- بقلم : حكم طالب *
تعد الديمقراطية مرتكزاً ومقوماً أساسياً من مقومات ودعائم المجتمع ، باعتبارها عاملاً من عوامل تطوره والنهوض به ومعول بنائه أيضاً .
إن الممارسة الحقيقية لمفهوم الديمقراطية قولاً وفعلاً تسهم بشكل رائع في بناء المجتمع القوي المتماسك القوي بمكانته بين كافة المجتمعات ، ولأنها تشكل أداة حماية للمجتمع من أشكال الجمود والتكلس في علاقاته الداخلية والخارجية وأداة من أدوات التغيير والتجديد وتتنافى مع كل مظاهر الاقصاء والتهميش والتفرد في كل المجالات في الإدارة والسياسة والحكم ، وفي الوقت نفسه أداة للمحاسبة والمساءلة ، وتعزيزاً للشفافية والنزاهة ولكل أشكال الترهل والفساد التي تعيق تقدمه نموه وتفسده ، إن ممارسة الديمقراطية كوحدة واحدة لا تقبل التجزئة والانتقائية والموسمية كونها سبيل ونهج في مناحي الحياة في أي مجتمع من المجتمعات.
وفي هذا الإطار نود التركيز على ماهية وطبيعة الديمقراطية التي نريد ، والتي تستند بالدرجة الأساس الى اشراك الشعب بالحكم ورسم السياسات العامة ، وهذا تعزيزاً لدوره ومكانته وحماية حقوق الإنسان ، وصيانة الحريات العامة كحرية التعبير والتنظيم والتجمع وغيرها ، مما يعني إعطاء الإنسان أهمية وقدسية ورعاية ، وقانون عصري ومتقدم ، ينظم عمل الأحزاب والعلاقة بينها الدولة والجماهير ، وان يحرص كل الحرص على الممارسة الديمقراطية الداخلية لأهمية ذلك في التماسك والتجديد الحزبي ، ومجتمع مدني يلعب الدور المنوط به في إطار المجتمع ، وأهمية الحفاظ على الانتخابات ودوريتها ، وايلاء الاهتمام بقضايا المرأة وحقوقها ، وكذلك الشباب وهمومهم .
إن ما يمارس في العديد من الديمقراطيات في العالم تتناقض مع الكثير من القضايا التي تشكل صلب النظام الديمقراطي كمثال انتهاك حقوق الانسان في العديد من دول أوروبا ، وكذلك في فترة تصاعد وتنامي العنصرية والفاشية في أمريكا ، وفي إطار آخر هيمنتها وسيطرتها على العديد من الدول والشعوب ونهب مواردها وسرقة ثرواتها واستعمارها وقواعدها العسكرية المنتشرة في كل انحاء العالم ، ودعمها المتواصل واللامحدود لإسرائيل دولة الاحتلال التي تبطش بالشعب الفلسطيني ، وتمارس كل أشكال إرهاب الدولة المنظم ضد الشعب الفلسطيني والانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي والانساني وقانون حقوق الإنسان ، وهذا يتنافى وبكل تأكيد مع مفهوم الديمقراطية وأصول ممارستها ، والتي تستند بالأساس على الانسان وحقوقه .
في هذا الإطار نلحظ غياب واضح للممارسة الديمقراطية الحقيقية على الصعيد العربي ، فهناك انعدام للحريات العامة وممارسة الاعتقال السياسي والكثير من المعتقلين على خلفية التعبير عن الرأي ، وغياب لدورية الانتخابات وللمشاركة السياسية لأهميتها في السياسة العامة وإدارة الحكم ، وهذا يؤدي إلى عدم الاستقرار والتطور في ذلك .
من خلال ما تقدم في هذه النظرة التشخيصية وبناء عليه ، من الواضح أن هناك انزياح او انحراف عن المسار الديمقراطي الحقيقي ، والذي وصل إلى حالة التناقض مع أبسط قواعد وأحكام المنظومة الديمقراطية ودورها الحقيقي في تنمية المجتمع والارتقاء به إلى أعلى المستويات ، وإسهامها في تقليل الفجوة المجتمعية بين كل مكوناته ، وفي حماية النسيج الاجتماعي والوطني ، وهي أساس وحدة المجتمع وتماسكه وصلابته .
كاتب فلسطيني
عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت