نعيش في كل عام في مثل هذه الايام مناسبة وطنية خاصة تذكرنا بمسئوليتنا وواجبنا تجاه شريحه مناضلة من أبناء شعبنا، ضحت بأحلى سنين عمرها من اجل حريتنا وكرامتنا، انها ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، التي تأتى هذا العام في ظل ظروف استثنائية للعالم بأسره .
السابع عشر من نيسان لا يجب ان يكون فقط هو يوم الأسير، انما يجب ان نسخر كل دقيقة وساعة ويوم للأسير الفلسطيني وعلى مدار العام، فهذا اقل الواجب، ولكن هذا اليوم نعتبره كالماء الذى يزيل الغبار عن المعدن الثمين ليعيد له بريقه مرة اخرى لنبدأ مشوار جديد وعام جديد من العمل المتواصل والجاد من اجل حرية الأسرى وضمان حياة كريمة لهم حسب ما نصت عليه المواثيق الانسانية .
يأتي يوم الأسير هذا العام في ظل انتشار جائحه كورونا والتي زادت من هموم الأسرى وضاعفت المخاطر على حياتهم في ظل استهتار الاحتلال بحياتهم وعدم التعامل بحديه مع هذه الاخطار التي تحدق بهم، وتقترب منهم يوماً بعد يوم، مما يجلهم يعيشون حالة من القلق المستمر خشية على حياتهم مع عدم توفر أياً من وسائل الوقاية والحماية لهم.
السابع عشر من نيسان هو مناسبة مهمة تدفعنا لتوحيد الجهود لنصره الأسرى، ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، واستذكار الشهداء الذين ارتقوا خلف القضبان خلال تلك المسيرة المشرفة، لنجدد العهد لهم بان دمائهم وأرواحهم ليست رخيصة وان الاحتلال سيدفع الثمن يوماً ما .
يوم الأسير يذكرنا بأن مليون فلسطيني، أي ما نسبته أكثر من 20% من الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة ذاقوا مرارة الأسر، وهذه الاعتقالات لم تمييز بين طفل أو امرأة، أو بين عجوز طاعن في السن وشاب صغير، حتى طالت الاعتقالات نواب المجلس التشريعي، وقادة العمل الاجتماعي والسياسي، والمرضى والصحفيين، والاكاديميين، وكبار السن .
بينما لا تزال سلطات الاحتلال تعتقل (5000) اسير فلسطيني من بينهم :
· 41 اسيرة .
· 180 طفلا تتجاوز اعمارهم ال 18 عاماً.
· 6 من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني .
· 700 اسير منهم مرضى يعانون من امراض مختلفة وعدد منهم يعانى من امراض خطيرة كالسرطان والفشل الكلوي والاعاقات.
· 580 أسيراً صدر بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة .
· 51 اسير امضوا ما يزيد عن 20 عاماً، منهم 26 معتقلين منذ ما قبل عام 1994 ،
· 50 اسير من الذين تحرروا في صفقة وفاء الاحرار اعاد الاحتلال اعتقالهم مرة اخرى.
نستذكر في هذا اليوم عميد الأسرى "كريم يونس" من ارضى ال 48، والمعتقل منذ 37 عاماً متواصلة، والأسير "نائل البرغوتي" والذى امضى 40 عاماً خلف قضبان السجون ولا يزال، وعشرات الأسرى القدامى الذين امضوا أكثر من نصف عمرهم في السجون ولا زالوا يحلمون بالحرية .
في هذا اليوم نجدد التذكير بأن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان ويمارس بحق الأسرى والأسيرات كل أساليب التعذيب والمضايقة بدءً من الضرب ومروراً بالشبح والخنق وصولاً إلى الموت في بعض الأحيان كما حدث مع العشرات من الأسرى ، ويحرمهم من أدنى مقومات الحياة البسيطة ويعرض حياتهم للخطر ويسحب إنجازاتهم التى حققوها بالشهداء والتضحيات.
كلنا فخر في هذا اليوم ونحن نؤكد بان الأسرى ورغم هذه الظروف القاسية والصعبة لم يستسلموا لإرادة الاحتلال، بل قاوموا ودافعوا عن انفسهم وخاضوا العشرات من المواجهات والاضرابات عن الطعام من اجل تحصيل حقوقهم، واستطاعوا بفضل ارادتهم وامعائهم الخاوية اجبار الاحتلال في الكثير من المرات على توفير العديد من المستلزمات الحياتية الاساسية التي هي حق لهم وليست منَّه من الاحتلال.
ورغم محاولات الاحتلال لقتل الأسرى نفسيا وجسدياً، الا أن همم الأسرى توازى الجبال الرواسي ، حيث استغلوا سنوات اعتقالهم في التعليم والحصول على الشهادات، وانهى المئات دراستهم الجامعية الاولى بل حصل بعضهم على شهادة الماجستير والدكتوراه خلف القضبان، وابدع الأسرى في طرق التواصل مع العالم الخارجي عبر تهريب اجهزة الاتصال وبطريقة سرية واخفاءها عن اعين السجان.
كما انتصر الأسرى في صراع البقاء مع الاحتلال بتهريب النطف الى الخارج، وانجاب (89) طفلاً، ما أطلق عليهم "سفراء الحرية" والذى يعد انتصاراً كبيراً لإرادة الأسرى على كل أنظمة السجان ومخططاته واحتياطاته الأمنية ومحاولات قتل كل معنى للحياة والأمل لدى الأسير الفلسطيني.
لكل ذلك فان قضية الأسرى كانت وستبقى هي القضية المركزية للشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية والاسلامية وكل القوى الحية واحرار العالم ، ومن الواجب الوطني والشرعي والديني، الأخلاقي والإنساني نصرتهم ومساندتهم والعمل لوقف الانتهاكات بحقهم، وحمايتهم من المخاطر المتعددة التي تحيق بهم، والسعي بكل الوسائل المشروعة لضمان تحقيق حريتهم وعودتهم إلى بيوتهم وعائلاتهم معززين مكرمين .
انتهى
كتب الباحث المختص في شئون الأسرى / رياض خالد الاشقر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت