عثمان بن عفان
هَـدَى اللهُ عُـثْمَانَ الصَّـفِىَّ بِقَولِهِ فَأَرْشَدَهُ وَاللهُ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ فَـتـَابَـعَ بِـالـرَّأْيِ السَـدِيدِ مُحَـمَّدًا وَكَانَ ابْن أَرْوَى لَا يَصُدُّ عَنِ الحَقِّ وَأَنْكَحَهُ المَبْعُوثُ إِحْــدَى بَنَــاتِهِ فَكَانَ كَبَدْرٍ مَازَجَ الشَّمْسَ فِي الأُفْقِ فِدَاؤُكَ يا ابْنَ الهَاشِميينَ مُهْجَتِي فَأَنْتَ أَمِينُ اللهِ أُرْسِلْتَ فِي الخَلْقِ هذا الحيِيّ الكريم الأمين لا سرق ولا زنى ولا حتى تغنّى ولا تمنى قبل الإسلام وبعده، الصابر المحتسب الشهيد، سفير النبيِّ يوم الحديبية ووزيره وحامل سره وملاذ الناس إذا زاد العناء واشتد البلاء، ثالث الخلفاء وجامع القرآن على حرف واحد، فاتح الأمصار وراسم سياسة الأمة ومدبر أمورها، أول من أرسل الجند إلى البحر والسد المنيع أمام الفتنة بين المسلمين وسفك الدماء.
كان رجلا عاقلا وتاجرا ماهرا وكانت نفسه تأبى ما يرى من قومه مما يندى له جبين الحر وتشمئز منه نفس الكريم، يأبى شرب الخمر والزنى وغيرها مما انتشر بين شباب مكة وشيبها، ولعله أحب التجارة والسفر بعيدا عن مكة رغم شوقه للمسجد الحرام وتوقيره له، وفي طريق عودته من الشام بين معان والزرقاء غلب على الناس النعاس وقبل أن تداعب الشمس الوجوه سمعوا صوتا تغلغل إلى نفوسهم يقول: "أيها النيام هبوا، فإن أحمد قد خرج بمكة"، نسي الناس لكن عثمان ما نسي وبقي هذا الصوت يداعب خياله.
وصل عثمان مكة وسبقته نفسه للحرم المكي ينشد الراحة والسكينة، "إيه يا بيت الله الحرام عجبت كيف تطمئن بك النفس وتسكن الروح وحولك الظلم يرتع والسفاهة تنتشر"، وقطع أفكاره حديث الناس حوله بأن محمدا بن عبد الله قد زوج ابنته رقية لابن عمه عتبة بن أبي لهب، "لو أن الله قدر ما تركت امرأة مثلها حسنٌ وخلقٌ ونسب ولكن لله في خلقه شؤون"، وقام عثمان ليزور أمه معاتبا لها أن لم تسع لها زوجةً له وجدته لأمه هي البيضاء بنت عبد المطلب عمة محمد، فوجد هناك خالته سعدى بنت كرز فحياهم وجلس وحين لمحت خالته في عينه الكلام قالت: "أَبْشِرْ وَحُيِّيتُ ثَلَاثًا وِتْرَا ثُمَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا أُخْرَى ثُمَّ بِأُخْرَى كَيْ تُتِمَّ عَشْرًا لقِيتَ خَيْرًا وَوُقِيتَ شَرًّا نَكَحْتَ وَاللهِ حَصَانًا زَهْرَا وَأَنْتَ بِكْرٌ وَلِقَيتَ بِكْرَا"، فتعجب من قولها فقالت:"عُثْمَانُ يَا عُثْمَانُ يَا عُثْمَانُ لَكَ الجَمَالُ وَلَكَ الشَّان هَذَا نَبِيٌّ مَعَهُ البُرْهَانُ أَرْسَلَهُ بِحَقِّهِ الدَّيَّانُ وَجَاءَهُ التَّنْزِيلُ وَالفُرْقَانُ فاتبعه لَا تغيا (تغرر) بِكَ الأَوْثَان" وتكلمت خالته عن نبي يبعث يكون له المجد والنصر.
وخرج عثمان يبحث عن رفيق الدرب والصديق الصدوق يحدثه بما في نفسه فوجده حيرانا هو الآخر وكأنما يستعد لمعركة لا نجاة منها إلا بنصرة جميع الآلهة معا؛ عثمان: ما بالك يا أبا بكر، ما ذلك الأمر العظيم الذي يشغلك. أبو بكر: أمر فتحت فيه أبواب السماء وأمطرت رحمة على من اختاره الله يا عثمان.
عثمان: وما ذاك، حسبت بأنني قد أتيتك بأمر عظيم، فإذا أنت تدهشني بحق الآلهة أبو بكر: "ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟" عثمان: بلى واللَّه إنها كذلك. أبو بكر: هذا محمد بن عبد الله قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ عثمان: "نعم" وفي الحال مرَّ رسول اللَّه فقال: "يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه"، عثمان: فما أقول أبو بكر: قل أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبد الله ورسوله. فكان عثمان ذو النورين رابع من أسلم وسيد من سادات المسلمين.
أسامة نجاتي سدر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت