منذ بداية تفشي كوفيد-19، اتخذت منظمة الصحة العالمية تدابير حاسمة في الوقت المناسب مع استجابة موضوعية وعلمية ومحايدة لتوجيه التعاون العالمي لمكافحة الوباء، وحظيت باعتراف واسع النطاق من المجتمع الدولي.
وعلى الرغم من الانتشار السريع للوباء، الذي أدى، وفقا لأحدث أرقام منظمة الصحة العالمية، إلى أكثر من 2.1 مليون حالة إصابة وأكثر من 146000 حالة وفاة على مستوى العالم، أعلنت الإدارة الأمريكية في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها توقف التمويل لمنظمة الصحة العالمية، بعد أسابيع من الانتقادات الموجهة لمنظمة الصحة وسبل معالجتها لتفشي المرض.
وبينما قام بعض السياسيين الغربيين بتسييس الفيروس وتشويه جهود منظمة الصحة العالمية، دعت الصين إلى التضامن والتعاون في المعركة العالمية ضد الوباء.
في مقال نُشر في مجلة ((Qiushi - البحث عن الحقيقة من الوقائع)) يوم الخميس، كتب الرئيس الصيني شي جين بينغ أنه فقط بالتضامن والتعاون يمكن للمجتمع الدولي أن يتغلب على الوباء ويحمي المنزل المشترك للبشرية.
تحذيرات في الوقت المناسب
باعتبارها وكالة متخصصة في الصحة العامة، سعت منظمة الصحة العالمية جاهدة لتحقيق أهدافها في جمع المعلومات حول مختلف الأمراض المعدية على مستوى العالم، وإصدار التحذيرات والإنذارات في الوقت المناسب.
قال توماس بوليكي، مدير برنامج الصحة العالمي وكبير زملاء الصحة والاقتصاد والتنمية العالمية في مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث أمريكي، إن منظمة الصحة العالمية "عملت إلى حد كبير وبشكل جيد على خدمة أهدافها" في ظل أزمة كوفيد-19، وحثّ واشنطن على عدم "تجاهلها وسط هذه الأزمة".
في 5 يناير الماضي، نشرت منظمة الصحة العالمية أول أخبار حول تفشي المرض الفيروسي الجديد، بما فيها تقييم المخاطر، والمشورة، وتقارير الصين بشأن الفيروس، بعد يومين فقط من قيام الصين بإبلاغ المنظمة بتفشي الفيروس، إضافة لإبلاغها الدول والمناطق ذات الصلة.
وفي 12 يناير، قالت المنظمة في بيان صحفي إن "الصين تشارك التسلسل الجيني لفيروس كورونا الجديد، وهو ما يمثل أهمية كبيرة للدول الأخرى لاستخدامه في تطوير مجموعات تشخيصية محددة".
في 31 يناير، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن تفشي المرض هو حالة طوارئ صحية عامة ذات أهمية دولية (PHEIC)، باعثا بذلك أعلى مستوى من التحذير أو الإنذار.
وفي 11 مارس المنصرم، قال غيبريسوس في مؤتمر صحفي "إن كوفيد-19 يمكن وصفه بالجائحة".
وكتب لورنس جوستين، أستاذ قانون الصحة العامة في جامعة جورج تاون الأمريكية، على تويتر في 8 إبريل، أن منظمة الصحة العالمية أعلنت بسرعة حالة الطوارئ الصحية العامة ذات أهمية دولية (PHEIC)، وصنفت كوفيد-19 بأنه جائحة بعد فترة وجيزة، وأن "الولايات المتحدة وأوروبا كان لديهما الوقت للاستعداد. ولكنهما لم يفعلا. بل استسهلا إلقاء اللوم على منظمة الصحة العالمية. ولكنه خطؤنا".
وفي حديث مع ((شينخوا))، قال داريل ويست، مدير دراسات الحوكمة في معهد بروكينغز، وهو مركز أبحاث مقره بالعاصمة الأمريكية واشنطن، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهاجم منظمة الصحة العالمية "لأنه يحب أن يكون لديه أهداف دولية تحرف الانتباه عن أدائه في مواجهة هذا الوباء".
وبالإضافة إلى إطلاق التحذيرات والإنذارات في اللحظات الحرجة، ترسل منظمة الصحة العالمية دائما الخبراء إلى المناطق المتأثرة بالفيروسات، لجمع المعلومات لفهم الوضع بشكل أفضل.
في 28 يناير، سافر وفد كبير من منظمة الصحة العالمية بقيادة غيبريسوس إلى العاصمة الصينية بكين.
في 16 فبراير، بدأت البعثة المشتركة بين منظمة الصحة العالمية والصين، والتي تتكون من 25 خبيرا من ثماني دول ومنظمة الصحة العالمية نفسها، رحلتها البحثية الميدانية التي استمرت تسعة أيام في بكين ومقاطعات قوانغدونغ وسيتشوان وهوبي بالصين.
وصرح رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق جان بيير رافاران، لـ((شينخوا))، بأن "تعاون الصين الجيد مع منظمة الصحة العالمية قد مكّن مختلف السلطات الوطنية من الاستعداد على أفضل وجه ممكن، لمواجهة الصعوبات الناجمة عن موجة تفشي الفيروس".
منسق مكافحة الوباء
قال الدكتور ديفيد نابارو، المدير المشارك لمعهد الابتكار الصحي العالمي في الكلية الملكية في لندن، والذي تم تعيينه كمبعوث خاص للاستجابة لوباء فيروس كورونا الجديد، إن الوباء هو "حالة طوارئ عالمية، وكل جانب من جوانب الاستجابة يتطلب التنسيق".
وباعتبارها رئيسية لآليات التعاون المتعددة الأطراف، لعبت منظمة الصحة العالمية دورا مهما في تنسيق الجهود الدولية لتوجيه جهود المعركة العالمية ضد الوباء.
في 7 فبراير، وخلال تحذيره من أن العالم يواجه نقصا حادا في معدات الوقاية والحماية الشخصية (PPE)، قال غيبريسوس إن منظمة الصحة العالمية منهمكة، أكثر من أي وقت مضى، في التعامل مع القطاعات الخاصة على مستوى العالم لإرسال مجموعات الاختبار والأقنعة والقفازات وأجهزة التنفس والأردية الطبية إلى كل منطقة متضررة بالفيروس.
ووفقا لتقرير نشره مركز بروكينغز للتنظيم والأسواق أواخر الشهر الماضي، أرسلت منظمة الصحة العالمية مئات الآلاف من مجموعات الاختبارات إلى بلدان مختلفة بحلول أوائل فبراير، لكن الولايات المتحدة أصرت على تطوير مجموعات الاختبار الخاصة بها ، ما أدى إلى تأخير الاختبار في معظم فبراير تقريبا، الذي اعتبر "شهرا ضائعا خلال فترة حرجة".
قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي في 8 إبريل، إن المنظمة شحنت حتى الآن أكثر من مليوني عنصر من معدات الوقاية الشخصية إلى 133 دولة ومنطقة، بالإضافة إلى أكثر من مليون مجموعة فحص واختبار إلى 126 دولة.
ومن أجل تسريع البحوث العالمية حول المرض، عُقد منتدى ليومين حول كوفيد-19، قامت منظمة الصحة العالمية بتنسيقه في جنيف في 12 فبراير، وحدد تسعة مجالات ذات مواضيع للبحث حول الوباء، مثل أبحاث اللقاحات.
وخلال إشارته إلى أن أبحاث اللقاحات "قضية يجب أن يكون لها تنسيق عالمي قوي"، قال نابارو "أنا سعيد للغاية لأن منظمة الصحة العالمية أنشأت آليات للقيام بذلك، وآمل أن تتبعها جميع الدول".
في 8 إبريل الحالي، قال غيبريسوس إن منظمة الصحة العالمية تعهدت بأكثر من 800 مليون دولار أمريكي لجهود مواجهة الوباء، منها أكثر من 140 مليون دولار تم جمعها من خلال صندوق الاستجابة التضامنية ضد كوفيد-19، والذي أُطلق في مارس المنصرم.
قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء "إن موقفنا هو أن المملكة المتحدة ليس لديها خطط لوقف تمويل منظمة الصحة العالمية، التي لها دور هام تؤديه في قيادة الاستجابة الصحية العالمية".
وأعلنت الحكومة البريطانية في 12 إبريل عن تبرع قيمته 65 مليون جنيه إسترليني (81 مليون دولار أمريكي) لمنظمة الصحة العالمية، لدعم جهود مكافحة الوباء.
إرشادات عملية
قال تاكاكاغي فوجيتا، المدير العام لمجموعة مدنية يابانية مكرسة لدعم وتطوير بيان موراياما المعروف، إن منظمة الصحة العالمية لعبت دورا مهما في توجيه المعركة العالمية ضد كوفيد-19.
وبالإضافة إلى تقارير الأحوال اليومية بدءا من 21 يناير، نشرت منظمة الصحة العالمية على موقعها الإلكتروني إرشادات عملية تغطي جميع جوانب الوقاية من الوباء ومكافحته، بما فيها المراقبة وتعريفات حالات الإصابة، وإدارة المرضى، والإبلاغ عن المخاطر ودعم المشاركة المجتمعية، والتنسيق على المستوى القطري، والتخطيط والمراقبة والتوجيهات للمدارس وأماكن العمل والمؤسسات.
في 18 مارس، أطلقت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها ((تجربة التضامن))، وهي تجربة سريرية دولية للمساعدة في اكتشاف علاج فعال لكوفيد-19.
قال غيبريسوس في مؤتمر صحفي يوم 23 مارس "أنا سعيد لانضمام العديد من الدول إلى ((تجربة التضامن))، التي ستساعدنا على التحرك بسرعة وبحجم".
ومن خلال منصة ((OpenWHO))، توفر المنظمة تدريبات في الوقت الحقيقي للعاملين الطبيين من خلال دورات تفاعلية وعبر الإنترنت بـ43 لغة، بما في ذلك الخبرة الصحية العامة والمناقشة المعمقة وردود الفعل والتحديثات حول القضايا الرئيسية، والتي جذبت مشاركة 1.2 مليون شخص.
قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، في رسالة جوابية لغيبريسوس، في 26 مارس، إن الصين ستواصل الدعم القوي لغيبريسوس ومنظمة الصحة العالمية للقيام بدور نشيط ورائد في المعركة العالمية ضد الوباء.
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فقال في بيان في 8 إبريل الجاري "إن منظمة الصحة العالمية، وبالآلاف من العاملين فيها، تقف في الخطوط الأمامية، وتدعم الدول الأعضاء ومجتمعاتها، ولا سيما الأكثر ضعفا من بينها، من خلال التوجيه والتدريب والمعدات والخدمات المنقذة للحياة، أثناء مكافحة الجميع للفيروس".
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة يوم الثلاثاء إلى أن "الوقت قد حان للوحدة، وللمجتمع الدولي أن يعمل معا في تضامن لوقف هذا الفيروس وعواقبه المدمرة".