تحل علينا الذكرى الثانية والسبعين لنكبة فلسطين، وما زالت فلسطين جورة الذهب والفردوس المفقود لم تعود لأهلها، وهناك أكثر من 8 مليون لاجئ فلسطين مشردين في أصقاع الأرض يحملون أرواحهم وأنفاسهم ويستعدون للعودة إلى أرضهم أرض أجدادهم التي هجروا منها في نكبة فلسطين عام 1948م.
لم تكن نكبة فلسطين حدثا عابر في تاريخ العالم الحديث المعاصر بل تركت آثار عميقة وجرح غائر في جسد الأمة العربية الإسلامية، عندما تكالبت الأمم على أرض فلسطين وقرر الصهاينة والمستعمرين صناعة الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين لأنه فلسطين قلب العالم السياسي وتتوسط الأمة العربية الإسلامية وتتوسط الوطن العربي؛ فإن زرع الكيان السرطاني على أرض فلسطين يقوض الأمة الإسلامية وينهي تماسكها ووحدتها وقوتها الدينية والجغرافية، فبدأ الصهاينة والغرب – ومع تصاعد العداء لليهود في العالم ومشاكلهم في أوروبا- يفكرون في أرض فلسطين، وسرقة هذه الأرض لتكون الوطن المزعوم للصهاينة، وبدأت فكرة احتلال أرض فلسطين من قبل الصهاينة والغرب قبل نكبة فلسطين بسبعين عاما.
لقد خطط الصهاينة منذ المؤتمر الصهيوني الأول في سويسرا عام 1897م لاحتلال أرض فلسطين والسيطرة عليها وطرد سكنها والترويج لمقولة " نحن شعب بلا أرض لأرض بلا شعب"، حيث تعرض شعبنا الفلسطيني المجاهد على مدار السنين الماضية لمجازر يهودية " إسرائيلية " صهيونية استهدفت اقتلاعه من أرضه وجذوره ونفيه إلى شتى بلاد العالم وتشتته بها ليصبح هناك ملايين اللاجئين الفلسطينيين محرومين من حق العودة إلى ديارهم وأرضهم التي هجروا منها في عام 1948م .
لقد أعلنت (إسرائيل) قيامها على مجازر شعبنا الفلسطيني التي كانت أبرزها مجزرة دير ياسين التي قال عنها الجنرال الصهيوني ( مناحيم بيغن) أحد مؤسسي العصابات الصهيوني المشرفة على قتل الفلسطينيين خلال حرب النكبة – قال " إنه دون دير ياسين ما كان ممكنا لإسرائيل أن تظهر للوجود.
إن نكبة فلسطين التي راح ضحيتها أكثر من 800 ألف فلسطيني، وتم تهجير حوالي ربع مليون، وتدمير أكثر من 500 قرية فلسطينية إضافة إلى تدمير 11 حيا مدنيا، تمثل أكبر جريمة تطهير عرقي في التاريخ المعاصر، وتقع نكبة فلسطين تحت مفهوم إبادة الذاكرة (Memorycide) وهو قتل الجماعة مادياً أو معنويا .
ما حدث من جرائم خلال نكبة فلسطين كان مخطط له بالدقة المتناهية وعبر مراحل مختلفة، وقد بحث المؤرخون " الإسرائيليون " في سجلات وأرشيف المؤسسة العسكرية الصهيونية ليعثروا على الكثير من الأوراق والقرارات التي تؤكد بالأدلة الدامغة على جريمة التطهير العرقي ، حيث كشف المؤرخون عن خطة صهيونية اسمها الرمزي خطة دالت وهو رمز للحرف الرابع في اللغة العبرية " د" عبارة عن النسخة الرابعة والنهائية من الخطط الإسرائيلية لإبادة الشعب الفلسطيني، و كانت الخطط الثلاثة التي سبقت تعكس تفكير القادة الصهاينة في كيفية التعامل مع الأعداد الكبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني الذي سيتم تهجيرهم قسرا عن أرضهم ومنازلهم، وقد كان مغزى هذه الخطة يتمثل في حملة عسكرية صهيونية كبيرة تعمل على غزو المناطق الفلسطينية الريفية والحضرية على سواء والعمل على تدميرها .
إن نكبة فلسطين حدثا دامغا في تاريخ البشرية وتاريخ العالم، ولن ننسى أرضنا وديارنا ولم يقتل اليهود الذاكرة والنفس الفلسطيني وسنبقى نقاتل ونقاوم حتى تحرير أرضنا الفلسطيني والعودة إلى ديارنا وأرض أجدادنا وآبائنا . إلى الملتقى ،،
بقلم / د. غسان مصطفى الشامي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت