ورقة سياساتية حول الأوامر العسكرية الإسرائيلية بإغلاق الحسابات البنكية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين

 

الأمر العسكري الإسرائيلي بشأن حسابات الأسرى البنكية - خلفية الأزمة

في الوقت الذي تستمر فيه تداعيات الأزمة المتصاعدة وتفاعلاتها على خلفية إصدار قوات الاحتلال الأمر العسكري ضد البنوك لإجبارها على إغلاق حسابات الأسرى تحت طائلة التهديدات والقضايا التعويضية والإغلاق والملاحقة.

يصدر الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون هذه الورقة السياساتية حول الأوامر العسكرية الإسرائيلية الاحتلالية بإغلاق حسابات الأسرى والمحررين، يستعرض فيها الخطوة من منظور القانون والاتفاقيات الدولية، ويقدم عدة سيناريوهات وبدائل للخروج منها، بما يحفظ للأسرى والمحررين حقوقهم كمقاتلين فلسطينيين من اجل الحرية ووفق القانون الفلسطيني الأساسي وقانون الأسرى والمحررين والتشريعات التي كفلت حقوقهم، وفي الوقت نفسه يحمي الجهاز المصرفي العامل في فلسطين والذي له دور تنموي هام من تبعات القرارات الاحتلالية ومحاولاته قرصنة أمواله، ووضعه في خصومة مع حاضنتها المحلية.

في 9/2/2020 وقع قائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية أمراً عسكرياً موجه للبنوك العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة بشأن التعليمات الأمنية حمل عنوان (التعديل 67 / رقم 1827 / لعام 2020). انطوى على لغة تهديدية للبنوك والعاملين والودائع فيها في حال استمرت بفتح حسابات الأسرى.بحسب الأمر العسكري الاحتلالي الإسرائيلي-والذي نتحفظ على لغته ضد المناضلين الفلسطينيين من أجل الحرية (الأسرى) وننقل فحواه لاطلاع الجمهور كما صدر.

سبق هذا الأمر العسكري اتخاذ قوات الاحتلال تدابير عسكرية مالية عقابية ضد (50) أسيرا من الداخل الفلسطيني، إذ جرى تجميد حساباتهم البنكية في كانون الثاني الماضي وتبعهم (10) أسرى من القدس المحتلة. وقرار سابق لسلطات الاحتلال باقتطاع قيمة ما يتقاضاه الأسرى الفلسطينيين من رواتب من أموال المقاصة في محاولة للضغط على السلطة الفلسطينية لدفعها للتوقف عن دفع رواتب لعائلات الأسرى والشهداء.

الأمر العسكري الإسرائيلي يهدد السلم الأهلي ويشعل فتيل الفلتان الأمني

هذه الخطوات الاحتلالية المتراكمة، وبالذات الخطوة الأخيرة المتمثلة في الأمر العسكري الاحتلالي ضد البنوك، هي مخالفة صارخة للاتفاقيات الثنائية بين منظمة التحرير و"إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال من جهة، وهي كذلك مخالفة لقرارات الشرعية الدولية ممثلة بالأمم المتحدة، وللاتفاقيات الدولية، وللتشريعات الفلسطينية وقي مقدمتها القانون الأساسي – بمثابة دستور دولة فلسطين المؤقت – ولقانون الأسرى والمحررين ولسائر التشريعات الفلسطينية التي تعمل البنوك في فلسطين وفقاً لها، وهي محاولة لإرهاب وتهديد البنوك تنطوي على آثار سلبية ستلحق بآلاف العائلات الفلسطينية.

لم تقف التداعيات التي أثارها الأمر العسكري الاحتلالي عند هذا الحد، إذ استجابت بعض البنوك للضغوطات خشية العقوبات والتدابير الجزائية ضدها، فأغلقت حسابات أسرى وطلبت منهم التوقيع على وثائق الإغلاق، وهو ما تسبب في ردود فعل وتطورات ميدانية عنيفة، تنوعت ما بين إطلاق النار على البنوك أو رمي زجاجات حارقة أو تكسير واجهاتها في العديد من مناطق الضفة الغربية، وسط حالة من الاحتقان الشديد تهدد السلم الأهلي في فلسطين.

وقد أحدث هذا القرار ارتدادات رسمية وشعبية كبيرة في المجتمع الفلسطيني، وحيث أن هذه الورقة تسعى إلى الاستناد عليه كمدخل تحليلي، فانه يمكن تلخيص هذه الارتدادات على النحو التالي: أصدر محافظ جنين أكرم الرجوب بياناً صحافياً اعتبر فيه أن" التضامن مع حقوق الأسرى والاحتجاج على إغلاق بعض البنوك لحساباتهم لا يكون بحمل السلاح والخروج على القانون والاعتداء على الممتلكات بشكل يسيء لمنظومة قيمنا الوطنية والأخلاقية ويهدد السلم المجتمعي".

كما أكدت سلطة النقد الفلسطينية أن حقوق الأسرى والمحررين محفوظة وسوف تنسق مع الحكومة لضمان استمرارية تلقي الأسرى مستحقاتهم، مشددة على وقوفها التام إلى جانب البنوك والجهاز المصرفي لحمايته كقطاع وطني وتنموي ومطالبة الأجهزة التنفيذية باتخاذ إجراءات رادعة بحق مهاجمي البنوك. وطلبت من البنوك التروي. في إيقاف الحسابات إلى حين إنضاج حلول فلسطينية قادرة على التعامل مع الأزمة.

فيما طلبت جمعية البنوك في كتاب موجه لمحافظ سلطة النقد التوقف عن تحويل أي مبالغ لهذه الحسابات. مؤكدة أنها ستقوم بتحويلها إلى حساب وزارة المالية. وقد رد وزير المالية عليها برسالة شديدة اللهجة، معتبراً فيها أنه لا يوجد ي مسوّغ قانوني يبرر تصرف المصارف بحسابات معتمديها دون أخذ موافقتهم المسبقة ومن طرف واحد"، موضحا أن هذا "من شأنه أن يعرّض المصارف للمساءلة القانونية باعتبارهم قد تصرفوا بما لا يملكون حق التصرف به، مؤكداً انه يتحفظ على ما ورد في كتاب جمعية البنوك جملة وتفصيلاً، ومؤكداً أنه من غير المقبول الإشارة إلى حقائق غير سليمة في الكتاب، مشيراً أن تسرّع جمعية البنوك في تسطير الكتاب والذي تناقلته وسائل إعلام الاحتلال ستكون له تبعات قانونية، باعتباره وثيقة صادرة عن جهة لها اعتبارها وسيتم استخدامه من قبل الجهات التي تسعى للمساس بالدولة الفلسطينية وقرصنة أموالها، ومطالباً الجمعية بالتراجع عما ورد في كتابها وضبط النفس وإتاحة الفرصة للجنة المكلفة من قبل رئيس الوزراء لمتابعة الموضوع والعمل حسب الأصول".

لاحقاً لذلك أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الاتفاق مع البنوك العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة على تجميد أي إجراء بخصوص حسابات الأسرى للتشاور.

هذه التداعيات للأمر العسكري الإسرائيلي، تهدد بنقل الأزمة إلى الداخل الفلسطيني في الوقت الذي تستدعي فيه السياسة الإسرائيلية التي تقود الشعب الفلسطيني من أزمة إلى أخرى، سياسة فلسطينية مقابلة بذات الندية ومواجهة تكاتفية جمعية.

 

القطاع المصرفي في فلسطين – الحضور العنيف للاستعمار في السردية المصرفية

تطور القطاع المصرفي الفلسطيني بتعاقب الأنظمة القانونية التي أثرت على السياسات النقدية وعلى هذا القطاع. بدءاً من الاستعمار البريطاني، والحكم الأردني في الضفة الغربية، والمصري في قطاع غزة، ثم الاستعمار الإسرائيلي، وصولاً إلى مرحلة السلطة الفلسطينية، والتي تطورت وأخذت شكلاً أكثر مأسسة بعد الاعتراف الأممي بدولة فلسطين في العام 2012.

  • بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1917 أوقفت بريطانيا التداول بالنقد العثماني وسمحت للعملة المصرية الورقية والمعدنية بالتداول إلى جانب الجنيه الذهبي الإنجليزي. واعتمد الجنيه المصري رسمياً. جرى ذلك حتى عام 1927 إذ صدر مرسوم من المندوب السامي وقرر وقف تداول النقود المصرية واستبدالها بالجنيه الفلسطيني الذي جرى ربطه بالجنيه الإسترليني، بحيث كان الجنيه الفلسطيني يساوي جنيه إسترليني واحد، وقد صدر أول جنيه فلسطيني عام 1928 من قبل مجلس النقد الفلسطيني التابع لوزارة المستعمرات البريطانية.
  • استمر تداول الجنيه الفلسطيني حتى نكبة 1948، واحتلال العصابات الصهيونية لمعظم أراضي فلسطين، إذ جرى وقف التداول بالجنيه الفلسطيني منتصف أيلول 1948. في تلك الفترة العديد من المصارف كانت تعمل من حقبة ما قبل الاحتلال في فلسطين، أهمها المصرف العربي – البنك العربي اليوم، وهو فلسطيني المنشأ، تأسس في القدس عام 1930 وانتشر عربياً وعالمياً لاحقاً.
  • بعد إعلان دولة "إسرائيل" وتوحيد الضفتين الشرقية والغربية ضمن المملكة الأردنية الهاشمية، وإدارة قطاع غزة من قبل مصر، انحل مجلس النقد الفلسطيني وأوقف إصدار الجنيه، وظل هو العملة المتداولة في الضفتين حتى بدأ الأردن إصدار الدينار في تموز 1950، وأوقف الأردن التعامل بالجنيه الفلسطيني عام 1951 وبالمثل استبدلت مصر النقد الفلسطيني بالمصري. خلال هذه الفترة استمرت (8) مصارف بواقع (32) فرع في العمل في الضفة الغربية و (6) مصارف بواقع (7) فروع في قطاع غزة، من بينها البنك العربي وبنك فلسطين والبنك العقاري العربي وبنك الإسكندرية وبنك الأمة.
  • في العام 1967 أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي الأمر العسكري رقم (7) وأقفل بموجبه كافة المصارف العاملة في الضفة والقطاع، وقرصن أرصدتها البالغة 2.3 مليون دولار إلى حسابات باسمها في بنك إسرائيل، وسمح للمصارف الإسرائيلية بتقديم الخدمات المصرفية للمواطنين الفلسطينيين بشكل محدود، وفتحت (6) مصارف إسرائيلية بواقع (39) فرع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفرضت العملة الإسرائيلية – الليرة – وسمح ببقاء الدينار الأردني فيما ألغي الجنيه المصري والعملات الأخرى.
  • عام 1981 كان فارقاً، إذ حدثت (حلحلة) لقضية إغلاق المصارف الفلسطينية والعربية منذ النكسة، وكسب بنك فلسطين قضية أمام المحاكم الإسرائيلية ليعيد فتح فرعه في غزة، بعدها بخمس سنوات أعيد فتح فرع بنك القاهرة عمان في نابلس، بالرغم من فرض شروط إسرائيلية مجحفة على التعامل بالنقد الأجنبي عليهما، واشتراط أن يتم فتح الاعتمادات المستندية من خلال المصارف الإسرائيلية بعمولة كبيرة.
  • اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، ما أجبر المصارف الإسرائيلية على الإغلاق في الضفة الغربية وقطاع غزة.
  • عام 1991 - 1993 بدأت الأوضاع بالهدوء فتزايد عدد المصارف وانتعشت الآمال والتوقعات بازدهار اقتصادي.

 

مرحلة تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية وما بعدها – التحول الكبير

  • بعد تأسيس السلطة عام 1994، ولد للمرة الأولى جهاز فلسطيني مصرفي يعمل بمقتضى قوانين وتعليمات فلسطينية، رسمت اتفاقية باريس الاقتصادية الملحقة باتفاقيات أوسلو الإطار العام الذي ينظم ويحكم عمل الجهاز المصرفي، وظهرت وزارة المالية الفلسطينية، وجرى إنشاء سلطة النقد الفلسطينية، لضمان سلامة العمل المصرفي والحفاظ على الاستقرار النقدي وتشجيع النمو الاقتصادي في فلسطين وفقاً للسياسة العامة للسلطة الوطنية، وخرجت المصارف الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية عدا القدس، ودخلت العديد من المصارف الأردنية إلى السوق الفلسطيني بعد توقيع اتفاقية وادي عربة في أكتوبر 1994. في تلك الفترة تحسن القطاع المصرفي وشهد ازدهار نسبي.
  • وفق التقرير السنوي لسلطة النقد الصادر عام 2018، يعمل في الأراضي الفلسطينية حالياً (7) بنوك محلية بواقع (227) فرع ومكتب، و (7) بنوك وافدة – أردنية ومصرية – بواقع (124) فرع ومكتب في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى (266) شركة صرافة و (45) فرد صراف و (6) شركات إقراض متخصصة.

 

الإطار القانوني الناظم لعمل القطاع المصرفي في فلسطين

أما الإطار القانوني الناظم للقطاع المصرفي يتمثل في:

وعليه، يعمل القطاع المصرفي في فلسطين في ظروف معقدة للغاية، منها حداثة عمر الجهاز المصرفي، والتشوه الاقتصادي الفلسطيني وهشاشته نتيجة الحضور الاستعماري العنيف والسيطرة الإسرائيلية على الموارد والمعابر وما يخلقه وجوده من عوامل عدم استقرار ومخاطر سياسية، وغياب عملة وطنية فلسطينية، والتداول كبديل عن ذلك بثلاث عملات، ما يؤدي لاختلاف تركيبة الودائع والقروض، والاتفاقيات الثنائية التي تقيد عمل الجهاز المصرفي. كلها عوامل تفرض تحديات هائلة على المصارف العاملة في الحيز الفلسطيني.

 

الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية – إحصائيات رقمية

يعيش المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية ظروف مأساوية ناتجة عن سياسة عنف بنيوية وتشريعية وممارستيه وثقافية تتبعها دولة الاحتلال بحقهم، قرابة (5000) أسير منهم (43) أسيرة وحوالي (200) طفل أسير ، (700) أسير مريض، (432) معتقل إداري، و(6) أعضاء سابقين في البرلمان الفلسطيني، عرضة لكافة الانتهاكات المخالفة للقانون الدولي وحقوق الإنسان وبالذات لاتفاقيات جنيف الخاصة بالتعامل مع الأسرى وحقوقهم.

الصفة القانونية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في القانون الدولي – الجدل في فضاء اتفاقيات جنيف

  • في البداية أعلنت سلطات الاحتلال في بداية مرحلة الاحتلال عام 1967 أنها ستطبق اتفاقيات جنيف على الوضع الفلسطيني، وأن احتلالها مؤقت جاء من باب الدفاع الشرعي لحماية أمنها.
  •  اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب تم اعتمادها وتوقيعها من قبل إسرائيل عام 1951.
  • فور احتلال القوات الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية عام 1967 باشر القادة العسكريون آنذاك إصدار البلاغات والأوامر العسكرية لتنظيم الأوضاع الناشئة عن قيام إسرائيل باحتلال الأراضي الفلسطينية والعربية، وإرساء الأساس القانوني له.
  •  فطبقا للبلاغ العسكري رقم (2)، أعلن حاييم هرتسوغ القائد العسكري للمنطقة (الضفة الغربية) عن توليه كافة الصلاحيات ليضع بذلك كافة السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بيده. وأوضحت الأوامر الصادرة عن القائد العسكري للضفة الغربية في الأيام الأولى من الاحتلال التوجه الرسمي الإسرائيلي الذي يعتبر الأراضي التي وقعت تحت السيطرة الإسرائيلية أراض محتلة ينطبق عليها القانون الدولي، بما فيه أحكام اتفاقية جنيف الرابعة. وللتأكد على ذلك تم تضمين البلاغات الثلاثة الأولى التي أصدرتها قوات الاحتلال نصوصاً تشير إلى اعتزام إسرائيل تطبيق أحكام معاهدات جنيف على الأراضي التي احتلتها. فقد أشارت المادة (35) من البلاغ العسكري رقم (3) المتعلق بإنشاء المحاكم العسكرية والقائمين عليها. تطبيق أحكام وقواعد اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب لسنة 1949 بخصوص كل ما يتعلق بالإجراءات القضائية، وانه في حالة نشوء تناقض بين الأمر العسكري والاتفاقية الرابعة تكون الأفضلية لأحكام الاتفاقية ".
  • ولكن سلطات الاحتلال وبعد مرور فترة قصيرة على بداية الاحتلال لجأت إلى نفي صفة الاحتلال الحربي لتواجدها في الأراضي الفلسطينية وأطلقت على هذه الأراضي اسم الأراضي " المحررة" أو "المدارة". وتمشيا مع هذا التوجه الجديد قامت في شهر 11/ 1967 بحذف المادة (35) من البلاغ العسكري رقم 3(3) المذكور معلنة بذلك التراجع عن الاعتراف بأفضلية أحكام اتفاقية جنيف الرابعة على التشريع العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.  ومن ثم بدأت بتطبيق قانون الطوارئ البريطاني لعام 1945 ثم أخذت بإصدار القرارات العسكرية دون أي ضوابط أو معايير دولية.
  • لاقى التوجه السياسي الجديد لسلطات الاحتلال وتراجعها عن موقفها بشأن انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 الدعم من قبل فقهاء القانون الدولي الإسرائيليين وعلى رأسهم يهودا بلوم.

 يعتمد موقفه على حجة مزعومة تقول بـ (نظرية ملء فراغ السيادة) التي تعتبر أن فلسطين كانت بعد الاستعمار البريطاني في حالة فراغ سيادة وعليه؛ من حق "إسرائيل" ملء فراغ السيادة، أو (نظرية الغزو الدفاعي) التي ترى أن "إسرائيل" كانت في حالة دفاع عن النفس.  وهي نظريات هزيلة كون فلسطين لم تكن يوماً بلا سيادة أو غير مأهولة، ما أنّ الإقرار بها يؤدي إلى نسف قانون الاحتلال من أساسه، لأنّها تجعل تطبيق قواعده متوقف على مدى اعتراف القائم بالاحتلال بمدى مشروعية الدولة المهزومة في ذلك الإقليم، وهي نظرية لا تقيم أي وزن لحق الشعوب في تقرير مصيرها بما يناقض ميثاق الأمم المتحدة.

  • مفهوم الأسير في ضوء اتفاقية جنيف الثالثة 1949: عرفت المادة (4) من اتفاقية جنيف الثالثة أسرى الحرب على أنهم أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات  أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءاً من هذه القوات المسلحة ، وأفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة (المليشيات أو الوحدات المتطوعة) الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً، على أن تتوفر الشروط التالية في هذه المليشيات أو الوحدات المتطوعة بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة:
  1. أن يقودها شخص مسئول عن مرؤوسيه.
  2. أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بعد.
  3. أن تحمل الأسلحة جهراً.
  4. أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها.

 

  • النظام القضائي الإسرائيلي المطبق على الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين:

 

  • أحكام قانون الطوارئ البريطاني 1945
  • جملة من الأوامر العسكرية التي استحدثتها "إسرائيل" لخدمة سياستها الاحتلالية: حوالي 900 أمر عسكري في غزة، وحوالي 1680 أمر عسكري في الضفة الغربية. وكان أشهرها الأمر العسكري بشأن تعليمات الأمن 378 للعام 1970. والآمر العسكري 1651 هو امرأ جامعاً لمعظم إجراءات الاعتقال وأصول المحاكمات. المادة 186 والتي أقرت تشكيل لجنة عسكرية خاصة لها صلاحية أن تقرر إعادة اعتقال أي شخص تم إطلاق سراحه قبل إنهاء مدة حكمه، استنادا لمعلومات سرية بها ما يشير أن هذا الشخص أخل بأحد شروط إطلاق سراحه، دون الحاجة لإثبات هذا الأمر بموجب أصول البينات عادة في المحاكم العسكرية أو المدنية، ودون الحاجة لإثبات أن الشخص ارتكب أي مخالفة جديدة.
  • قانون تامير: نص على أن أي أسير فلسطيني يرد بحقه اعترافين متطابقين من شخصين، ذلك كافي لإدانته ومحاكمته.
  • قانون "المقاتل غير الشرعي": تم تطبيقه على بعض المعتقلين ومنهم من أنهى مدة حكمه في السجون الإسرائيلية، دون أن يطلق سراحه بحجة خضوعه من جديد لذلك القانون الجديد. والذي يعتبر كل من شارك بأعمال فدائية مباشرة أو غير مباشرة، ولا تنطبق عليه صفة أسير حرب حسب المادة (4) من اتفاقية جنيف الثالثة مقاتل غير شرعي.
  • التكييف القانوني للمعتقلين الفلسطينيين في ضوء قواعد القانون الدولي: تتعدد الأسباب التي تشكل ذريعة للاحتلال في اعتقال الفلسطينيين، وفي بعض الأحيان يتم الاعتقال دون أسباب ودون توجيه تهمة ومع ذلك يستمر الاعتقال لسنوات. وبالتالي لا يمكن تعميم سبب واحد للاعتقال على كافة حالات الاعتقال.
  • القليل من الأسرى تم أسرهم أثناء عمليات للمقاومة وهم بذلك يخضعون لاتفاقية جنيف الثالثة بشأن الأسرى والمؤرخة في 12 أب عام 1949.

غالبية الأسرى الفلسطينيون اللذين تم اعتقالهم من قبل دولة الاحتلال منذ العام 1967 ولغاية اللحظة هم في غالبيتهم مدنيين، فقد تم اعتقالهم من بيوتهم أو من الشوارع أو من أماكن أخرى، أي لم يتم اعتقالهم أثناء مواجهات مسلحة أو ما شابه، وبالتالي هؤلاء الأسرى يخضعون إلى اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين أثناء النزاع المسلح أو الاحتلال كونهم مدنيين وليسوا عسكريين. وذلك استناداً للمادة (4) من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب للعام 1949، سابقة الذكر والتي تحدد شروط من هم أسرى الحرب.

 

  • ومع ذلك يمكن القول أن هناك حالة واحدة تنطبق بحق جميع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية(سواء المدنيين أو العسكريين)  وهي كونهم ضحايا جريمة حرب ، وذلك بسبب انتهاك سلطات الاحتلال الإسرائيلي لقواعد القانون الدولي الإنساني المتمثلة في اتفاقيات جنيف، وذلك استناداً لما ورد في المادة (8/2)  من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيث ذكر النص أنه " لغرض هذا النظام الأساسي تعني "جرائم الحرب" الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب / أغسطس 1949 ، أي فعل ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة . "

 

حقوق الأسرى في القانون الدولي الإنساني - الأمر العسكري الإسرائيلي ينتهك اتفاقية جنيف الرابعة

تتعدد أشكال الحماية القانونية التي فرضها القانون الدولي الإنساني للأسرى، وهي تتركز في اتفاقية جنيف الثالثة 1949 المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب وحقوقهم وضماناتهم والرابعة بشأن المدنيين واتفاقية لاهاي 1907 بدءاً من لحظة وقوعهم في الأسر مروراً بفترة الأسر وانتهاءً بالإفراج عنهم. يمكن تقسيم أشكال الحماية وفق فترتين زمنيتين الأولى هي لحظة الوقوع في الأسر، والثانية أثناء الوجود في الأسر.

  • حقوق الأسرى لحظة الوقوع في الأسر: وفق جنيف الثالثة هناك جملة من الحقوق التي يجب مراعاتها عند ابتداء الأسرى لدى الدول الحاجزة، منها الحماية المقررة باعتبار الدول مسؤولة عن سلوكيات أفرادها وعساكرها التي قبضت على الأسير ومسؤولة عن إعادته إلى وطنه، ومسؤولة أيضاً عن تصرفات مواطنيها المدنيين الذين قد يقبضون على الأسرى في بعض الحالات. كذلك ينبغي توفير حماية أثناء نقل الأسرى بإبعادهم عن مناطق القتال بأسرع وقت ممكن تأميناً لهم من الخطر، وفرض القانون الدولي الإنساني حماية للأسرى أثناء التفتيش والاستجواب وحماية له من التعذيب.
  • حقوق الأسرى أثناء الأسر: كفل القانون الدولي الإنساني عدة حقوق للأسرى أثناء فترة الأسرى يمكن تكثيفها في الحق في المعاملة الإنسانية اللائقة، وفق جنيف الثالثة والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، والحق في المساواة في المعاملة، والحق في احترام الشخصية والشرف، والحق في الرعاية الطبية والصحية، والحق في ممارسة الشعائر الدينية، والحق في ممارسة الأنشطة الذهنية والتعليمية والترفيهية والرياضية، والحق في المأوى والغذاء والملبس، والحق في الاتصال بالخارج، والحق في المحاكمة العادلة.
  • حقوق الأسرى وفق المادة (118) من جنيف الرابعة بالإفراج: يفرج عن أسرى الحرب ويعادون إلي أوطانهم دون إبطاء بعد انتهاء الأعمال العدائية الفعلية في حالة عدم وجود أحكام تقضى بما تقدم في أي اتفاقية معقودة بين أطراف النزاع بشأن وضع نهاية للأعمال العدائية، أو إذا لم تكن هناك اتفاقية من هذا النوع، تضع كل دولة من الدول الحاجزة بنفسها وتنفذ دون إبطاء خطة لإعادة الأسرى إلي وطنهم تتمشى مع المبدأ الوارد بالفقرة السابقة. ويجب في كلتا الحالتين إطلاع أسرى الحرب علي التدابير المقررة. كما نصت المادة (77) على: " يسلم الأشخاص المحميون الذين اتهموا أو أدانتهم المحاكم في الأراضي المحتلة، مع الملفات المتعلقة بهم، عند انتهاء الاحتلال إلى سلطات الأراضي المحررة". ومن الممكن اعتبار اتفاقيات أوسلو باعتبارها اتفاق سلام وقعته "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية إعلاناً بانتهاء النزاع والحرب يستدعي الإفراج عن الأسرى وفق المواد المذكورة.
  • حقوق الأسرى المالية وفق المادة (98) من جنيف الرابعة: المادة (98) من جنيف الرابعة 1949 بشأن حماية المدنيين وقت الحرب كفلت حق المعتقلين في تلقي المساعدات المالية من دولهم، إذ نصت على أنه: "يجوز للمعتقلين أن يتلقوا إعانات من الدولة التي يكونون من رعاياها، أو من الدول الحامية، أو من أي هيئة تساعدهم، أو من عائلاتهم، وكذلك إيراد ممتلكاتهم طبقاً لتشريع الدولة الحاجزة وتفتح الدولة الحاجزة حساباً منتظماً لكل شخص معتقل تودع فيه المخصصات المبينة في هذه المادة، والأجور التي يتقاضاها، وكذلك المبالغ التي ترسل إليه. كما تودع في حسابه أيضاً المبالغ التي سحبت منه والتي يمكنه التصرف فيها طبقاً للتشريع الساري في الإقليم الذي يوجد فيه الشخص المعتقل. وتوفر له جميع التسهيلات التي تتفق مع التشريع الساري في الإقليم المعني لإرسال إعانات إلى عائلته وإلى الأشخاص الذين يعتمدون عليه اقتصادياً وله أن يسحب من هذا الحساب المبالغ اللازمة لمصاريفه الشخصية في الحدود التي تعينها الدولة الحاجزة"

 

انتهاك الأمر العسكري الإسرائيلي لقرارات الشرعية الدولية بشأن مشروعية النضال الفلسطيني من أجل التحرر الوطني

أطلق الأمر العسكري الإسرائيلي على الأسرى الفلسطينيين وصف "المسجونين الإرهابيين" وهو وصف يشكل خرق لجملة من قرارات الشرعية الدولية التي أكدت على مشروعية النضال الفلسطيني ضد الاحتلال ومن أجل التحرر الوطني:

  1. قرار رقم (1515 لسنة 1960) بشأن النضال من أجل تقرير المصير. وهو من أول القرارات بهذا الشأن.
  2. قرار الجمعية العامة رقم (2672 لسنة 1970) بشأن شجب إنكار حق تقرير المصير لا سيما على شعبي جنوب إفريقيا وفلسطين، والذي تضمن لأول مرة احترام شرعية كفاح الشعوب الرازحة تحت الهيمنات الاستعمارية والإحلالية واحترام حقها في تقرير المصير الذي يشكل جوهر ميثاق الأمم المتحدة.  والتأكيد على وجوب معاملة المشاركين في حركات المقاومة كأسرى حرب عند إلقاء القبض عليهم وفق مبادئ وأحكام اتفاقية لاهاي 1907 واتفاقية جنيف 1949.
  3. قرار الجمعية العامة في ديسمبر 1983 الذي اعتبر النزاعات المسلحة التي تنطوي على كفاح تشنه الشعوب ضد الهيمنة الاستعمارية والأنظمة العنصرية” نزاعات مسلحة دولية “ضمن الإطار الذي تحدده اتفاقيات جنيف، وعليه انطبق وصف المحاربين وفقاً لهذه الاتفاقيات على الأفراد المشاركين في النضال المسلح ضد الاستعمار والاحتلال.
  4. قرار الجمعية العامة رقم (2012 لسنة 1973) والذي أكد على أن: " كفاح الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والنظم العنصرية، في سبيل إقرار حقها في تقرير المصير والاستقلال، هو كفاح مشروع يتفق كل الاتفاق مع مبادئ القانون الدولي”. وقد صدر من الجمعية العامة للأمم المتحدة أول القرارات التي تؤكد حق استعمال القوة في النضال من أجل حق تقرير المصير"
  5. قرار رقم (103 لسنة 1987) والذي نص على حق الدول في دعم حق تقرير المصير وحقها في استخدام الكفاح السياسي والمسلح.
  6. إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلق بالعلاقات الودية والتعاون بين الدولة لعام 1970، الذي أكد على أن: " لجميع الشعوب، بمقتضى مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها، المكرس في ميثاق الأمم المتحدة، الحق في أن تحدد بحرية ودون تدخل خارجي، مركزها السياسي، وفي أن تسعى بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وعلى كل دولة واجب احترام هذا الحق وفقاً لأحكام الميثاق".
  7. الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها صفة الدولة المراقب غير العضو في الأمم المتحدة في عام 2012 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. وعليه يعتبر هذا الاعتراف كاشفاً ومصنفاً للتواجد الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة كقوة احتلال كفلت القوانين الدولية حق مقاومتها بالسبل المشروعة.
  8. قرار مجلس الأمن رقم (2334 لسنة 2016) بشأن مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان، والذي صدر بموافقة كافة أعضاء مجلس الأمن ال14 وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، مؤكداً عدم شرعية المستوطنات وانتهاكها للقانون الدولي وتشكيلها عقبة أمام إحلال السلام العادل.

وعليه، وفقاً لهذه القرارات الأممية والاتفاقيات وغيرها، يشكل النضال الفلسطيني أداة للتحرر من الاستعمار والحصول على حق تقرير المصير، وأداة لإزالة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني، سواء السياسية أو المدنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية او الثقافية أو حقوق الجيل الثالث. ولإجبار إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال على إنهاء وجودها غير الشرعي في الأرض الفلسطينية المحتلة واحترام الاتفاقيات الدولية، وهو ما ينطبق على الأسرى باعتبارهم مقاتلين/مناضلين فلسطينيين من أجل الحرية.

 

انتهاك الأمر العسكري الفلسطيني للنظام القانوني في فلسطين ولحقوق الأسرى في التشريعات الوطنية

استناداً للاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال، كان من ضمنها إجراء انتخابات تشريعية في الضفة الغربية وقطاع غزة لاختيار ممثلين للشعب الفلسطيني، كما تنص تلك الاتفاقيات على أن كل ما يصدر عن تلك الهيئة التمثيلة، يجب أن ينسجم مع الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، وبالتالي فإن القانون الأساسي الفلسطيني للمرحلة الانتقالية نص بشكل مباشر على ضرورة رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمعاقين. كما أن القوانين التي صدرت عن المجلس التشريعي الفلسطيني جاءت على هذا النحو منسجمة مع الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، وبالتالي دولة بإجراءاتها التعسفية، إنما تخرق تلك الاتفاقيات.  

كفلت التشريعات الوطنية الفلسطينية وفي مقدمتها القانون الأساسي حقوق الأسرى والشهداء، وذلك في الباب الثاني (الحقوق والحريات العامة) إذ نصت المادة (22) من القانون الأساسي على:

"1. ينظم القانون خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز والشيخوخة. 2. رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمتضررين والمعاقين واجب ينظم القانون أحكامه، وتكفل السلطة الوطنية لهم خدمات التعليم والتأمين الصحي والاجتماعي".

كما نظم قانون الأسرى والمحررين رقم (19) لسنة 2004 وتعديلاته بالتفصيل حقوق الأسرى بعد أن عرف الأسير والأسير المحرر واعتبرتهم المادة (2) من القانون المذكور: "شريحة مناضلة وجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع العربي الفلسطيني وتكفل أحكام القانون حياة كريمة لهم ولأسرهم"، كما نصت المادة (7) من القانون: "1. على السلطة أن تصرف لكل أسير راتبا شهريا يحدده النظام ويكون مربوطا بجدول غلاء المعيشة. 2. يصرف لأفراد عائلة الأسير جزء من راتبه طبقا لمعاير النفقة القانونية المعمول بها. 3. يحدد الأسير وكيله في استلام راتبه الشهري أو ما تبقى منه. "وأصدر مجلس الوزراء في العام 2006 الأنظمة التابعة لقانون الأسرى والمحررين، بما فيها نظام صرف راتب شهري للأسير وأسرته. كما صدر قرار بقانون (19) لسنة 2014 بشأن رعاية عائلات الأسرى.

كما تعمل المصارف والبنوك في فلسطين وفقاً لقرار بقانون المصارف رقم (9) لسنة 2010، الذي ألغى قانون المصارف رقم (2) لسنة 2002، ووفقاً للأنظمة والتعليمات والقرارات والإرشادات الصادرة عن سلطة النقد. وهي أطر وطنية كفلت حقوق الأسرى والمحررين.

 

ما العمل؟ استشراف الحلول

إذ يعبر الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون عن رفضه المطلق ورفضه للأمر العسكري الإسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين وذويهم والبنوك الفلسطينية ودعمه لموقف الدولة الفلسطينية وحريتها في تقرير تدفق المساعدات، وأشكال الرعاية المختلفة لمستحقيها كحق قانوني وإنساني ووطني كحق قانوني وإنساني ووطني، وإدراكاً منه لصفة الأسرى الفلسطينيين كمناضلين من أجل الحرية، وتأكيداً على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان وبالذات منها اتفاقيات جنيف، وإذ يحمل دولة الاحتلال المسؤولية كاملة عن وضع آلاف الأسر الفلسطينية وعن تهديد السلم الأهلي الفلسطيني نتيجة هذا القرار، فإنه يرى أن خطة عمل تكاملية يجب أن تنطلق من الأطراف كافة كل وفقاً لموقعه واختصاصه، تشمل عدة محاور. بتقسيم هذه الخطة حسب الجهات تكون على النحو التالي:

  • على المستوى الرسمي (مؤسسات الدولة الفلسطينية)، ومنظمة التحرير الفلسطينية
  1. تشكيل لجنة من منظمة التحرير الفلسطينية، تضم في عضويتها الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، بالإضافة إلى الائتلافات والشبكات الفلسطينية، وخبراء قانونيين، من أجل وضع الخطط لمواجهة هذا القرار على المستوى الداخلي والدولي.
  2. قيام الدبلوماسية الفلسطينية بالعمل الحثيث وبالتعاون مع الدول الصديقة لإحياء قرارات الشرعية الدولية بشأن مشروعية النضال الفلسطيني من أجل التحرر الوطني بما يؤكد على صفة الأسرى الفلسطينيين كمقاتلين/مناضلين من أجل الحرية ويؤطر الانتهاكات والتهديدات الإسرائيلية ضد برامج رعايتهم كعقوبات جماعية مجرمة في القانون الدولي.
  3. التوجه إلى محكمة العدل الدولية للحصول على رأي استشاري بشأن قضية الأسرى الفلسطينيين، وبالتزامن التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار يعتبر أي خطوة إسرائيلية محتملة تجاه البنوك شكلاً من أشكال القرصنة ولمجلس حقوق الإنسان ومخاطبة المقررين الخاصين للأمم المتحدة وبالذات المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، وهي خطوات تكميلية لبذل مزيد من الجهود في ملف الأسرى أمام المحكمة الجنائية الدولية بما يشكل مروحة أدوات قانونية متكاملة.
  4. حتى هذه اللحظة لم يستفد المستوى الرسمي الفلسطيني كامل الاستفادة من الانضمام الفلسطيني لاتفاقيات جنيف، وهو أمر يجب أن يتم ابتداءً بدعوة الدول السامية المتعاقدة إلى تطبيق المادة المشتركة الأولى في الاتفاقيات حول احترامها وتطبيقها. إذ نصت: "تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بان تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال". وعليه التوجه للدول السامية المتعاقدة لإلزام "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال باحترام الاتفاقية أمر ممكن ومتاح ضمن مروحة الخيارات القانونية أمام القيادة الفلسطينية.
  5. الاستفادة من قرار الإدعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية الأخير حول اختصاص المحكمة وتأكيد ولايتها القانونية على الأرض الفلسطينية المحتلة وإدراج هذه الإجراءات ضمن ملف الأسرى الذي توجهت به دولة فلسطين للمحكمة مسبقاً، وتعزيزه عبر إعداد ملفات قانونية متكاملة قائمة على الوقائع والوثائق والشهادات المشفوعة بالقسم فيما يتعلق بمخصصات عائلات الأسرى والمعتقلين وهو ما ينتهك المادة (118) من جنيف الرابعة.
  6. في سياق التجارب المقارنة أنشأت جمهورية الجزائر "وزارة المجاهدين وذوي الحقوق" في العام 1962 بعد استقلال الجزائر، وأسندت لها مهام رعاية ضحايا الثورة الجزائرية بما فيهم "المجاهدين" و "الشهداء" وذو الحقوق والمعطوبين والضحايا المدنيين وضحايا المتفجرات والحماية الاجتماعية، وحماية كرامة "المجاهد" وحماية الرموز التاريخية والثقافية. وهو أمر ضمن القانون الدولي، وتقوم به الدول عبر إنشاء وزارات وصناديق لرعاية المحاربين القدامى أو أسرى الحرب السابقين فيها. في نهاية العام الماضي رحبت "إسرائيل" بالقرار الروسي بمنح مخصصاً مالياً خاصاً للمحاربين القدامى للاتحاد السوفييتي الذين هاجروا إليها، في ذلك الحين صرح يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلي بتهنئتهم،

كما يوجد في دولة الاحتلال نفسها العديد من الأدوات لرعاية الجنود الإسرائيليين الذين كثير منهم ينطبق عليه وصف مجرمي حرب بموجب القانون الدولي استناداً إلى قيامهم بعديد من الأفعال التي ترتقي لذلك وفي مقدمتها إعدام الفلسطينيين بدم بارد، واستهداف المنشئات المدنية ومن فيها. وعليه لا ينبغي أن ينظر المستوى الرسمي الفلسطيني لرعاية الأسرى بمنطق الفزع والريبة، بل يجب البحث في أدوات لمواجهة هذا القرار الجائر. مع التشديد أن القضية ليست في آلية الدفع فقد كانت تقوم بها منظمة التحرير دون اللجوء للبنوك، بقدر ما هي معركة كرامة وطنية وفرض هيمنة عنصرية إسرائيلية فوقية.

  1. هيئة شؤون الأسرى والمحررين هي الجهة الرسمية المسؤولة عن رعاية وعناية شؤون الأسرى والمعتقلين الذين تعتقلهم قوات الاحتلال، ويختص عمل الهيئة بتحمل المسؤوليات والواجبات الوطنية والإنسانية والاجتماعية والقانونية والسياسية تجاه الأسرى وتوفير حياة كريمة لهم. يفترض أن تبذل الهيئة جهوداً أكبر بالتعاون مع وزارة العدل في تجهيز ملفات انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى والتوجه بها للمحاكم الدولية. من الممكن للهيئة كذلك التواصل مع قيادة الحركة الأسيرة في داخل السجون والمعتقلات وتنسيق الجهود ضد الخطوة الإسرائيلية والتي قد تصل حد إعلان الإضراب العام، بما يشكل ضغط مزدوج.
  2. المجلس الوطني الفلسطيني باعتباره السلطة العليا للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، عليه مسؤولية التواصل مع الاتحاد البرلماني الدولي، والاتحاد البرلماني العربي، واستصدار قرارات ومواقف تدين الخطوة الإسرائيلية. وعليه البحث في توحيد الجهود للتصدي لها عربياً ودولياً. وتفعيل مخرجات العديد من المؤتمرات الدولية رفيعة الأسرى التي عقدت حول الأسرى الفلسطينيين.
  3. من جعبة الأدوات كذلك، الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والذين قد يساهما في خلق مظلة مالية وسياسية في المؤسسات المالية الدولية تساعد البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية على أي مواجهة الأفعال الاحتلالية الإسرائيلية التي قد تستهدف ودائع البنوك وتصنيفاتها وموظفيها وفرعها.

 

  • على المستوى الفصائلي والحزبي
  1. تواصل الفصائل مع الأصدقاء من الأحزاب الأممية في دول العالم المختلفة، من المهم التواصل مع هؤلاء الأصدقاء واستصدار مواقف تدعم الحق الفلسطيني والأسرى، وتضغط على حكوماتهم – التي تشارك الكثير من الأحزاب الصديقة فيها - لاتخاذ خطوات ضاغطة ومنددة في هذا الاتجاه.
  2. حركة "فتح" وبعض الأحزاب الفلسطينية اليسارية أعضاء في الاشتراكية الدولية وهي منظمة سياسية دولية تضم في عضويتها الأحزاب ذات التوجه الاجتماعي أو الاشتراكي أو العمالي وتضم في عضويتها حوالي 170 منظمة وحزب سياسي من القارات الخمس. في العام 2019 عقدت الاشتراكية الدولية مؤتمرها في فلسطين، ودعت لاحقاً للاعتراف الفوري غير المشروط بدولة فلسطين، وهي أداة سياسية فاعلة على الحركات اليسارية تفعيل الاستفادة منها.

 

  • على المستوى النقابي والمهني
  1. العديد من الاتحادات النقابية الفاعلة حول العالم، بالذات الاتحاد الدولي والعربي للمحامين، والذي يمكن لنقابة المحامين الفلسطينيين تفعيل قضية الأسرى في أروقته. والاستعانة بخبرة المحامين من حول العالم في الدفاع عنهم وتجهيز الملفات القانونية وإعدادها. وتشكيل فريق دولي قانوني دائم من الخبراء لتقديم المشورة للمستوى الرسمي حول القانون الدولي.
  2. أما نقابة الصحفيين، فعليها مسؤولية لجهة تعزيز التواصل مع الاتحاد الدولي للصحفيين والمنظمات المدنية الصحفية مثل منظمة مراسلون بلا حدود لإبراز قضية الأسرى الفلسطينيين وبالذات منهم الصحفيين الأسرى عبر الإعلام العالمي، وتشكيل رأي دولي مناصر وضاغط، وبالتزامن تسليط الضوء على قضية الأسرى في الإعلام الفلسطيني التقليدي والحديث.

 

  • على المستوى المدني الدولي والمحلي
  1. منظمات المجتمع المدني حائزة على عضويات فاعلة في شبكات وتحالفات وائتلافات دولية أو أممية، من المهم الاستفادة منها فيما يتعلق بقضية الأسرى الفلسطينيين وبالذات منهم الأسرى الأطفال وكبار السن والمرضى والنساء وذوي الإعاقة. وبالذات منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
  2. كما من المهم تعزيز الأدوار المدنية التكاتفية والجمعية في مجال الرصد والتوثيق والقيام بجهود الضغط والمناصرة، ومساندة الجهات الرسمية في بناء ملفات قانونية متكاملة للتوجه بها للمحاكم الدولية.
  3. كما أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر مطالبة بتحمل مسؤوليتها بجدية سواء فيما يتعلق بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقواعد الدولية أو بالسعي الجاد للضغط على سلطة الاحتلال لضمان حماية حقوق الأسرى والمعتقلين.

 

 

مخاطر الأمر العسكري الإسرائيلي المتداخلة

  1. على الصعيد المجتمعي: يهدد الأمر العسكري الإسرائيلي السلم الأهلي والتماسك المجتمعي، إذا ما نجح وفق البوادر والمؤشرات المتأتية بتحويل الأزمة إلى الداخل بين المجتمعات المحلية والبنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية (سواء العربية أو الفلسطينية)، كما سيفرز حالة من الفلتان الأمني ويهدد بعودة قوية لظاهرة السلاح المجهول.
  2. على صعيد العلاقة مع الدول الإقليمية وبالذات مصر والأردن، من شأن استهداف البنوك الناجم عن ردة الفعل على التزامها بالقرار العسكري الإسرائيلي توتير العلاقة مع دول الإقليم، إذ أن البنوك العربية العاملة في فلسطين هي مصرية أردنية بمعظمها تعمل وفق حماية مفترضة من السلطات الفلسطينية لها.
  3. على الصعيد الاقتصادي: يزيد هشاشة الاقتصاد الفلسطيني، إذ بعد المصادرة الإسرائيلية لأموال المقاصة، والحصار المالي المفروض من الولايات المتحدة لتمرير صفقة القرن على المستوى الرسمي والمدني، والهجوم على الاتحاد الأوروبي لإجباره على وقف تمويل منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، من شأن المصادرة المحتملة لأموال البنوك أن تزيد هشاشة الاقتصاد الفلسطيني الذي يعتمد بشكل كبير على قوة القطاع الخاص وثبات روافده المالية نسبياً مقارنة بالقطاع العام. وهو ما يهدد آلاف العمال العاملين في البنوك والمصارف.
  4. كما أن هذا القرار العسكري الإسرائيلي يؤثر اقتصادياً على فلسطين من جهة أخرى، إذ يضرب ثقة المستثمرين ويخلق بيئة طاردة ومهجرة للاستثمار الدولي والمحلي، من المعروف أن رأس المال لا يحتمل المجازفة، وهو ما سيضرب الجهود الفلسطينية المتراكمة لخلق بيئة استثمارية جاذبة.
  5. هذا الطرد للاستثمارات سيؤثر على التنمية المستدامة وخطط الحكومة المعروفة "بالعناقيد التنموية". إذ لطالما اصطدم مسار التنمية في فلسطين تاريخيا بعائق أساسي متمثل بوجود وممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
  6. على صعيد عائلات الأسرى وذويهم، سيؤدي الأمر العسكري الإسرائيلي إلى زيادة أوضاعهم صعوبة، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى تصعيب أوضاع الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، ويؤثر على نمط حياة هذه العائلات ومستواها المعيشي وقدرتها على الاندماج في المجتمع سلباً.

 

المطلوب من الاتحاد الأوروبي

  1. إقرار حل الدولتين، عبر الاعتراف بدولة فلسطين وهو ما سيوجه رسالة للاحتلال انه لم يعد مقبولاً أن يستمر في النظر لنفسه كقوة استعمارية تمارس الانتهاكات فوق القانون.
  2. استحداث آليات أوروبية فعالة وذات استدامة لمراقبة حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة بالشراكة مع المجتمع المدني المحلي، وهو ما سيمكن من فضح ممارسات الاحتلال في المحافل الأوروبية.
  3. العمل بشكل جماعي ومشترك، على توفير الحماية للشعب الفلسطيني باعتباره شعب واقع تحت الاحتلال، سواء عبر المظلة الأممية أو بفرض إجراءات عقابية على دولة الاحتلال.
  4. الضغط باتجاه احترام "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال للاتفاقيات الدولية، وبالذات منها اتفاقيات جنيف الأربعة باعتبار دول الاتحاد دول سامية متعاقدة، وهو ما سيعطي رسالة واضحة للعالم أن القوة ليست فوق القانون.
  5. توفير الدعم السياسي والمظلة الاقتصادية للمحكمة الجنائية الدولية في تحقيقاتها في جرائم حرب إسرائيلية محتملة ارتكبت أو يتم ارتكابها في الأرض الفلسطينية المحتلة. إذ أن ملفاً من الملفات الفلسطينية الثلاث المقدمة للمحكمة للنظر فيها هو حول الأسرى والمعتقلين.
  6. التصدي بحسم للضغوطات والهجوم الإسرائيلي على الاتحاد الأوروبي لدعمه للمنظمات المدنية الفلسطينية والمحاولات السخيفة لوصم هذه العلاقة برعاية الإرهاب ومحاولات التشويه الممنهج عبر أداة الرصد الإسرائيليةNGO Monitor. ومراعاة الخصوصية الفلسطينية في منح التمويل للمنظمات واحترام الأطر القانونية الوطنية الناظمة التي تمنع التمويل المشروط.

 

انتهى،،، شكرا

المصدر: -