الجدل الحاد حول أوامر البقاء في المنازل يسلط الضوء على الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والولايات في أمريكا

كورونا

سلط الجدل الحاد المستمر في الولايات المتحدة حول ما إذا كان الوقت قد حان لقيام حكام الولايات برفع أوامر بقاء الناس في منازلهم من أجل كبح انتشار كوفيد-19، سلط الضوء على الخلاف البارز بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات، وهو خلاف يغذّيه تفشي الوباء والسياسات الحزبية.

الجدل مستمر

لقد نزل متظاهرون محتجون، بعضهم مسلحين، إلى الشوارع في العديد من أنحاء الولايات الأمريكية هذا الأسبوع، مطالبين بإنهاء أوامر البقاء في المنازل الصادرة عن حكام ولاياتهم، على الرغم من القلق من أنه قد يكون من المبكر تخفيف تدابير التباعد الاجتماعي.

ونشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغريدة لدعم المتظاهرين، داعيا إلى "تحرير" العديد من الولايات، بما فيها ميشيغان وفرجينيا، زاعما أنه يشعر أن بعض أوامر الولايات "صعبة للغاية".

قال حاكم واشنطن جاي إنسلي، في حديث للبرنامج التلفزيوني "هذا الأسبوع" على شبكة ((ABC)) الأمريكية يوم الأحد، إن تغريدات (الرئيس) تشجع "الناس على انتهاك القانون".

وأضاف "أنه أمر خطير، لأنه يمكن أن يدفع الناس لتجاهل الأمور التي يمكن أن تنقذ حياتهم".

لقد كانت واشنطن بؤرة مبكرة لتفشي الوباء في الولايات المتحدة. وانضم إنسلي، وهو مرشح ديمقراطي سابق للرئاسة، إلى غافين نيوسوم، حاكم كاليفورنيا، وكيت براون، حاكم ولاية أوريغون، لتشكيل شراكة لوضع خطط لإعادة فتح (ولايات) الساحل الغربي للبلاد.

ويأتي هذا الجدل المحتدم بعد أيام من إصدار البيت الأبيض مبادئ توجيهية تمنح الولايات القرار بشأن إعادة فتح نشاطاتها، لكنه أوصى باتباع نهج من ثلاث مراحل، في وقت تتلهف فيه إدارة ترامب لإعادة الاقتصاد الوطني إلى مساره، بعد أن تضرر بشدة من إغلاق الأعمال التجارية وخسارة الوظائف والأعمال.

وأعلن حاكم ولاية أوهايو، مايك دي واين، وهو جمهوري، أن الولاية بدأت عملية النظر في إعادة فتح نشاطاتها الاقتصادية في الأول من مايو المقبل. وفي مقابلة في برنامج "واجه الصحافة" على شبكة ((أن بي سي)) يوم الأحد، أوضح دي واين أن مثل هذا القرار سيجعل ولاية أوهايو واحدة من أولى الولايات التي تنهي أوامر البقاء في المنازل.

وأوضح قائلا "سنفعل ما نعتقد أنه صحيح، ما أعتقد أنه صحيح، وهو، محاولة فتح هذا الاقتصاد، ولكن سنفعل ذلك بعناية شديدة جدا حتى لا نتسبب بمصرع الكثير من الناس، ولكن يجب أن نعود (لنشاطنا)، وهذا ما نهدف إلى فعله إبتداء من الأول من مايو".

وفقا لإحصاءات من جامعة جونز هوبكنز، فقد تجاوز عدد حالات الإصابة بكوفيد-19، في الولايات المتحدة 755 ألف حالة حتى يوم الأحد، مع أكثر من 40 ألف حالة وفاة. وتعتبر ولاية نيويورك الأكثر تضررا بالوباء، حيث تم تأكيد أكثر من 242 ألف حالة إصابة، ونحو 20 ألف حالة وفاة.

قال حاكم نيويورك أندرو كومو، يوم الأحد، إنهم يعتقدون أن الولاية "تجاوزت الذروة".

وكتب هذا الحاكم وهو من الحزب الديمقراطي، على تويتر قائلا "يجب علينا أن نتحرك بعناية شديدة الآن. وأسوأ شيء يمكن أن يحدث لنا هو أن نمر بهذا الجحيم من جديد"، مضيفا أن "التباعد الاجتماعي ينقذ الأرواح. ابقوا في منازلكم. أوقفوا انتشار (الفيروس). أنقذوا الأرواح".

يقول ما يقرب من 60% من الناخبين الأمريكيين إن أكثر ما يقلقهم هو أن يؤدي تخفيف القيود على البقاء في المنازل، إلى المزيد من الوفيات الناجمة عن كوفيد-19، أكثر من الضرر الذي يمكن أن تسببه هذه القيود على اقتصاد البلاد، وفقا لنتائج نشرت يوم الأحد حول استطلاع رأي وطني حديث أجرته شبكة ((أن بي سي)) الإخبارية، وصحيفة ((وول ستريت جورنال)).

وفيما يتعلق باستجابة الحكومة الفيدرالية تجاه فيروس كورونا الجديد، قال 50% من الناخبين إنهم راضون عن الإجراءات الهادفة إلى كبح انتشار المرض، مقابل 48% غير راضين. ولكن 34% فقط راضون عن جهود الحكومة الأمريكية لضمان وجود ما يكفي من الاختبارات لكبح انتشار الفيروس.

مشاكل الاختبار المتبقية

قالت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، كبيرة الديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي، يوم الأحد، إن "الاختبار هو المفتاح لفتح اقتصادنا".

وأوضحت أن "الحقيقة هي أن الإدارة فشلت في الاختبار. نحن بحاجة إلى الاعتراف بهذه الحقيقة والمضي قدما"، مضيفة "أن جهودنا لمحاربة (الفيروس)، وإعادة فتح اقتصادنا، يجب أن تستند إلى العلم والبيانات والحقائق".

وتبادل ترامب وبيلوسي الانتقادات اللاذعة حول استجابة الحكومة الفيدرالية تجاه أزمة فيروس كورونا الجديد، في وقت تتعرض فيه إدارة ترامب للانتقادات بسبب تقليلها من خطر الفيروس في وقت مبكر، وتأخرها الفادح في مجال توفير الاختبارات.

قال سكوت غوتليب، وهو زميل مقيم في معهد ((أميركان إنتربرايز)) والمفوض السابق لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، يوم الأحد، إن "الولايات تحاول جاهدة بنفسها للحصول على موارد الاختبارات لكل منها".

وأضاف في مقابلة مع شبكة ((سي بي اس)) الإخبارية الأمريكية "أن أحد الأمور التي يجب عليهم القيام بها الآن هو محاولة العمل معا، على الأقل على أساس إقليمي، لنقل العينات، وللاستفادة من القدرة المتوفرة لإجراء الاختبارات في موقع إقليمي داخل البلاد"، مشيرا أيضا إلى "حيث نحتاج إلى استراتيجية وطنية، أولا وقبل كل شيء، في سلسلة التوريد للاختبارات".

كان نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، قد اعترف في مقابلة مع كريس والاس من قناة ((فوكس نيوز)) يوم الأحد، بالحاجة إلى زيادة وتسريع اختبارات فيروس كورونا الجديد في البلاد، حيث يتم حاليا إجراء 150 ألف اختبار كل يوم.

ويوم الأحد، قال حاكم ولاية فرجينيا، رالف نورثام، وهو ديمقراطي، إن الولاية "ليس لديها حتى مسحات قطن تكفي (للاستخدام بالاختبارات)، ويمكنك أن تصدق أو لا تصدق"، وحثّ البيت الأبيض على التركيز على توفير الاختبارات، بدلا من الاحتجاجات.

وأضاف نورثام في برنامج "حالة الاتحاد" لشبكة ((سي أن أن)) "أن رئيسنا لم يتمكن من الوفاء بتوفير الاختبارات، وقد اختار الآن التركيز على الاحتجاجات، وهذا ليس وقت الاحتجاجات".

ومضى يقول "هذا ليس وقت الانقسام، بل هو وقت القيادة التي تقف وتقدم التضامن، والتي تفهم ما يحدث في بلدنا في ظل هذا الوباء، إنه وقت الحقيقة، وهو وقت جمع الناس معا".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - واشنطن (شينخوا)