عبد الرحمن بن عوف
إن كان المال يَطغي ضعاف النفوس ويمنع من متابعة الحق فصحابيّنا علمٌ لا ينطبق عليه هذا القول، طوّع نفسه ليكون المال وسيلةً يرتفع بها حتى يكون نجما ًفي سماء الحق ونوراً يستضاء به، أما الدنيا فرضخت له وأصبحت كالصلصال بين يديه يطوّعها ليبني له قصورا في الفردوس، ويسمو حتى يفتقده الرسول بين صحابته في الجنة .
تاجر في الجاهلية والإسلام يعلم من أين تؤتى الكتف أقسم أنه لو رفع حجراً لرزقه الله تحته فضة أو ذهبا، صاحب همةٍ لا يوقفها كثرة المال ولا الجاه حتى انتقم من قاتل أبيه في سوق عكاظ، دله عليه صديقه عثمان بن عفان، وصاحب خلق رفيع جعله يحرم على نفسه الخمر قبل الإسلام، عذبه الناس بعد الإسلام حتى هاجر إلى الحبشة ثم هاجر إلى يثرب خالي الوفاض ليس معه إلا الله وحنكته في التجارة.
كانت اليمن أقرب إلى نفسه وأكثر ربحا في تجارته، وقد كان له صديق مسن اعتاد على زيارته كلما أراد العودة لوطنه، وفي كل مرة كان يسأله إن سطع نور الله في مكة أو اهتزت لأمر جلل، وفي آخر مرة قال له اذكر نسبك في قومك فأخبره أنه عبد عمرو أو عبد الحارث أو عبد الكعبة بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب، قال: "حسبُك". قال: "ألا أبشِّرك ببشارة، وهي خير لك من التجارة؟" قلت: "بلى"، قال:" إن الله قد بعث من قومك نبيًّا ارتضاه صفيًّا، وأنزل عليه كتابًا وفيًّا، ينهى عن الأصنام، ويدعو إلى الإسلام، يأمر بالحقِّ ويفعله، وينهى عن الباطل ويبطله، وهو من بني هاشم، وإنَّ قومَك لأَخْوَاله، يا عبد الرحمن، وازِرْهُ وصَدِّقه".
أسامة نجاتي سدر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت