تعليق: دعوة للعمل العالمي المشترك من أجل إنقاذ اقتصاد العالم

لقد تسبب وباء كوفيد-19 حتى الآن في شلّ الأنشطة الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، كما أن توقعات أزمة اقتصادية كارثية تتزايد.

في توقعاته في منتصف إبريل، أشار صندوق النقد الدولي، إلى أن العالم يستعد لمواجهة "أسوأ ركود" منذ الكساد الكبير في الثلاثينات. في حين توقع بنك التنمية الآسيوي يوم الجمعة أن الاقتصاد العالمي قد يعاني ما بين 5.8 تريليون و8.8 تريليون دولار أمريكي من الخسائر نتيجة لوباء كوفيد-19.

وقامت العديد من الدول بالفعل بتنفيذ سلسلة من التدخلات النقدية والمالية، بالإضافة إلى خطط لإعادة فتح اقتصاداتها. ورغم ذلك، وبالنظر إلى الضربة الهائلة للاقتصادات الحقيقية والنظام المالي العالمي المترابط للغاية، فإن إنقاذ اقتصاد معولم هذه المرة، يتطلب تعاونا عالميا أقوى.

لقد أظهر التاريخ ما يحدث إذا كان التنسيق العالمي غائبا وسط اضطراب اقتصادي.

خلال الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي، أدى الانتشار الشديد لسياسات الحمائية التجارية في جميع أنحاء العالم إلى انكماش حاد في التجارة العالمية، تبعه انتعاش باهت لعشر سنوات في التجارة، حتى عندما بدأ الاقتصاد العالمي في التعافي.

لحسن الحظ، ومباشرة في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، التي نشأت في الولايات المتحدة، قاومت الاقتصادات الكبرى الدعوات لاتخاذ تدابير ذات نظرة داخلية، وقامت بدلا من ذلك بتنسيق استجابة عالمية لإعادة وضع الاقتصاد العالمي نحو الانتعاش والنمو في نهاية المطاف.

لكن السنوات القليلة الماضية شهدت انتكاسات في الاقتصاد العالمي المفتوح، مع قيام الإدارة الأمريكية الحالية بموجات حمائية متكررة، وشن هجمات جمركية ضد جميع شركائها التجاريين الرئيسيين تقريبا، والسعي إلى إحداث شلل بالنظام التجاري المتعدد الأطراف القائم على القواعد في العالم.

وفي حين تواصل الأزمة الصحية الحالية، تقويض الاقتصادات وتعطيل سلاسل التوريد العالمية، ظل بعض السياسيين الأمريكيين يكثفون إجراءات العزلة والحمائية، مثل تقييد التدفق التجاري لمعدات الوقاية الشخصية، وزيادة رفع التعريفات الجمركية لدعم القدرة التصنيعية في الداخل، والتلاعب بفكرة بائسة حول "الانفصال" أو فك الارتباط، مع الصين. إنهم يُضحّون بالازدهار العالمي طويل الأمد، من أجل تحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأمد.

ينبغي أن يكون المجتمع الدولي بعيد النظر وأن يسعى جاهدا لبذل جهود أكثر تماسكا لتخليص الاقتصاد العالمي المتدهور من المشاكل الموجعة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا الجديد.

المهمة الأولى للحكومات في جميع أنحاء العالم هي تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي.

في قمة قادة مجموعة العشرين (G20) الاستثنائية، تعهد الأعضاء باستخدام جميع أدوات السياسة المتاحة، لتقليل الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الوباء، واستعادة نشاط النمو العالمي، والحفاظ على استقرار السوق، وحماية العمال وشركات الأعمال، ومواصلة تنفيذ دعم مالي جريء وواسع النطاق. ينبغي أن يكون هذا إجماعا بين المجتمع العالمي بأسره.

أما الالتزام الثاني فينبغي أن يكون الحفاظ على سلاسل توريد عالمية مستقرة.

إن وباء فيروس كورونا الجديد قد يدفع بعض الأعمال إلى اتخاذ بعض الإجراءات لدرء الاضطرابات المستقبلية، ولكن يجب ألا تسبب تدميرا لسلاسل التوريد العالمية الحالية، وتعكس الاتجاه العام للعولمة.

ومع تمكنها من السيطرة على الوباء في داخلها، تعيد الصين الإنتاج إلى طبيعته. وقد تعهدت أيضا بزيادة المعروض من السلع المستخدمة لمكافحة الوباء والمكونات الصيدلانية وغيرها من الإمدادات إلى السوق العالمية.

يتعين على الحكومات في جميع أنحاء العالم أن تساعد في ضخ عناصر الاستقرار والثقة في الشبكة العالمية للمصادر والموارد والإنتاج، على أساس السيطرة على تفشي الفيروس في بلدانها.

والمهمة الثالثة هي أن تقوم الحكومات بخفض التعريفات الجمركية وإزالة الحواجز التجارية ودعم التدفق السلس للنشاطات التجارية.

وفي هذا الصدد، ينبغي على الحكومات التوقف عن استخدام الوباء كذريعة لإقامة عوائق جديدة أمام التجارة الحرة. وبدلا من ذلك، عليها أن تستوعب جيدا دروس ذلك الانهيار الاقتصادي في الثلاثينات. وتتمثل إحدى المهام الفورية في تقليل الرسوم الجمركية وغير الجمركية لمعاملات وتبادلات الإمدادات الطبية ذات الحاجة الماسة، ودعم الوكالات والمنصات المتعددة الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية ومجموعة العشرين، في لعب أدوارها الحاسمة.

إن العالم المترابط بشكل متزايد يعني أن الأزمات قد تتجاوز الحدود الوطنية في كثير من الأحيان، ما يجعل الاستجابة العالمية المنسقة أمرا ضروريا. أما اختيار المكافحة بشكل منفرد، فسيجعل الأمور أسوأ فأسوأ.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - بكين (شينخوا)