مقدمة
يصدر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" العضو الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية هذه الورقة حول التمديد الثاني المحتمل لإعلان حالة الطوارئ في فلسطين ، والتي ستنتهي بتاريخ 5/5/2020، ضمن سلسلة أوراق خاصة أطلقها في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، تتضمن الورقة مقدمة حول الإعلان والتمديد الأول مرفق بمرسوم التمديد من جريدة الوقائع الرسمية، والإطار القانوني الوطني الناظم لحالة الطوارئ في فلسطين ممثلاً بالقانون الأساسي والدولي ممثلاً بالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقراءة لمدى قانونية إعلان الطوارئ، والتمديد الأول، وسيناريوهات ما بعد انتهاء التمديد الأول - لا جدوى من تمديد ثاني، وأخيراً موقف مركز "شمس".
بتاريخ 5/3/2020 أعلن الرئيس محمود عباس حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية لمدة شهر، عبر المرسوم الرئاسي رقم (1) لسنة 2020 في مساعي لمواجهة جائحة كورونا، وذلك استناداً للنظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية وللقانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، ولا سيما أحكام الباب السابع منه، جاء في المرسوم: "تتولى جهات الاختصاص اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواجهة المخاطر الناتجة عن فيروس كورونا وحماية الصحة العامة وتحقيق الأمن والاستقرار، وتكون حالة الطوارئ هذه لمدة 30 يومًا، ويخول رئيس الوزراء بالصلاحيات والاختصاصات اللازمة لتحقيق غايات هذا الإعلان كافةً".
على إثر هذا الإعلان اتخذت الحكومة مجموعة من القرارات والإجراءات الوقائية لمنع تفشي الفيروس، على النحو التالي:
- إعلان حالة الطوارئ القصوى في جميع الأراضي الفلسطينية لمدة شهر كامل
- منع الحركة بين المحافظات إلا في الحالات القصوى والضرورية
- إغلاق كافة المناطق السياسية والدينية
- إغلاق كافة المرافق التعليمية من مدارس وجامعات ومعاهد ورياض الأطفال لمدة شهر كامل
- إلغاء كافة الحجوزات للسياح في الفنادق
- ندرس إغلاق المعابر والحدود مع العالم
- إلغاء كافة المؤتمرات في فلسطين
- تمنع الإضرابات والتحركات الجماهيرية في كافة محافظات الوطن
- يمنع أي تصريحات إعلامية من أي مسؤول إلا من يخوله رئيس الوزراء
- سيتم نشر قوى الأمن بكافة تجهيزاتها بكافة المحافظات
جرى تمديد إعلان حالة الطوارئ لاحقاً لمدة شهر أخر ينتهي بتاريخ 5/5/2020 عبر المرسوم الرئاسي رقم (3) لسنة 2020 والذي صدر عن الرئيس محمود عباس بناء على توصية رئيس الوزراء محمد اشتية، والذي استند على توصيات اللجنة الصحية ولجنة الطوارئ الوطنية الخاصتان بإدارة ومتابعة مواجهة فيروس كورونا في فلسطين. وهو ما رافقه جدلاً مدنياً وقانونياً واسعاً حول مدى دستورية الخطوة والحاجة الضرورية إليها في ظل توفر بدائل تشريعية يتيحها النظام القانوني الفلسطيني وهو الأمر المحتمل تكرر حدوثه مع مشارفة مدة التمديد الأول على الانتهاء. أدناه قرار التمديد مأخوذاً من العدد (166) من جريدة الوقائع الرسمية.
الإطار القانوني الوطني الناظم لحالة الطوارئ في فلسطين
نظم القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 والذي يعتبر بمثابة الدستور، حالة الطوارئ في ثلاثة مواد أساسية هي على النحو التالي:
مادة (110) - إعلان حالة الطوارئ
- عند وجود تهديد للأمن القومي بسبب حرب أو غزو أو عصيان مسلح أو حدوث كارثة طبيعية يجوز إعلان حالة الطوارئ بمرسوم من رئيس السلطة الوطنية لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً.
- يجوز تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً أخرى بعد موافقة المجلس التشريعي الفلسطيني بأغلبية ثلثي أعضائه.
- يجب أن ينص مرسوم إعلان حالة الطوارئ بوضوح على الهدف والمنطقة التي يشملها والفترة الزمنية.
- يحق للمجلس التشريعي أن يراجع الإجراءات والتدابير كلها أو بعضها التي اتخذت أثناء حالة الطوارئ وذلك لدى أول اجتماع عند المجلس عقب إعلان حالة الطوارئ أو في جلسة التمديد أيهما أسبق وإجراء الاستجواب اللازم بهذا الشأن.
مادة (111) - تقييد فرض القيود على الحقوق والحريات
لا يجوز فرض قيود على الحقوق والحريات الأساسية إلا بالقدر الضروري لتحقيق الهدف المعلن في مرسوم إعلان حالة الطوارئ.
مادة (112) - الاعتقال في حالة الطوارئ
يجب أن يخضع أيّ اعتقال ينتج عن إعلان حالة الطوارئ للمتطلبات الدنيا التالية:
- أي تـوقيف يتم بمقتضى مرسوم إعلان حالة الطوارئ يراجع من قبل النائب العام أو المحكمة المختصة خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ التوقيف.
- يحق للموقوف أن يوكل محامياً يختاره
الإطار القانوني الدولي الناظم لحالة الطوارئ في فلسطين
انضمت دولة فلسطين في نيسان 2014 إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي نظمت أحكامه إعلان حالة الطوارئ وفرضت قيود على الدول المتعاقدة في هذا الإطار، إذ نصت المادة (4) من العهد على أن:
- في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
- لا يجيز هذا النص أي مخالفة لأحكام المواد 6 و7 و8 (الفقرتين 1 و 2) و11 و15 و16 و18.
- على أية دولة طرف في هذا العهد استخدمت حق عدم التقيد أن تُعلم الدول الأطراف الأخرى فورا، عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، بالأحكام التي لم تتقيد بها وبالأسباب التي دفعتها إلى ذلك. وعليها، في التاريخ الذي تنهى فيه عدم التقيد، أن تعلمها بذلك مرة أخرى وبالطريق ذاته.
وبالرغم من ضبابية مكانة الاتفاقيات والمعاهدات والصكوك الدولية في النظام القانوني الفلسطيني، سيما في ظل عدم تطرق القانون الأساسي لمكانتها والاكتفاء بالإشارة في مادته رقم (10) إلى ضرورة أن تعمل السلطة الوطنية دون إبطاء على الانضمام إلى الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي حقوق الإنسان، وإشكالية عدم النشر في الجريدة الرسمية كي تأخذ الاتفاقيات حيزها الطبيعي والواضح، وقرار المحكمة الدستورية التفسيري الصادر بتاريخ 12 مارس 2018 في الطلب رقم (2) لسنة (3) قضائية المثير للجدل والذي قرر سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الداخلية ولكن ربطت ذلك بما يتواءم مع المصطلحات الفضفاضة المتمثلة بالهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني وعليه تكون قد أخذت باليسار ما قدمته باليمين وأعادتنا لمربع الجدل الأول، إلا أن الثابت هو أن القانون الدولي يسمو على القانون الوطني.
لقد جاءت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969 و1986 لتؤسس لإلزامية المعاهدات الدولية على ثلاث مبادئ انتقلت بالاتفاقية من دائرة العرف إلى المكتوب، وعليه تكون ملزمة عرفاً إذا لم تكن ملزمة كمعاهدة مكتوبة للدول غير الموقعة عليها، ولا تناقض بين الوضعين بل تكامل وإغلاق، المبدأ الأول هو العقد شريعة المتعاقدين، والثاني هو مبدأ حسن النية، والثالث هو مبدأ سمو أولوية الالتزامات الدولية على الالتزامات الناشئة عن القانون الوطني، وهو مبدأ ثابت وراسخ نادى به الفقه واعترفت به الدول وحكمت به المحاكم الدولية منذ زمن بعيد ولم يعد اليوم محل نقاش أو مثار جدل بين أنصار مذهب الوحدة وأنصار مذهب الثنائية كما في السابق، حتى لو كان التعارض مع دستور الدولة.
وفي هذه الحالة يتوافق القانون الوطني (القانون الأساسي) مع القانون الدولي (العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) في أن تمديد حالة الطوارئ هو مخالفة للإطارين.
قراءة لمدى قانونية إعلان حالة الطوارئ بتاريخ 5/3/2020
نصت المادة (110) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 على أن من شروط ومبررات ومسببات إعلان حالة الطوارئ وجود تهديد للأمن القومي وعددت أركان هذا التهديد والتي من ضمنها حدوث كارثة طبيعية، وهو وصف ينطبق على حالة تفشي فيروس كورونا إذ صنفته منظمة الصحة العالمي كجائحة ووباء عالمي. كما اشترطت المادة كما يفهم من ظاهرها الصريح أن يتم إعلان الطوارئ عبر مرسوم صادر عن رئيس السلطة الوطنية، وقد جرى الإعلان عبر مرسوم رئاسي رقم (1) لسنة 2020، وأن يتضمن المرسوم بوضوح الهدف وقد جاء في مادته الأولى لمواجهة تفشي فيروس كورونا أي أنه التزم بإعلان الهدف، واشترط القانون الأساسي أن يشمل المرسوم المنطقة والمدة الزمنية، وقد حددت جغرافيا التشريع بكافة الأراضي الفلسطينية وفترته الزمنية (30) يوماً بما لا يتجاوز الشروط الدستورية التي وضعها المشرع الدستوري الفلسطيني. وعليه وفقاً للقراءة العامة يكون إعلان حالة الطوارئ في 5/3/2020 قد وافق القانون الأساسي المعدل لسنة 2003. سيما أنه لم يلاحظ مؤشرات جدية على انتهاك واسع وممنهج للحريات وحقوق الإنسان باستغلال لحالة الطوارئ، كما جاءت قيود الحركة والتنقل لمواجهة الوباء في انضباط بنص المادة (111) من القانون الأساسي.
قراءة لمدى قانونية تمديد حالة الطوارئ الأول بتاريخ 5/4/2020
ترافق إعلان تمديد حالة الطوارئ لمدة (30) يوم بتاريخ 5/4/2020 مع حالة جدل واسعة النطاق في الحقلين المدني والقانوني. بالرجوع إلى القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 فإنه يجوز تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً أخرى في حالة واحدة، هي بعد موافقة المجلس التشريعي الفلسطيني بأغلبية ثلثي أعضائه، ولم ينص صريح المادة على بدائل لغياب المجلس التشريعي الذي يشكل عقبة ومعلم يعكس أزمة عميقة تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني برمته. إذ أدى الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس في تموز 2007 إلى تعطيل عمل المجلس والإطاحة به وشل قدرته على ممارسة دوره التشريعي والرقابي الأصيل وفقاً للقانون الأساسي المعدل لسنة 2003، وهو ما عمق فقدان أهم أداة رسمية رقابية ومساءِلة ومحاسِبة على أداء السلطة التنفيذية سواء الرئاسة أو الحكومة أو المؤسسة الأمنية.
وترسخ غياب البرلمان كأمر واقع. إلى إن أعلن الرئيس الفلسطيني في 22/12/2018 بأن المحكمة الدستورية قررت في قرارها التفسيري رقم (10/2018) بتاريخ 12/12/2018 حل المجلس التشريعي وإجراء الانتخابات التشريعية خلال (6) أشهر. وهو القرار التفسيري الذي جرى الالتزام بشقه الأول فقط المتعلق بالحل، دون إجراء الانتخابات الاستحقاق منذ 14 عاماً، وعليه ودون الخوض في مدى حدود صلاحيات المحكمة الدستورية فيما يتعلق بالحل والتفسير، ومدى توافقه مع قرار تفسيري سابق رقم (3/2016) صادر عن المحكمة ذاتها مدد ولاية أعضاء المجلس التشريعي إلى حين إجراء انتخابات جديدة، ومدى قوة التسبيب في القرار التفسيري بحل المجلس، ومدى متانة إجراءات إنشاء المحكمة من الأساس، فإن تغييب المجلس التشريعي الذي هو الجهة الوحيدة المخولة بالموافقة على التمديد وبأغلبية الثلثين من أعضاءه، يجعل خطوة التمديد الأول بتاريخ 5/4/2020 غير دستورية بالمطلق.
سيناريوهات ما بعد انتهاء فترة التمديد الأول بتاريخ 5/5/2020 – لا جدوى من تمديد ثاني
توشك فترة الثلاثين يوما الممددة لإعلان حالة الطوارئ على الانتهاء بتاريخ 5/5/2020، وبالرغم من وجود مؤشرات إلى اتجاه نية السلطة التنفيذية لعدم التمديد بما في ذلك قرار سلطة النقد الفلسطينية إعادة العمل بنظام الشيكات المرتجعة في السوق المحلية اعتباراً من 4/5/2020 كما كان عليه الحال قبل الأزمة، إلا أنه لا يمكن اعتبار ذلك تصريح واضح بعدم التوجه نحو تمديد ثاني، وفي الوقت الذي اشترط القانون الأساسي أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي للتمديد لمرة واحدة، فإنه لم يتطرق من حيث المبدأ لاحتمالية التمديد لمرة أخرى من الأساس، ما يجعل هذه الخطوة غير دستورية في حال تمت، وهو ما يتطلب قراءة السيناريوهات والبدائل والتي يمكن تلخيصها على النحو التالي:
- إصدار قرار بقانون عوضاً عن مرسوم: على الرغم من اشتراط ظاهر الفقرة (1) من المادة (110) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 أن يجري إعلان حالة الطوارئ عبر مرسوم، إلا أن المادة (43) من القانون الأساسي منحت رئيس السلطة الوطنية حق إصدار قرارات لها قوة القانون في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير وفي غير انعقاد أدوار المجلس التشريعي. إلا أن حالة الضرورة تنطبق على تفشي فيروس كورونا، وكذلك شرط غياب المجلس التشريعي في السياق السياسي الراهن، وبالرغم من أن المراسيم الرئاسية تقع في مرتبة التشريع الفرعي – الثانوي في الهرم التشريعي باعتباره اختصاص تشريعي أصيل للسلطة التنفيذية، ولا يصل قوة التشريع العادي الصادر عن البرلمان والذي يعتبر اختصاصه الأصيل، وبالرغم من عدم الاعتقاد بأن تطبيق القاعدة الفقهية بأن من يملك الأكثر فإنه من باب أولى يملك الأقل متسق في هذا السياق. إلا أن إصدار قرار بقانون يتضمن شروط حالة الطوارئ سيشكل ضرر أقل من إصدار مرسوم آخر بالتمديد.
- الانتظار لساعات ومن ثم إعلان حالة الطوارئ بمرسوم جديد: أحد السيناريوهات المطروحة هو قطع المدة، بانتظار انتهاء الحالة لساعات (24 ساعة مثلاً أو أقل) من ثم الذهاب إلى إصدار مرسوم رئاسي جديد بإعلان طوارئ جديد، وهي خطوة وإن اعتبرت أقل انتهاكاً للدستور إلا أنه قد يفهم منها أنها تحايلاً عليه وعلى إرادة المشرع الدستوري، وهو ما سينتقص من هيبة ومكانة وسمو الدستور في ضمير المتعاقدين الجمعي. وفي البدائل ما يجنب المفاضلة بين الخطوات الأقل انتهاك.
- اللجوء إلى التشريعات العادية: من الجيد أن التشريعات الفلسطينية العادية غنية بما يمكن استخدامه للقيام بحالة حجر صحي وإجراءات سلامة عامة واسعة بالاستناد عليها، في هذا الصدد يبرز قانونين مهمين هما قانون الصحة العامة رقم (20) لسنة 2004 والذي نصت المادة رقم (14) منه على أن: "بقرار من الوزير، للوزارة فرض الحجر الصحي في فلسطين لمنع انتقال الأمراض الوبائية منها وإليها". ومنح القانون الوزارة بالتنسيق مع الجهات المختصة في المادة رقم (9) منه صلاحية مكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية والوراثية بالوسائل كافة. وبالربط مع قانون الدفاع المدني الفلسطيني رقم (3) لسنة 1998 التعريفية والتي نصت على أن الدفاع المدني هو: "مجموعة الإجراءات الضرورية لوقاية المدنيين وممتلكاتهم وتأمين سلامة المواصلات بأنواعها وضمان سير العمل بانتظام في المرافق العامة، وحماية المباني والمنشآت والمؤسسات العامة والخاصة سواء من أخطار الغارات الجوية وغيرها من الأعمال الحربية أو من أخطار الكوارث الطبيعية أو الحرائق أو الإنقاذ البحري أو أي أخطار أخرى". كما يحتوي القانون المذكور أحكاماً أخرى منحت صلاحيات واسعة لوزير الداخلية – رئيس الوزراء حالياً، بتنفيذ كل الإجراءات اللازمة بما في ذلك وضع اليد على المواد التموينية والغذائية وعلى وسائل النقل والمواصلات وتقييد الحركة وضبط دوام ومغادرة الموظفين العاملين في القطاعات الصحية والصناعية والغذائية والعمومية وقطاع النقل وغيره. بالإضافة إلى أحكام قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 الأردني النافذ. وعليه تشكل هذه التشريعات العادية مروحة قانونية تكفي لمواجهة الجائحة دون المس بالقانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وسموه.
- الاستمرار في بعض ممارسات تقييد الحركة دون الإعلان عن حالة الطوارئ: على مدى الأيام الأخيرة راكمت المؤسسة الأمنية رصيد إيجابي عبر التعامل المرن والمنضبط مع المواطنين على الحواجز وخلال ساعات تقييد الحركة وتقديمها المساعدات في بعض المناطق، وفي ظل وجود تهديد جدي وواضح مثل فيروس كورونا، قد يتفهم المواطنين الفلسطينيين استمرار إجراءات تقييد الحركة ومنع التنقل للصالح العام سيما أنهم أبدوا مسؤولية عالية خاصة في الأيام الأولى لتفشي الفيروس، الأمر الذي من شأنه أن يسحب مبررات تمديد حالة الطوارئ أو قطع المدة والإعلان مجدداً الذي قد يفهم تحايل على القانون، وهو في الوقت عينه – أي استمرار ببعض الممارسات الضرورية دون الإعلان عن التمديد - سيريح المجتمع الفلسطيني والمنظمات المدنية من خشية التعسف في استخدام إعلان حالة الطوارئ لتقييد الحقوق والحريات العامة في مرحلة ما، وما قد يشكله ذلك من خطر على ضمانات المحاكمة العادلة أو استغلال للطوارئ المعلنة لمواجهة الجائحة لتحقيق غايات أبعد من الغاية الصحية، وعليه سيوازن هذا السيناريو بين حصر الممارسات في تقييد الحركة ومنع التنقل والإغلاق وسياسات التباعد الاجتماعي، ويخرج من إطار الاستهداف المحتمل الحقوق والحريات العامة.
وعليه نرى في مركز "شمس" أن السيناريو الأسلم هو الثالث أو الرابع، وأن القانون الأساسي الفلسطيني ينبغي أن يبقى مصانا وأن لا يتم المساس به أو تمرير أو تبرير انتهاكه تحت أي ظرف من الظروف، سيما أن البدائل التشريعية متوفرة وفي النظام القانوني الفلسطيني ما يكفي وما يغني عن وضع الحق في الصحة في مفاضلة أمام سمو الدستور ومبدأ سيادة القانون. ونطالب السلطة التنفيذية بوضوح بعدم التمديد وإنهاء حالة الطوارئ المعلنة احتراماً لأحكام القانون الأساسي التي لا تقبل اجتهاد في مورد نصها الواضح.