في العام الواحد والأربعين ليوم القدس العالمي في شهر رمضان المبارك من كل عام ، وفي جمعته الأخيرة ، شعبنا الفلسطيني كما سائر شعوب الأمة وأحرار العالم يحيون يوم القدس العالمي ، الذي دعا إليه الإمام الخميني رحمه الله ، بعد أربعة أشهر من قيام الجمهورية الإسلامية في تموز من العام 1979 ، في نداء أراد منه :-
1. تحذير وتنبيه الأمة إلى ما يُخطط ويُراد للقدس من تهويد وسيطرة صهيونية على المدينة ومقدساتها الدينية . وفي ذلك رؤية استشرافية من قبل الأمام الخميني رحمه الله .
2. دعوة خالصة إلى شعوب الأمة من أجل توحيد كلمتهم ، كشعوب مستضعفة . والوقوف صفاً واحداً للدفاع عن القدس عاصمة فلسطين ، وحشد إمكانياتها ومقدراتها لتحقيق هدف الدفاع والتحرير ، من خلال إعلان ثورة الشعوب المستضعفة في وجه المستكبرين .
3. الدعوة إلى عدم الاكتفاء على رفض سياسات الكيان وحركته الصهيونية ، بل التحرك والنزول إلى الساحات والميادين للتعبير عن هذا الرفض ، الذي يشكل في مجموعه الرد على تلك السياسات الإجرامية ، وفي مقدمتها الاستيلاء على القدس ، بهدف حسم الصراع لصالح الكيان .
4. تخطي الحدود القطرية لأي بلد ، أو أي شعب بعينه بما فيهم الفلسطينيين ، بهدف إعطاء القدس بعدها العالمي . لأن قضية القدس على وجه الخصوص ، كما قضيتهم بالعموم لا تعني الشعب الفلسطيني ، بل قضية الأمة وسائر الشعوب والقوى ، التي ترفض هيمنة قوى الاستعمار والاستكبار والرأسمالية العالمية ، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية ، وقاعدتهم المتقدمة الكيان الصهيوني .
5. الرد الحاسم على حالة التردي التي تعيشها الأمة المُتخلِفة أنظمتها عن نصرتها للحق الفلسطيني والدفاع عن حقوقه وعناوينه الثابتة والمشروعة ، والذود عما تتعرض له القدس من تهويد وتغيير متعمد لمعالمها الدينية والثقافية والتاريخية والديمغرافية . بل هي اليوم في أغلبها تهرول للتطبيع مع الكيان على حساب الحق الفلسطيني وحقوق الأمة ، وحجتهم الواهية والمغرضة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتهددهم .
6. التأكيد على أن قضية القدس هي الخط الفاصل بين قوى الخير وقوى الشر . لذلك يجب إبقاء الصراع مفتوحاً ، إلى أن تتحقق هزيمة قوى الشر والبغي والعدوان ومشروعهم الصهيوأمريكي على أرض فلسطين وفي عموم المنطقة ، بل وفي العالم أجمع .
يكتسب يوم القدس هذا العام الأهمية ، لما تتعرض له مدينة القدس من عمليات تهويد متمادية لم يسبق لها مثيل ، يشنها قادة الكيان الصهيوني في معركة مفتوحة من أجل حسم هويتها الثقافية والدينية والتاريخية والعمرانية والديمغرافية لصالح كيانهم المغتصب .
حيث تأتي تلك السياسات الصهيونية أولاً ، في ظل ما تسمى ب" صفقة القرن " التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي في كانون الثاني من العام الجاري ، واليوم تُستكمل فصولها من خلال حكومة الرأسين لنتنياهو وغانتس ، في ضم واسع للمستوطنات في الضفة والسيطرة على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت .
وثانياً ، بالتزامن مع مضي 72 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني في الخامس عشر من أيار عام 1948 ، حيث يؤكد فيها شعبنا الفلسطيني على تمسكه وتصميمه على عودته إلى أرضه فلسطين مهما تعاظمت التحديات وكبرت التضحيات .
وثالثاً ، مع الذكرى العشرين لانتصار المقاومة في لبنان بقيادة حزب الله ، الذي تمكن من دحر الاحتلال الصهيوني عن أرض الجنوب ، من دون قيد أو شرط . ونحن نحيي يوم القدس العالمي هذا العام ، نفتقد وتفتقد فلسطين وعاصمتها القدس ، شهيدها وقائد لوائها المجاهد الكبير اللواء قاسم سليماني .
الذي أتى استشهاده في مرحلة بالغة الدقة ، أحوج ما نكون إليه في معركة الصمود والتصدي للهجمة الأمريكية الصهيونية على أمتنا ، بهدف إخضاعها لمشيئتهم ومشروعهم ، الذي يتهاوى سريعاً في عموم المنطقة ، على وقع ما تحقق ويتحقق من انتصارات في الميدان السوري ، بفضل صمود الجيش السوري وحلفائه .
ونحن نفتقد الشهيد الكبير القائد قاسم سليماني ، نؤكد أننا سنبقى على عهدنا للشهيد وما تركه من أثر كبير وفعال على تطوير قدرات وتوفير الإمكانيات لقوى المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن ، التي كان لها الدور الكبير والحاسم في صمودها وانتصارها .
بعد مرور 41 عاماً على النداء الذي أطلقه الإمام الخميني رحمه الله بإعلان يوم القدس العالمي ، لا تزال الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومرشد ثورتها سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي ، على التزامهم وتبنيهم المطلق لقضية القدس عاصمة فلسطين والأمة .
وتوفير كل أشكال الدعم والإسناد لها ، على الرغم مما تعانيه إيران من حائجة الحصار والعقوبات الغير مسبوقة التي تفرضها الإدارة الأمريكية والدول الذيلية لها . إلاّ أن ذلك لن يؤثر على توجهات والتزامات إيران اتجاه قضايا الأمة ، والقضية الفلسطينية في المقدمة منها .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت