دعا صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي الدول إلى الحفاظ على انفتاح التجارة في الوقت الذي يكافح فيه العالم جائحة فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، محذرين من أن فرض ضوابط على صادرات الإمدادات الطبية وغيرها من الضروريات يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.
وخلال مؤتمر صحفي افتراضي عقد خلال اجتماعات الربيع التي اختتمت لتوها للمؤسستين متعددتي الأطراف، قالت كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث إن هذا ليس وقت تقييد تجارة الإمدادات الطبية والمعدات الضرورية حول العالم.
وقالت، ردا على سؤال من وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، "من المهم ألا يصبح هذا مستقبلا نفقد فيه كل المكاسب التي حصلنا عليها من العولمة".
واتفق كينيث كانغ نائب مدير إدارة منطقة آسيا والمحيط الهادئ في صندوق النقد الدولي خلال مقابلة مكتوبة أجرتها معه"شينخوا" مؤخرا، اتفق مع تصريحات جوبيناث، وقال إنه يتعين على الدول تجنب فرض قيود تجارية على المنتجات الطبية والصحية للتأكد من أنها تذهب إلى حيث تشتد الحاجة إليها.
وقال كانغ إن "البلدان ذات القدرات والموارد الصحية المحدودة ستحتاج إلى مساعدات دولية للاستعداد لمواجهة هذا المرض والتغلب عليه"، مضيفا أن "حالة الطوارئ الصحية هذه هي تذكرة قوية بالحاجة إلى تنسيق السياسات والتضامن في ظل عالم مترابط".
وذكر المسؤول في صندوق النقد الدولي إنه يتعين على الدول التعاون في الحد من الحواجز الجمركية وغير الجمركية التي تعوق التجارة والاستثمار عبر الحدود وتعزيز سلاسل التوريد العالمية مع ترسخ عملية التعافي.
ومن جانبه، صرح تشانغ تاو نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، لـ"شينخوا" بأنه يأمل أن تعمل سلاسل التوريد هذه بأفضل ما يمكنها لتعظيم الإنتاج والعرض العالميين، وهو ما يجعل من التعاون العالمي "أمرا ضروريا".
وقال تشانغ إنه "اليوم أكثر من أي وقت مضى، سيستفيد الاقتصاد العالمي من نظام تجاري دولي يتسم بكونه قائم على القواعد وأكثر انفتاحا واستقرار وشفافية".
ومن ناحية أخرى، ذكر رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في مؤتمر صحفي افتراضي يوم الجمعة إن الدول الكبرى بحاجة إلى أن تخطو خطوة للأمام بتعهدها بعدم استخدام الأزمة كسبب لإغلاق الأسواق أو عرقلة الوصول إليها.
وقال مالباس "يجب أن نسمح بعمل الأسواق، وبتنظيف الأسواق، وبوصول الإمدادات إلى من هم في أمس الحاجة إليها"، مضيفا أن الصين تصدر الإمدادات الطبية إلى بقية العالم، وهو أمر "مرحب به للغاية".
جاءت دعوة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتجارة الحرة مع تزايد مشاعر الحمائية في جميع أنحاء العالم وسط الجائحة. فقد فرضت 54 حكومة حوالي 46 من القيود على صادرات الإمدادات الطبية منذ بداية العام، حسبما ذكر تقرير نشره يوم 23 مارس (مرصد التجارة العالمي)، وهو مبادرة لمراقبة السياسات التجارية.
وأظهر التقرير أن 33 من تلك القيود المفروضة على الصادرات أُعلنت منذ بداية مارس، "وهو مؤشر على مدى سرعة انتشار القيود التجارية الجديدة في جميع أنحاء العالم".
وقال آديتا ماتو، كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بالبنك الدولي، إنه من المفهوم بعض الشئ أن تفرض الدول قيودا على الصادرات. لكن هذه الإجراءات "تؤدي غالبا إلى نتائج عكسية".
وذكر ماتو، في اتصال صحفي أجرى مؤخرا، ردا على سؤال من "شينخوا" "إذا فرضت كل دولة قيودا، فإن الأسعار العالمية ترتفع أكثر مما قد يكون. ويمكن أن ينتهي الأمر إلى سياسة هزيمة الذات".
كما أشار الخبير الاقتصادي في البنك الدولي إلى أن مثل هذه الإجراءات ستضرب تلك البلدان التي تعتمد على الإمدادات الطبية التي تشتد الحاجة إليها، وخاصة الدول الفقيرة، التي تستورد الكثير من الأدوية وأجهزة التهوية والأقنعة.
وعلى الرغم من ذلك، قال جيفري ساكس أستاذ الاقتصاد الشهير بجامعة كولومبيا لـ"شينخوا" أنه يعتقد أنه ستكون هناك المزيد من الحمائية في الدول الغربية، في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
وأشار ساكس، وهو أيضا مستشار كبير بالأمم المتحدة، إلى أنه سيتعين على الصين العمل بجد لتأمين سلاسل الإمداد طويلة الأجل والتجارة البينية، بما في ذلك مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) وإفريقيا وأمريكا الجنوبية.
وأضاف ساكس "أعتقد أنه يتعين على الصين واليابان وكوريا (الجنوبية) والآسيان العمل بجد من أجل تحقيق تعافي سريع وفتح للتجارة فيما بينهم"، مضيفا أن "شرق آسيا يمكن أن يعود لنشاطها التجاري لأن شرق آسيا لم تفقد السيطرة على الجائحة".
وبينما يسير الاقتصاد العالمي في مسار نحو الانكماش "بشكل حاد" وذلك بنسبة 3 في المائة هذا العام بسبب الجائحة، سلطت كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي الضوء على أهمية الحفاظ على انفتاح التجارة في سياق التعافي العالمي.
وقالت جوبيناث إن "العالم يحتاج إلى تعافي سليم. إنه يحتاج إلى تعافي قوي. ولن يتحقق ذلك إذا تراجع العالم عن العولمة لأن ذلك سيقلل بشدة من الإنتاجية في العالم"، مضيفة "وهذا آخر شيء نريده في الوقت الراهن".