الحصار و«كورونا» يلاحقان مزارعي قطاع غزة

«الوباء أشد صعوبة من الحصار»، هذا ما عبر به المزارعون في قطاع غزة عن حالهم خلال فترة الطوارئ التي عايشوها منذ بدء انتشار جائحة فيروس كورونا، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع الزراعي ظروفاً صعبةً للغاية، مع استمرار إغلاق المعابر الحدودية بين القطاع ومصر، وتوقف حركة التصدير للخارج، ما جعل نحو 25 ألف مزارع فلسطيني مهددين بتوقف عملهم.

ومنذ بداية الحصار الإسرائيلي على غزة والقطاع الزراعي يعاني من قيود إغلاق المعابر، في الوقت الذي يتعرض فيه المزارعون من انتهاكات مستمرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يقوم بتجريف مساحات واسعة من الأراضي والمحاصيل الزراعية ورشها بالمبيدات، «وما زاد الطين بله» هو قٌدوم جائحة كورونا وتأثيرها على المحصول الزراعي بشكل كبير.

أحد المزارعين المتضررين قال: «إنه بدأ في زراعة الزهور في شهر سبتمبر/كانون أول من العام الماضي على أمل إنتاج المحصول مع بداية موسم حصاره، والتي تتكاثر في فصلي الربيع والصيف، والمناسبات الاجتماعية، إلا أن هذا الانتظار ذهب أدراج الرياح فبدل من أن يتم عرض الورود في باقات لبيعها في هذه الأوقات والمناسبات تم إتلافها للماشية». وأوضح أن هناك جزء كبير من المنتجات لا تباع في شهري كانون ثاني وشباط، لكنه يوجد أفواج منها يتم بيعها في شهر نيسان وأيار بالضفة الفلسطينية، والآن بدأنا بإتلافها والتخلص منها لأنها أصبحت غير مناسبة للبيع.

وشدد قائلاً: «أصبحت غير قادر على تغطيه أجور وتكاليف العاملين لدي، ولن أقوم بالزراعة مرة أخرى في الموسم القادم، وسأبقى في حالة ترقب وانتظار لمعرفة إلى ما ستؤول إليه الأمور في ظل كورونا».

تعويض الخسائر

وقال الناطق باسم وزارة الزراعة بغزة أدهم البسيوني، إن «قطاع الورود هو جزء من القطاع الزراعي الذي تضرر بسبب جائحة كورونا، نظراً لاعتماده بشكل أساسي على الحركة الشرائية المحلية»، مضيفاً أنه «لم يعد هناك طلب عليها، لاسيما بعد إغلاق صالات الأفراح والمناسبات والمهرجانات العامة، ما سبب تدنياً في الأسعار وخسائر كبيرة لدى المزارعين نتيجة إتلافها».

وأوضح البسيوني أن مساحة الأراضي المزروعة بأصناف الزهور في قطاع غزة تقلّصت إلى 11 دونماً حيث كان يُنتج قرابة 20 ألف زهرة خلال الموسم، منوهاً إلى أن ضخ المياه العادمة على الأراضي الزراعية شرق قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال ساهم هو الآخر في تدمير آلاف الشتلات من الورود ناهيك عن توقف التصدير للخارج بفعل الحصار، وقدوم جائحة كورونا والتي زادت الأمر تعقيداً حيث بلغ حجم خسائر هذا القطاع قرابة المليون دولار.

وعن كيفية دعم هذا المنتج المتضرر، قال البسيوني: «تم إدراج المزارعين ضمن المنحة الحكومية بهدف تمويلهم من لجنة العمل الحكومي وتعويض خسارتهم الإنتاجية، وهناك خطة للتواصل مع الجهات الدولية لوضع إستراتيجية مشاريع في القطاع الزراعي ومن ضمنها مزارعي الورود». وفي الإطار ذاته أعلن وكيل وزارة الزراعة بغزة إبراهيم القدرة عن صرف مليون دولار لدعم صمود المزارعين بواقع 600 ألف دولار لقطاع الزراعة، و400 ألف دولار لقطاع الدواجن، لأجل تجاوز أزمة جائحة كورونا.

وعن مدى سير خط الإنتاج الزراعي في ظل حالة الطوارئ، أكد البسيوني أن خط الإنتاج الزراعي يسير بمعزل عن وباء كورونا، وكل المنتجات متوفرة منذ بداية فرض الحجر الصحي، والأسعار في الأسواق أغلبها متدنية، باستثناء بعض المنتجات الأخرى التي ما زالت محافظة على أسعارها، مُشيراً إلى أن منتجات اللحوم والدجاج اللاحم والأسماك ستبقى على نفس الأسعار حتى خلال شهر رمضان دون تغيير.

وأكد البسيوني أن وزارة الزراعة تضع خطاً تسويقياً واضحاً للأسعار ليعود بالفائدة على المزارع الفلسطيني، وفي حال تجاوزه تتدخل الوزارة لوضع حد معين له والتحكم فيه بما يتناسب مع الظروف الحالية والقدرة الشرائية للمواطنين. مضيفاً: «المحاصيل التي تضررت بفعل رش المبيدات هي القمح والشعير ونظراً لأنها تأخذ وقت طويل لحصادها فإنها تذهب للماشية، وبالتالي لن يتضرر منها المواطنين».

تقلبات مناخية

يذكر أن وزارة الزراعة بغزة دعت مؤخراً مربيي الدواجن لترخيص مزارعهم مجاناً خاصة وأن التربية العشوائية مكلفة للمزارعين وخسائرها باهظة، وعلق البسيوني على ذلك قائلاً: «هذه الحملة مجانية، ولا يوجد لها استحقاق، والمطلوب من المزارع هو التقدم بطلب الترخيص حيث تخرج بعد ذلك اللجنة الفنية لتقوم بمعايرة المزرعة وتضبط المواصفات الفنية فيها»، منوهاً إلى أنه عند تطبيقها من شأنها أن تحمى المزارع من التقلبات المناخية والخسائر الفادحة التي قد تحدث نتيجة وجود ثغرات فنية في مزرعته».

من جهته توقع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن يبلغ حجم الخسائر قطاع الزراعة وصيد الأسماك حوالي 200 مليون دولار، والصناعة 362 مليون دولار، والإنشاءات 220 مليون دولار، والخدمات 1.175 مليون دولار، وخسائر متباينة في بقية القطاعات. كما توقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 14 بالمئة خلال عام 2020، مقارنة بالتوقعات الأساسية للعام الجاري، بسبب انتشار كورونا.

وتشكل جائحة كورونا المستجدّ أزمة عالمية تؤثر بالفعل على قطاع الأغذية والزراعة، وعليه فإن اتخاذ تدابير عاجلة لضمان إبقاء سلاسل الإمداد الغذائي حية، محلياً ودولياً، أمر مُهم للتخفيف من خطر الصدمات الكبيرة التي سيكون لها تأثير كبير على الجميع، لا سيما على الفقراء والفئات الأكثر ضعفاً في العالم.

المصدر: - تقرير: عبد الرحيم أبو كويك