حوار صحافي شامل مع القيادي والمفكر الفلسطيني ،
اللواء الدكتور محمد أبوسمره ، رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني ، وعضو المجلس الوطني .
ـــ الوحدة الوطنية الفلسطينية والمصالحة ، خيارنا الأول للتصدي لمخططات تصفية القضية الفلسطينية .
ـــ ستؤدي عملية ضم الأراضي الفلسطينية ، إلى إشعال فتيل الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة ، وبدء مرحلة جديدة من النضال والكفاح الفلسطيني .
ـــ لن تمر كافة محاولات العدو والإدارة الأميركية بتصفية القضية الفلسطينية .
ـــ مصر بذلت جهوداً جبَّارة لرعاية المصالحة الفلسطينية ، وأتوقع أن تعود لاستئنافها مجدداً خلال أسابيع .
ـــ نشكر الشقيقة الكبرى مصر ، وجميع الأشقاء العرب على دعمهم ومساندتهم للقضية الفلسطينية ولصمود الشعب الفلسطيني .
ـــ نحن الآن على مفترق طرق خطير يطلب التوحد فوراً خلف القيادة الفلسطينية ، لمواجهة المؤامرات والتحديَّات الكبرى التي تتعرض لها القضية الفلسطينية ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ ما تعليقكم على قرار المحكمة المركزية الإسرائيلية بمصادرة 450 مليون شيكل من أموال الضرائب المحوَّلة للسلطة الفلسطينية ، وفى هذا التوقيت وتأثير ذلك على قدرة السلطة على الوفاء بالتزامتها تجاه الشعب الفلسطيني؟
هذا قرار عدواني تعسفي عنصري حاقد ، وهو قرصنة وسرقة واغتصاب ، وهو قرار غير قانوني ، ومخالف لكافة القوانين الدولية وللقانون الإنساني الدولي ، وكذلك مخالف لإتفاقيتي أوسلو ، وإتفاق باريس الاقتصادي ولكافة الإتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية ، مع سلطات الاحتلال ، وهو إعتداء صارخ على حقوق الشعب الفلسطيني ، فهذه أموال فلسطينية خالصة ، تأتي عبر تحصيها من خلال فواتير المقاصة الجمركية عن البضائع التي يستوردها التجار الفلسطينييون من الخارج عبر ميناء إسدود المحتل ، وتقوم سلطات الاحتلال بتحصيلها نيابةً عن السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب إتفاقية باريس الإقتصادية ، وتحصل مقابل ذلك على نسبة معينة من قيمة هذه الرسوم الجمرك ، ورغم ذلك فليست هناك أية ولاية سياسية أو قانونية لسلطات الاحتلال على هذه الأموال ، وهي وديعة مستحقة الدفع الفوري لدى سلطات الاحتلال ، لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، ولكن سلطات العدو دوماً ، ومنذ تاسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 ، وهي تمارس عمليات السطو بالقوة والقرصنة ضد الأموال والحقوق الفلسطينية ، وهذه القرصنة وعملية السطو الصهيونية على الأموال الفلسطينية ، عدا عن كونها مخالفة لكافة الإتفاقيات الفلسطينية / الإسرائيلية ، ولكافة قرارات الأمم المتحدة وللقانون الدولي ، والقانو الإنساني الدولي ، فإنَّها تعتبر جريمة حرب تمارسها سلطان الاحتلال ، ضد أموال وحقوق السلطة والدولة الفلسطينية ، باعتبارها دولة تحت الاحتلال.
ــــ وكيف سيكون رد السلطة الوطنية الفلسطينية على تلك الخطوة في حالة اتخاذها ؟
قدمت السلطة الوطنية الفلسطينية احتجاجها الشديد لدى حكومة الاحتلال ، ولدى وزارة مالية الاحتلال ، ولدى الجامعة العربية وروسيا والصين واليابان ، ودول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ، واللجنة الرباعية ، وكافة المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية ذات الشأن ، ولدى صندوق النقد الدولي ، وطالبت الجميع بالتدخل للضغط على حكومة الاحتلال بالتوقف عن إختلاص وسرقة وقرصنة أموال المقاصة الفلسطينية ، وإعادة جميع ما تم قرصنته وسرقته من أموال فلسطينية ، وبالتأكيد أنَّ القيادة الفلسطينية على مستوى الرئاسة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحري الفلسطينية ، وعلى مستوى رئاسة الحكومة والحكومة لن تصمت ، وسوف تتحرك لدى جميع الأطراف العربية والإقليمية والدولية ، وكافة المنظمات والهيئات الدولية ، لممارسة الضغوط على سلطات الاحتلال ، وبالإضافة إلى ذلك ستكون هناك وقرارات وخطوات فلسطينية تتخذها السلطة الوطنية الفلسطينية ، لوضع حد لحالة التغَّول الصهيوني على الحقوق والأموال الفلسطينية ، ونعم نعلم بكل الأحوال أنَّ معركتنا مع الاحتلال ليست سهلة ، وليست قصيرة المدى ن وتحتاج منا النفس الطويل ، والتوحد خلف القيادة الفلسطينية لدعمها في هذه المعركة الطويلة ..
ــــ وما هي توقعاتكم بالنسبة لاحتمالات قيام الائتلاف الحكومي الإسرائيلي ، باتخاذ قرار يضم الضفة الغربية لـ "إسرائيل " ؟.
نعم نتوقع قيام هذا الإئتلاف الصهيوني اليميني العنصري المتطرف ، في حال تشكيله لحكومة طوارئ ، بضم الكتل الإستطيانية في الضة الغربية المحتلة ومنطقة الأغوار الشمالية وشمال البحر الميت ، الواقعة على الحدود الفلسطينية الأردنية ، وهذه المناطق الفلسطينية تبلغ مساحتها قرابة 40% من أراضي الضفة الغربية المحتلة ، والتي تم جميعها احتلالها مع قطاع غزة والقدس الشرقية عقب نكبة 5يونيو/ حزيران 1967 ، وهي من اكثر الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية خصوبةً ، ومخزناً ومصدراً للمياه العذبة ، وكذلك تمتلئ بالموارد الطبيعة ، وهي من جزء رئيس واساسي من أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة ، والتي وافق الكل الفلسطيني والمبادرة العربية للسلام ، على إقامتها على كامل الأراضي الفلسطيني المحتلة عام 1967 ، وهذا ماتم الإتفاق عليه برعاية الولايات المتحدة من خلال المفاوضات الفلسطينية ــــ الإسرائيلية التي استضافتها واشنطن مراتٍ عديدة ، وكذلك ماتم التوصل إليه في المفاوضات الثنائية ، أو المفاوضات التي تمت برعاية اللجنة الرباعية ، ولكن دوماً كانت ومازالت سلطات الاحتلال تنقلب على كل ما يتم الإتفاق عليه مع القيادة الفلسطينية ، وتعمل على كسب الوقت لتفرض ما تشاء وتخطط له من وقائع جديدة على الأرض ، تمنع من خلالها أية إمكانية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ..
ـــــ وهل تتوقع أن تعترض الولايات المتحدة على إسرائيل اذا اتخذت تلك الخطوة ؟
على العكس تماماً الإدارة الأميركية هي التي منحت الضوء الأخضر لحكومة الاحتلال للقيام بعملية الضم للأراضي الفلسطينية ، ووعدتها أنَّها ستعترف بهذا الضم وسوف تدعمه ، وهي تعتبر تنفيذ هذه الخطوة من جانب الاحتلال الصهيوني ، يأتي في سياق تنفيذ بنود صفقة القرن التي رفضتها القيادة الفلسطينية وجميع فصائل وشرائح ومكونات الشعب الفلسطيني .
ــــ وهل ستلجأ السلطة الفلسطينية إلى سحب اعترافها بإسرائيل اذا اتخذت تلك الخطوة ؟
هناك خيارات وخطوات كثيرة بيد السلطة الوطنية الفلسطينية ، يمكنها القيام بها فيما لو نفذت حكومة الاحتلال تهديداتها بضم الكتل الإستيطانية ومنطقة الأغوار والمناطق الشمالية ، وبكل الأحوال فلن تقف القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية مكتوفة الأيدي أمام هذه الخطوة العدوانية ، التي تشكِّل حسب القانون الدولي ، والقانون الدولي الإنساني جريمة حرب. وفي هذا السياق فقد نجحت الديلوماسية الفلسطينية في إستصدار موقف مهم للغاية من مفوض السياسة الخارجية للمجموعة الأوروبية، وكذلك بيان ثماني دول أوروبية أساسية، والتي حذرت حكومة الاحتلال من التمادي في خطوات الضم التوسعي لمستوطنات الضفة والغور الفلسطينيين ، وأكدت أنَّ مشروع الضم الذي يتعارض مع قرارات الشرعية الدولية، يُنهي أي مشروع لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويُلغي حل الدولتين، ويفتح آفاقا لتوسيع الصراع وتعقيده.
وقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنَّه في حال قيام حكومة الاحتلال بتنفيذ تهديداتها بضم أجزاء من الضفة الغربية ومنطقة الأغوار الشمالية وشمال البحر إليها ، فإنَّ سيتم نفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني بإلغاء كافة الإتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية مع دولة الإحتلال ..
وشخصياً أتوقع أن تكون عملية ضم الأراضي الفلسطيني ، هي ( كلمة السر ) التي تُشعل فتيل الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وهذا يعني بدء مرحلة جديدة من النضال والكفاح الفلسطيني لن يستطيع أحد أن يعرف إلى أين ستصل ، وكيف سيكون شكلها ونهايتها ؟
ــــ وهل ترى أنَّ إسرائيل استغلت انشغال العالم بأزمة كورونا في تنفيذ مخططاتها في الضفة الغربية ؟
بالتأكيد ، العدو الصهيوني إستغل إنتشار الوباء والجائحة في العالم ، لتنفيذ مخططاته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني ، وهو يخطط للمزيد من الإعتداءات وبأشكالٍ ووسائل مختلفة ضد الفلسطينيين ، وضد سوريا الشقيقة ولبنان وضد العرب والمسلمين جميعاً، ولذلك على الجميع فلسطينياً وعربياً وإسلامياً وإقليمياً الإنتباه للمخططات العدوانية الصهيونية .
ـــــ وما دور إسرائيل في انتشار وباء كورونا بين الفلسطينيين ؟
الاحتلال الصهيوني هو المسؤول عن إنتقال وانتشار الوباء والفيروس في الأراضي الفلسطينية ، سواء المحتلة عام 1967 ، أو المحتلة عام 1948 ، وفي مقدمتها القدس المحتلة ، وخصوصاً أنَّ كافة الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال ، والقيود التي تضعها على حركة وتنقل الفلسطينيين ، والحواجز والمعابر التي تضعها على مداخل المدن الفلسطينية واستهتارها بتوفير الرعاية الصحية المطلوبة للعمال الفلسطينيين ، الذين يعملون في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 ، وكذلك كان للقيود الشديدة والإجراءات التعسفية التي تفرضها على حركة تنقُّل الفلسطينيين بين المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية عبر الحواجز العسكرية الصهيونية العنصرية التي تُقطَّع أوصال الضفة الغربية المحتلة ، وتفصل مدنها وقراها ومخيماتها عن بعضها البعض ، وكذلك تفصل الضفة الغربية عن القدس المحتلة وعن المسجد الأقصى المبارك ، وتفصلها أيضاً عن قطاع غزة وعن المناطق المحتلة عام 1948 ، وبالإضافة إلى كل ذلك فلم تتوقف سلطات العدو من شن حملات المداهمة والتفتيش التعسفية ضد منازل الفلسطينين ، وكذلك لم تتوقف عن شن حملات الاعتقال الليلة ضد الفلسطينيين من مختلف الشرائح العُمرية بما فيهم الفتيات والأطفال والنساء وكبار السن والمرضى ، وكما تبينَّ لاحقاً فإنَّ بعض الجنود الذين الذين شاكوا في تنفيذ حملات المداهمة والتفتيش والاعتقالات ، كانوا مصابين بالفيروس ، ولعبوا دوراً في نقله لعدد من المعتقلين ولذويهم ، وتبينَّ أنَّ عدداً من الشبان الذين اعتقلتهم مؤخراً سلطات الاحتلال أُصيبوا بالفيروس ، ورغم ذلك لم تُقدَّم لهم العلاج ، ولم يتم يتوقف ضباط المخابرات الصهاينة عن التحقيق معهم وتعريضهم للتعذيب الشديد رغم تدهور حالتهم الصحية ، وكذلك تم نقل العدوى للفلسطينيين عبر بعض الجنود الذين يدققون في بطاقات هويات المواطنيين الفلسطنيين على الحواجز العسكرية، ويمارسون بحقهم مختلف أنواع الإجراءات التعسفية والتضييق الشديد على تنقُلهم وتحركهم ، وكذلك انتقلت العدوى لبعض المعتقلين الفلسطينيين في سجون العدو ، عبر السجانين الذين كانوا مصابين بالفيروس ، وخصوصاً بعض الأسرى الذين انتهت مدة حكمهم في سجون العدو وخرجوا من المعتقلات في الاسابيع الماضية ، وكان من الملاحظ السلوك العنصري الغير أخلاقي والمقزز الذي تقوم به سلطات الاحتلال ضد العمال والمعتقلين والمواطنين الفلسطينيين الذين أصابوا بالعدوى ، حيث رفضت تقديم العلاج لأيٍ منهم ، وقامت بإلقاء العمال الفلسطينيين الذين يعملون في الداخل المحتل واكتشفت اصابتهم بالفيروس ، على ناصية الطرق قرب الحواجز العسكرية ، لكي تأتي سيارات إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني لنقلهم إلى المستشفيات الفلسطينية في الضفة المحتلة ، والأسوأ من ذلك أنَّ سلطات الاحتلال رفضت تقديم العلاج للمصابين الفلسطنيين بالفيروس من القدس الشرقية المحتلة ومن الداخل الفلسطيني المحتل ، رغم أنَّهم يحملون بطاقات هوية وجنسية الكيان الصهيوني ، وتولَّت السلطة الوطنية الفلسطينية علاجهم جميعاً في المستشفيات الفلسطينية بالقدس المحتلة والضفة الغربية ، ووضعت سلطات الاحتلال القيود المشددة على السماح بنقل اللوازم والمهمات الطبية والمعدات وأجهزة وكتات الفحص المخبري للفيروس ، التي عملت السلطة الوطنية الفلسطينية على إرسالها تباعاً لمساعدة أهلنا في قطاع غزة ، ورغم استمرار إنتشار وتفشِّي الجائحة الإنسانية التي تهدد البشرية جمعاء ، مازالت سلطات الاحتلال تفرض حصارها الظالم لقطاع غزة للعام الرابع عشر على التوالي ، وتضع القيود الصارمة على إدخال الكثير من المهام واللوزام والمعدات والتجهيزات والاحتياجات الطبية والدوائية والمخبرية ...
ـــــ وكيف واجهت السلطة مخاطر انتشار الفيروس ؟
لقد قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بالتصدي لمواجهة إنتشار الفيروس بمنتهى المسؤولية والمهنية والشفافية والحزم ، وفرضت قبل حوالي الشهرين حالة الطوارئ ، وحظر التجوال الليلي وأغلقت المدارس والجامعات والمساجد ومراكز التسوق الكبيرة ، ووضعت قيود مدروسة على تنقل وحركة الفلسطينيين ، وعزلت أية مدين أو قرية أو منطقة او فندق ، تبين إصابة أحد الفلسطينيين فيها بالفيروس، أو احتكاكه بأحد المصابين بالفيروس ، وعملت على بث الوعي وتعزيز مستوى المسؤولية الفردية ، ووضعت قيوداً صارمة على تنقل العمال بين الضفة الغربية والداخل المحتل ، وعملت على تجهيز وتأهيل جميع المستشفيات والطواقم للتعامل المهني مع الفيروس ، وإعتمدت برتوكولاً خاصاً بوزراة الصحة الفلسطينية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ، لعلاج المصابين ، وجهزَّت مراكز وفنادق خاصة بحجر المرضى والمصابين ، وجنَّدت السلطة الوطنية كافة طاقات وزاراتها وهيئاتها ومؤسساتها واجهزتها الأمنية للتعاون في مواجهة الجائحة ، وأنشأت لأجل ذلك غرفة للطوارئ من جميع الوزارات والأجهزة والمؤسسات المعنية تعمل على مدار الساعة ، وتصدر الحكومة عبر المتحدث باسمها يومياً موجزين تشرح فيه آخر تطورات الجائحة في فلسطين ، وكذلك تعقد وزارة الصحة الفلسطينية من جانبها ، يومياً مؤتمرين صحافيين وتقدم موجزين صحافيين لتضع الفلسطينيين أمام أدق التفاصيل ، وقد أقرت منظزمة الصحة العالمية ، والكثير من المنظمات والهيئات الدولية بنجاحة وشفافية الإجراءات الفلسطينية .
ــ كيف ترى إعلان رئيس حكومة الاحتلال نيته لضم أجزاء من الضفة الغربية ؟
لم يفاجأنا ما أعلنه رئيس حكومة العدو ، ولن يفاجئنا ما سيفعله في ظل إنشغال العالم بمواجهة الجائحة التي تهدد البشرية جميعها ، ومن المعروف للجميع أنَّ الكيان والمجتمع الصهيوني يجنح ويتجه منذ عدة سنوات نحو المزيد من اليمينية والتطرف والتوحش والعدوانية والعنصرية تجاه الفلسطينيين والعرب والمسلمين ، ولذلك كان من المتوقع أن تنفذ الحكومة اليمينية الصهيونية المتطرفة تهديداتها بتهويد وضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة ومن بينها الكتل الإستطيانية ، ومنطقة الأغوار الشمالية التي تقع في المنطقة الحدودية بين الضفة الغربية المحتلة والأردن الشقيق ن وجميع الأراضي التي تهدد حكومة العدو الصهيوني بضمها في الضفة الغربية المحتلة ، هي من أكثر مناطق الضفة خصوبةً ، وأهمها على المستوى الإستراتيجي ، بالإضافة إلى كونها من أغنى مناطق الضفة المحتلة بالمياه والخيرات والثروات الطبيعية .
وللعلم فإنَّ عمليات التهويد والإستيطان والضم في القدس والضفة الغربية المحتلة ، بالإضافة إلى ما يرتكبه العدو من جرائم يومية بحق الفلسطينيين المدنيين العُزَّل ، جميعها تندرج في إطار إرهاب الدولة المُنَّظَم ، وجرائم حرب ضد الإنسانية. وسوف يضاعف ضم العدو الصهيوني لمساحاتٍ كبيرة وشاسعة وخصبة من أراضي الضفة الغربية المحتلة والأغوار الشمالية إلى دولة الكيان الصهيوني ، كثيراً من حجم المخاطر والتحديَّات التي تتهدد القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، وسيقضي نهائياً وللأبد على (خيار حل الدولتين) ، وعلى ( المبادرة العربية للسلام ) ، وعلى ( إتفاقيات أوسلو والملاحق التي تبعتها ، وكل مانتج عنها ) ، وسيدفع نتنياهو واليمين الصهيوني نحو المزيد من الإستعلاء والغرور والعنجهية والقوة والتوحش ، ثم الإستمرار في توسيع دائرة مصادرة الأراضي ، وتسريع وتيرة الإستيطان والتهويد ، وخصوصاً إستكمال عملية تهويد القدس المحتلة وكامل الضفة الغربية المحتلة ، وتنفيذ التقسيم الزماني للمسجد الأقصى المبارك ، والتطبيق العملي لقانون ( يهودية الدولة ) ، وتغيير البنية والتركيبة الديمغرافية بشكلٍ أساسي في القدس المحتلة وضواحيها ، والقيام بعمليات طرد منهجية ومُبَرمجة للفلسطينيين في القدس المحتلة ، وكذلك مصادرة وهدم الكثير من البيوت والمؤسسات والمواقع والمقابر والأماكن الإسلامية العربية ، وتشييد مكانها كُنُس ومبانٍ تلمودية ومشاريع إستيطانية، من أجل طمس وإخفاء وتزييف الهوية الحضارية التاريخية التراثية المعمارية والديمغرافية للقدس المحتلة من عربية إسلامية فلسطينية ، وتحويلها إلى غربية يهودية ، وتطويق القدس المحتلة بالمستوطنات من جميع النواحي ، وسرقة ومصادرة وتهويد المزيد من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة والنقب المحتل والمناطق المحتلة عام 1948 والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية ، والسعي إلى ضم المناطق (ج) ، والكتل الإستيطانية في الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني ، وهي بمجموعها تبلغ قرابة 40%من مساحة الضفة الغربية المحتلة ، تمهيداً لضم كامل الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني وفرض السيطرة الصهيوينة الكاملة عليها .
ــــ كيف تنظرون إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب؟
نحن نقدِّر كثيراً الإنشغال العربي في مواجهة الجائحة التي تهدد البشرية جمعاء ، والتي ضربت في فلسطين والعديد من الدول العربية ، ونقدِّر استجابة معالي الأمين العام للجامعة العربية لدعوة دولة فلسطين لعقد إجتماع عاجل وإستثنائي لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية ، وهو إجتماع استثنائي ينعقد في الظرف والوضع الإستثنائي ، وكان الموقف العربي واضحاً تماماً من خلال مقررات هذا الإجتماع الإستثنائي ، ووقفت الجامعة العربية بكل قوة إلى جانب الحق الفلسطيني ، ودعمت وعززت موقف وصمود القيادة الفلسطينية ، وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك لوقف العدوان الصهيوني ضد الأرض الفلسطينية ، وضد خيار حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام .
ونرجو أن يتوحد الجهد العربي مع الجهد الفلسطيني ، وإتخاذ خطوات عملية وإجراءات صارمة ، تضع حداً لحالة التغوُّل والإستقواء الصهيونية ضد شعبنا وأرضنا ووطنا ، وهناك الكثير مما يمكن القيام به عربياً لمواجهة مخطط ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والأغوار الشمالية ، كما أنَّه يمكن للدول العربية ممارسة ضغوطها ضد الإدارة الأميركية الداعمة للمخطط الصهيوني ، وكذلك يمكن تشكيل قوة ضغط أوروربية وعالمية ضد هذا القرارالصهيوني ، بالإستناد إلى الرفض الأوروبي والروسي والصيني ، ورفض الكثير من دول العالم لمثل هذا الخطوة الصهيونية العنصرية..
ــــ هل استغل الاحتلال إنشغال العالم بكورونا؟
بالـتأكيد أنَّ الاحتلال الصهيوني إستغل إنشغال العالم بالجائة وانتشار وباء كورونا ، رغمَّ أنَّ المخطط الإستطياني التهويدي لضم الكتل الإستطيانية في الضفة الغربية المحتلة ، إلى الكيان الصهيوني ، والتي تبلغ مساحتها حالياً قرابة40% من أراضي الضفة المحتلة ، يتم تنفيذه بدعمٍ علني وواضح من الإدارة الأميركية في إطار تنفيذ بنود ( صفقة القرن) على مراحل ، مع إستكمال عملية تطويق وحصار وعزل المحافظات والمدن والقرى والبلدات والمخيمات الفلسطينية عن بعضها البعض ، وإستكمال بناء الجدار العنصري الفاصل بينها وبين القدس المحتلة والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 ، وبنفس الوقت إقامة المزيد من الحواجز العسكرية الصهيونية القمعية وتقييد حركة الفلسطينيين أكثر مما هي عليه الآن ، بين المحافظات والمدن والقرى والمخيمات ، وكل مايقوم وسيقوم به الاحتلال الصهيوني من ضم للكتل الإستيطانية في الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني ، ثم ضم مايتبقى من المناطق ( ج ) ، ولاحقاً المنطق (سي ) ، يتم بدعمٍ كامل من الرئيس ترامب والإدارة الأميركية ، بحيث تبقى المناطق ( أ) محاصرة ومعزولة ومُقطَّعة الأواصر فيما بينها ، مع عدم إستبعاد ضمها لاحقاً إلى الكيان والصهيوني ، وإعلان السيطرة الصهيونية الكاملة على الضفة الغربية ومنطقة أريحا والأغوار ، وكامل مجرى نهر الأردن ، لإستكمال تنفيذ بنود ( صفقة العصر) ، وأؤكد أننا أمام خطر إستيطاني إستعماري سرطاني إحلالي وإقصائي إستئصالي غير مسبوق من قبل..
ـــــ برأيك ما هو التحرك الواجب فعله ؟
سيسعى نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة إلى إطالة أمد الإنقسام الفلسطيني البغيض ، واستمرار فصل قطاع غزة بالكامل عن الضفة الغربية والقدس المحتلة والمناطق المحتلة عام 1948 ، ووضع كافة المعوِّقات أمام تنفيذ وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية ، حيث يوفر الإنقسام الفلسطيني المؤسف والمستمر بشكلٍ متواصل منذ صيف العام 2007 ، فرصةً ذهبية لجميع المتربصين بالقضية الفلسطينية ، والمتآمرين على الحقوق والمطالب الفلسطينية التاريخية والثابتة والعادلة ، وأضرّ إستمرر الإنقسام الفلسطيني اللعين للعام الثالث عشر على التوالي َ كثيراً بالقضية الفلسطينية وبالفلسطينيين ، وساهم في إضعاف الموقف الفلسطيني ، وتشتيت الكثير من الجهود والطاقات الفلسطينية ، ودفع بالتناقضات الثانوية في الساحة الفلسطينية إلى السطح ، وجعل التناقض والصراع الرئيس مع العدو والاحتلال الصهيوني ، مؤجلاً ، وأصبح العدو الصهيوني يعيش في راحةٍ كبيرةٍ ، مما أعطاه الفرصة الكبرى لمسابقة الزمن لتسريع وتيرة الإستيطان ومصادرة وتهويد الأراضي والممتلكات الفلسطينية في الضفة والقدس المحتلة ، ولهذا فعلي جميع الفلسطينيين والعرب والمسلمين الإنتباه جيداً للخطط والمؤامرات الصهيونية والأميركية الخطيرة ، التي تسعى لإقتلاع الوجود الفلسطيني العربي الإسلامي ، من أرض فلسطين التاريخية.
ومايتوجب على الجميع فعله من أجل تفويت الفرصة على هذه المؤامرة الكبرى ، التجاوب الفوري العاجل مع كافة الجهود المصرية الكريمة ، لإنجاز المصالحة وإنهاء الإنقسام اللعين ، والتوحد خلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وخلف منظمة التحرير الفلسطينية.
وأؤكد على أنَّه دون إعادة كامل الحقوق الفلسطينية والعربية التاريخية المسلوبة ، فإنَّ الصراع العربي الإسرائيلي ، سيستمرإلى مالانهاية ، حتى تتحقق التسوية العادلة التي تلبي جميع المطالب والشروط الفلسطينية والعربية والإسلامية وشن قطعان المستوطنين للمزيد من الهجمات والاقتحامات اليومية المتكررة والمتواصلة ضد المسجد الأقصى المبارك ، في محاولاتٍ صهيونية مستميتة لفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى المبارك ، وكذلك تصاعد القمع والاعتداءات الصهيونية ضد شعبنا الفلسطيني الصابر والمرابط في القدس المحتلة والضفة والقطاع والمناطق المحتلة عم 1948 ، وبنفس الوقت الإستمرار في حصار وخنق قطاع غزة ، ولذلك فالواجب والإلتزام الوطني يحتم على الجميع المسارعة لإنهاء الإنقسام الفلسطيني ، وتجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية ، والتجاوب مع كافة الجهود المصرية المشكورة الساعية جديًا لإنجاز وتحقيق المصالحة الفلسطينية وطي صفحة الإنقسام الأسود ، من أجل حماية القضية الفلسطينية من محاولات لتصفيتها ، لأنَّ الوحدة الوطنية الفلسطينية هي مصدر قوة للكل الفلسطيني ، وسياج حماية للحقوق والثوابت والمكتسبات الوطنية الفلسطينية .
ــــــ ترددت أنباء عن قرب عقد حماس لصفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل ، فهل هناك مشاورات مع الحركة بخصوص بعض الأسماء التي يجب ان تتضمنها تلك الصفقة؟
أجرت حركة حماس اتصالاتها مع بعض الفصائل الفلسطينية ، حول الأسماء التي ترغب هذه الفصائل في ضمها لقائمة الأسرى المرشحين للمطالبة باطلاق سراحهم في سياق الصفقة المأمول عقدها في القريب ، وهي إن تمت ، سوف تكون نافذة أمل وفرح لجميع الفلسطينيين ، لأنَّ قضية الأسرى تنال الإجماع الوطني الفلسطيني من كافة جماهير وفصائل وقوى شعبنا ، ونأمل أن تشمل الصفقة إطلاق سراح جميع الأسيرات والأطفال ، وكذلك كبار السن والمرضى ، وذوي الأحكام العالية ، وممن أمضووا سنوات طويلة وعديدة في سجون العدو ، والرموز والقيادات الوطنية والإسلامية الجامعة كالقائد مروان البرغوثي والقائد أحمد سعدات واللواء القائد فؤاد الشوبكي ، ولكن حتى اللحظة فلاتوجد لدى أحد صورة واضحة عما وصلت إليه الصفقة ، وهل باتت قريبة ، أم مازالت هناك بعض العوائق تقف أمام تنفيذها ، ولكننا نأمل أن تتم في أسرع وقتٍ ممكن ، لكونها ستشكِّل دفعةً وخطوةً مهمةً نحو تبييض كافة سجون العدو من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب .
ـــــ وما هي أسباب الجمود الحالي في ملف المصالحة ، وهل يعني ذلك فشل الجهود المصرية في هذا الملف؟
أسباب الجمود كثيرة ، التي عطَّلت مؤقتاً ملف المصالحة الفلسطينية ، وهذا لايعني أبداً فشل الجهود المصرية ، لأنَّ هذا الملف بالكامل في يد مصر الشقيقة الكبرى وحدها ، وليس مسموحاً لأحد من الأطراف الإقليمية أو العربية أو الدولية الدخول على خط هذا الملف الحساس للغاية ، وأعتقد أنَّ الأسابيع المقبلة ربما تشهد حراكاً جديداً على صعيد إعادة إطلاق حوارات ومفاوضات المصالحة الوطنية الفلسطينية ، وإنهاء الإنقسام الفلسطيني ، وخصوصاً من أجل التصدي لالمخططات العدوانية التي تنوي حكومة الاحتلال تنفيذها خلال الفترة المقبلة ، وفي مقدمتها ضم الكتل الإستطيانية والأغوار الشمالية إلى الكيان الصهيوني ، فالمصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية ، وعودة السلطة الوطنية الشرعية إلى قطاع ، وإعادة توحيد الكيان والنظام السياسي الفلسطيني في الضفة والقطاع ، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ، هي الرد العملي الجدي والملموس على كافة الخطوات والقرارات العدوانية الصهيونية التي تسعى حكومة الاحتلال لتنفيذها.
وإننا ننظر إلى كل ماتقوم به الشقيقة الكبرى مصر ، بعين التقدير والشكر والاحترام ، وخصوصاً جهودها الجبارة التي بذلتها ومازالت تبذلها من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية ، وانهاء الإنقسام الفلسطيني اللعين ، وكذلك تصديِّها دوماً لكافة محاولات العدو الصهيوني بشن عدوان ضد قطاع غزة ، وتسييرها لقوافل المعونات والإغاثة لأهلنا في قطاع غزة ، وإرسالها مؤخراً لقافلة كبيرة من الشاحنات التي تحمل الدعم والتبرعات بالأدوات والمهمات واللوازم والمعدات الطبية والمخبرية والأدوية والمواد الغذائية ، لمساعدة مستشفيات وأهالي القطاع على التصدي للجائحة ، وفتحها لمعبر رفح الحدودي عدة مرات من أجل عودة العالقين الفلسطينيين في مصر والخارج إلى قطاع غزة ..
وسنبقى على الدوام عاجزين عن تقديم الشكر الجزيل لفخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وللحكومة المصرية وكافة أجهزتها السيادية ، على ماتقدمه مصر على الدوام ، لتعزيز صمود ورباط وصبر وبقاء شعبنا الفلسطيني ... شكراً مصر رئيساً وحكومةً وجيشاً واجهزةً ومؤسسات وشعباً ، شكراً مصر الشقيقة الكبرى ، ونسأل الله تعالى أن يحفظ مصر ورئيسها الشجاع ، وشعبها العظيم وجيشها البطل وأجهزتها السيادية الباسلة من كل مكروهٍ وسوء ..