لا عزلة بدون مللٍ .. فالعزلة بين حيطان أراها تضحك من صمتها المجنون؛ تجعلني ضحكاتها ألملم أفكاري بصمت، لكتابة نصّ عن امرأة رحلت تحت المطرِ لسببٍ مجهول، كأن حيطان الغرفة تحاورني بضحكاتها لتبديد الملل..
ألملم أفكاري على وقع موت الشارع، الذي يخلو من ضوضائه.. أنظر من النافذة المغبّرة من مطر خماسيني سقط على حين غرة. لا احد في الشارع، فالناس خائفون من فيروس صغير.. أعود إلى أريكتي الممزقة منذ زمن، أجمع أفكاري مرة أخرى لكتابة نصّ حزين عن امرأةٍ لم تقل لي أي كلام قبل رحيلها تحت المطر..
الصمت يؤنسني بين تلك الحيطان الضاحكة، التي تعمّدتُ أن تكون خالية من الصور.. أرتب أفكاري أخيرا في عقلي المشوّش.. أمسك موبايلي الذّكي لكتابة النّصّ، ليس هناك أجمل من كتابة النصوص في العزلة؛ بعيدا عن الضوضاء.. انتهي من كتابة النّصّ وأقرؤه مرتين بعيني المتعبتيْن ..
أعود للنظر من النافذة لا أحد هناك في الشارع.. المشهد موحش لا حركة في الشارع، وكأنّ النّاسَ رحلوا منذ زمنٍ من هذه الحارة، التي لم تعد تشبهها البتة. أشعلُ سيجارتي الأخيرة، وأنفث دخانها في الهواء.. أعود إلى أريكتي وأنظر إلى النّصّ، لا شيء غريب في النص .. أرسل نصي لمواقع إليكترونية لتنشره..
أعود إلى أريكتي المحتاجة لتنجيدٍ، وأغطّ في نوم عميق.. أحلم في نومي بأنني كتبتُ نصّا عن امرأة لا أدري مكانها .. أستيقظ وابحث في موبايلي عن النص، لكنني لم أجده.. أقول: يخيّل لي بأنني كتبت نصّا عن امرأة، وحيطان الغرفة الضاحكة شاهدة على توتّري، وقتما كنتُ أردّد اسمها..
عطا الله شاهين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت