ثمّة مرايا كثيرة أنظر إليها كل مساء، لكنها كلها تريني وجهي، وكأنه لا يشبهني المرايا ليست كاذبة .. أمسح عنها الغبار كل صباح لتريني وجهي بكل نقاء، لكنها تريني وجهي، الذي لم يعد يشبهني أحزن من صدق المرايا؛ فهي لا تعرف الكذب، فهي تريني وجهي، الذي لم يعد يشبهني من هرم مجنون ..
الهرمُ يتسارع على وجهي ويكوّن تجاعيدا على وجنتي.. انظر من الشرفة لنسيان وجهي، أرى المهرولين الى بيوتهم بكمّامات على وجوههم أقول هم خائفون من وباء كورونا، ويردعون الفيروس بكمامات أما أنا فأراني خائفا من موتٍ تعكسه المرايا ..
فالمرايا تقول الحقيقة بأنني لم أعد أشبهني بوجهي الشاحب والمحفّر من تعب السنين ففي كل صباح ومساء أنظر الى المرايا، لكي تقول لي كلاما آخر، لكنها تقول لي الحقيقة بأنني لم أعد أشبهني من هرمٍ يتسارع على وجهي، الذي لم يعد يشبهني، فوحدها المرايا صادقة لا تعرف المجاملة، مثل جارتي، التي تقول لي ما زلت شابّا..
فأنا أعلم بأنها تكذب عليّ، لكنني أهزّ لها رأسي، كلما رأتني ممسكا سيجارتي وواقفا أمام مدخل شقتي .. ولكن الغريب أنها تقول لي ذات الكلام منذ عقد من الزمن وحدها المرايا لا تكذب، وتريني وجهي، الذي لا يشبهني فكلام الجارة مجاملة ليس إلا، لكي لا تخيفني من موْتٍ قادم... . ..
عطا الله شاهين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت