيرة الى "اسرائيل" عبر ربط شبكات الهاتف والاتصالات والكهرباء والمياه بـ "اسرائيل" مباشرة ، بالإضافة الى شق طرق التفافية خاصة تربط هذه التجمعات الاستيطانية بـ "اسرائيل". وهاذا ما تم بالفعل منذ 27 عاما وليس قبل عدة سنوات.

لقد استغل رابين اتفاق اوسلو الذي لم يشر الى أي بند يتضمن ايقاف وتجميد الاستيطان ، وكذلك ازالة المستوطنات، بل حوّل قضية المستوطنات الى قضايا الحل النهائي وهي مصير القدس، والمستوطنات، وحق العودة والأسرى. وهذه القضايا لم تحل، إذ تم مع مرور السنوات شطب حق العودة ، والاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة "اسرائيل"، اميركيا واسرائيلياً، حتى ان موضوع العودة الى حدود حزيران 1967 تم الغاؤه. وفي مفاوضات كامب ديفيد تم الاتفاق مبدئياً على بقاء المستوطنات مقابل تبادل للأراضي، ولكن هذا الأمر او الاتفاق لم يتحقق لأن حل قضايا الحل النهائي ما زالت عالقة.

وتجدر الاشارة الى ان اتفاقيات اوسلو قسمت مناطق الضفة الى "ألف" و"باء" و"جيم"، ومعظم مناطق الضفة هي مناطق "جيم"، أي انها تحت سيادة "اسرائيل" الى ان يتم اتفاق نهائي حول القضايا العالقة. وهذا التقسيم أدى الى بناء المزيد من البؤر الاستيطانية العشوائية والرسمية المدعومة من الحكومة . وخلال السنوات الماضية سيطر على الحكم معسكر اليمين "الاسرائيلي" الذي وفر الدعم للمستوطنات وللمستوطنين الذي تضاعف عددهم اكثر من من ثلاث مرات، فالإحصائيات تشير الى أن عددهم تجاوز سبعمائة ألف مستوطن، علماً ان المستوطنين في القدس العربية ليسوا جزءاً من هذا العدد الكبير.

لقد فكر رابين في الانسحاب الكامل من قطاع غزة واقامة تجمعات استيطانية كبيرة، وازالة البؤر العشوائية، وطرح خطته على آرئيل شارون، وحاول جذبه الى ركب حزب العمل من خلال العرض عليه منصب وزير شؤون تطبيق اتفاقيات أوسلو، لكن دافيد ليفي صديق شارون المخلص، اقنعه بعدم الانضمام الى حزب العمل.

تم اغتيال رابين عام 1993 ، وفي عام 2001 تسلم شارون مقاليد رئاسة الوزراء، وقرر بعد تفكير ودراسة تطبيق خطة رابين، فأزال مستوطنات القطاع في صيف عام 2005، لكنه مع أوائل عام 2006 أصيب بجلطة دماغية مفاجئة، ورحل شارون عن الحكم ورحلت معه فكرة تحقيق سلام مع الفلسطينيين. وها هي ادارة ترامب الأميركية تدعم اليمين الاسرائيلي، وتحاول تصفية القضية الفلسطينية، ودعم السيادة الاسرائيلية على القدس والجولان، وكذلك على غور الاردن، والاستمرار في تطبيق قرار الضم الذي بدأ قبل 27 عاما.

خلاصة القول، ان قادة "اسرائيل" الحاليين المتشددين لا يريدون تحقيق سلام عادل وشامل. وستبقى قضيتنا حية ما دمنا نرفض التنازل عن ثوابتنا وحقوقنا، لأن المعطيات الحالية التي هي لصالح "اسرائيل" لا بد ان تتغير سواء في المستقبل القريب او حتى البعيد، والسنوات القادمة ستظهر ذلك بكل وضوح!

 جاك يوسف خزمو

الناشر ورئيس تحرير مجلة البيادر السياسي

القدس 15/4/2020

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت