بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، يوم الخميس، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (استونيا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الجرائم التي ترتكبها إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الاستعمار غير القانوني، وتدابير الضم التي تهدد بتدمير حل الدولتين على حدود ما قبل عام 1967، حتى في ظل جائحة كورونا.
وأشار منصور إلى مواصلة إسرائيل استغلال أزمة كورونا بشكل يومي سواء على المستوى الدولي أو المحلي، للمضي قدما في خططها للضم بالتنسيق الكامل مع الإدارة الأميركية الحالية، منوها إلى تصعيد المسؤولين الإسرائيليين الخطابات التحريضية التي تتباهى بمثل هذه النوايا غير القانونية، في ازدراء تام للقانون الدولي ونداءات وتحذيرات المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والقادة أصحاب الضمير الحي في جميع أنحاء العالم.
ونوه إلى توقيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومنافسه بيني غانتس على اتفاقية ائتلاف والتي بموجبها، واعتباراً من 1 تموز، سيتمكن البرلمان من البت في ضم أجزاء من الضفة الغربية، في خرق لميثاق الأمم المتحدة وجميع أحكام القانون الدولي الأخرى ذات الصلة، وفي انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك القرار 2334 (2016).
وأكد أن دعم الولايات المتحدة للضم الإسرائيلي شجع على إفلاتها من العقاب، وزود الحكومة الإسرائيلية بضوء أخضر لضم جميع مستوطنات الضفة الغربية، وغور الأردن، والحفاظ على احتلالها إلى الأبد، الأمر الذي يؤدي إلى استحالة قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة ومتواصلة، كما أكدت عليه رسالة 32 متخصصاً في السياسة الخارجية الأميركية، بمن فيهم مسؤولون سابقون في الأمن القومي.
وشدد منصور أنه في حال السماح لإسرائيل بالمضي قدماً، فإن هذه الخطط الأحادية الجانب غير القانونية ستؤدي إلى زوال حل الدولتين وستؤدي إلى واقع الفصل العنصري القائم على دولة واحدة إلى جانب عواقب بعيدة المدى. مشيرا إلى أن عدد لا يحصى من السياسيين والأكاديميين والشخصيات العامة والجهات الفاعلة في المجتمع المدني يشاركون فلسطين في هذه الرؤية، ومشدداً على أن مثل هذه الخطوة ستزيل جوهر وهدف الاتفاقات القائمة بين الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية، والتي تقوم على تحقيق حل قائم على دولتين، سلام عادل وأمن دائم.
وأكد أنه إضافة إلى آثار الضم المدمرة على حقوق الانسان للشعب الفلسطيني وتطلعاته وحقوقه الوطنية، فإنه يشكل تهديدا خطيرا للسلام الإقليمي والنظام الدولي القائم على القواعد، مضيفا أنه إن لم يتم الاعتراض، في حالة إسرائيل، على حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، دون السماح بأي استثناء، فإن جوهر القانون الدولي وأهميته بالنسبة للسلام والأمن العالميين سيكونان في خطر، وسيبعث برسالة صارخة مفادها أن منتهكي القانون، حتى مجرمي الحرب، يمكنهم فعل ذلك متى شاءوا من دون أية عواقب.
وأشار منصور إلى اعتراف وامتنان الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية بالبيانات القوية العديدة الصادرة من جميع أنحاء العالم، والمواقف المبدئية الراسخة في قيمنا المشتركة لحقوق الإنسان والسلام والأمن للجميع، مؤكدا أن السنوات أثبتت أن إسرائيل لا تراعي مثل هذه المبادئ، والتصريحات وحدها لن تجبرها على احترام القانون، أو تجنب تدميرها لاحتمالات السلام في ظل ظهور الضم على أرض الواقع.
وحث المجتمع الدولي على دعم المواقف المبدئية بخطوات استباقية وملموسة لمحاسبة إسرائيل وردع المزيد من الجرائم الإسرائيلية، خاصة في ضوء الضم الوشيك، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني. وأكد أن جميع الدول ملزمة بضمان احترام القواعد القطعية للقانون الدولي، مشددا أن على المجتمع الدولي عدم وقف العمل لحين فوات الأوان وتوجيه إسرائيل الضربة الأخيرة لفرصة السلام العادل، بل من الضروري الاستفادة من نفوذها الجماعي على الفور لرسم نهج سياسي وقانوني واقتصادي متعدد الأطراف وجدير بالثقة يعمل على وقف تصرفات إسرائيل غير القانونية المتهورة التي تقود المنطقة بأسرها إلى صراع دائم. معرجاً على ضرورة متابعة إجراءات المساءلة، بما في ذلك الإجراءات الوقائية، بشكل سريع لحرمان إسرائيل من الوقت الإضافي لتنفيذ أجندتها خارج الحدود الإقليمية.
كذلك، أشار إلى العديد من الجرائم والانتهاكات الأخرى التي ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بما في ذلك بناء المستوطنات خاصة في المناطق المقرر ضمها، وحصارها غير الأخلاقي وغير القانوني لقطاع غزة، واعتقالها لآلاف الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان لا حصر لها. هذا إضافة إلى ارتفاع عنف المستوطنين الذي يستهدف المجتمعات الفلسطينية بأكثر من 80% منذ شهر أذار، حيث هاجم المستوطنون الإسرائيليون الفلسطينيين بالأسلحة النارية والفؤوس والحجارة والكلاب الهجومية وأسلحة الصدمات الكهربائية، وقاموا بحرق سيارات وتخريب واقتلاع أشجار الزيتون، وسرقة الماشية، مؤكدا أن كل ذلك يتم بمشاركة أو تحت أنظار قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، تطرق إلى مواصلة إسرائيل اعتقال المدنيين الفلسطينيين والى سياساتها القاسية غير القانونية ضد الأسرى الفلسطينيين البالغ عددهم 5000 أسير في سجونها، منوها الى وفاة السجين الفلسطيني نور جابر البرغوثي ( 23 عاما) في سجن النقب الإسرائيلي، أواخر أبريل الماضي، بعد أن رفضت قوات الاحتلال تقديم المساعدة الطبية له.
كما أضاف منصور إلى الدعوات التي وجهتها مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المعنيين بحقوق الإنسان والتي حثت فيها إسرائيل على "عدم التمييز ضد الآلاف من السجناء الفلسطينيين الذين يواجهون خطر التعرض للفيروس، وإطلاق سراح الأكثر ضعفا، خاصة النساء، والأطفال، وكبار السن، والذين يعانون من حالات طبية موجودة من قبل، وذلك عقب قيامها بإطلاق سراح حوالي 500 سجين إسرائيلي من سجونها لحمايتهم من احتمال تفشي الفيروس.
وفي ختام رسائله، أكد أن القانون الدولي هو المفتاح لإنهاء هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان، وإنهاء الاستعمار وسياسة ضم الأراضي الفلسطينية، كما دعا المجتمع الدولي إلى استخدام جميع الوسائل المتاحة لدعم القانون الدولي وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة.