هل يؤثر اعلان الغاء الاتفاقيات بين فلسطين واسرائيل على التحقيق في الجنائية الدولية؟

بقلم: فؤاد بكر

فؤاد بكر

القاضي فؤاد بكر

المحكمة الدولية لتسوية المنازعات

في 4 حزيران 2020، قدم رياض المالكي تقريره الى المحكمة الجنائية الدولية بعد ان اصدرت الغرفة الابتدائية للمحكمة انه يجب على الدولة الفلسطينية ان تقدم تقريرها بخصوص اوسلو والاتفاقيات التي اعلن الغاءها محمود عباس بحد اقصى في 10 حزيران 2020.

اشار رياض المالكي في التقرير ان على المحكمة الجنائية الدولية ان تتعامل مع فلسطين على انها دولة طرف في نظام روما الاساسي وليس على اساس الاتفاقيات الموقعة بين فلسطين واسرائيل، وان البيان الذي  ذكره محمود عباس لا يؤثر على القضايا والمجريات القانونية التي تقدمت بها فلسطين الى المحكمة الجنائية الدولية وتحديدا للغرفة الابتدائية في المحكمة، ويتضح ذلك بالقرار الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار الفصل العنصري، فعلى المحكمة الجنائية النظر من منظور القانون الدولي وليس بالاتفاقيات.

يعتبر الماكي ان اعلان محمود عباس بحل الاتفاقيات هو جراء ما تقدمه حكومة الائتلاف الاسرائيلي من ضم الاراضي الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الاسرائيلي، بما ان هذا الضم يخرق ميثاق الامم المتحدة والقوانين القطعية الدولية، وايضا قرارات مجلس الامن السابقة التي اقرت بعدم جواز ضم الاراضي التي ضمتها سابقا التي تهدف الى تغيير التكوين الديمغرافي والهوية وخصوصا في القدس الشرقية.

افاض المالكي في تقريره ان الاعلان المقدم من محمود عباس يتماشى مع نظام روما الاساسي ومبادئ ميثاق الامم المتحدة، ولاسيما فيما يتعلق بالتهديد والسيطرة بالقوة، واثر ذلك فإن قرار الضم مدرج بالمادة 8 من نظام روما الاساسي.

اعتبر ايضا ان مشروع الضم هو من ابرز الادلة التي  توجب المحكمة مباشرة التحقيق بأسرع وقت ممكن قبل وقوع هذه الجريمة. فقرار الضم ابرز دليل  على نية الاحتلال السيئة.

واشار الى انه اذا بقيت اسرائيل تمارس الضم، فإن فلسطين ستلغي بقايا اوسلو وجميع الاتفاقيات المبرمة، واذا استمرت اسرائيل بهذه القرارات، فهذا يعفي منظمة التحرير الفلسطينية وفلسطين من الالتزام بأي اتفاقية بين الطرفين.

يشدد البيان ان انتهاكات اسرائيل وضمها للاراضي  يعزز التزام فلسطين بمعاقبة المسؤولين الاسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية، ويشير ايضا الى ان اسرائيل هي دولة احتلال بموجب القانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة، ونظام لاهاي، والقانون العرف الدولي، في تحمل اسرائيل المسؤولية عن الاراضي التي تحتلها، وسكانها دون التغيير الديمغرافي والهوية.

logo of hdc.jpglogo of hdc.jpgالواقع ان المادة 6/6/6/7 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على ان الاتفاقيات المنصوص عليها صراحة في المواد 11، 14،15،17،36، يجوز للاطراف المتعاقدة من ابرام اتفاقيات خاصة، وبالتالي لن يؤثر الاتفاق الخاص على الاشخاص المحميين ولا تقيد الحقوق التي يتمتعون بها.

 لا يمكن ان تكون الاتفاقيات المؤقتة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل تفسر على تجريد الشعب الفلسطيني من حقوقه ومن ارضه، وممارسة تقرير مصيره فيها. وقد ايد مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة الرأي قبل ابرام اتفاقية اوسلو، فكلا الطرفين حددا ان غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية تحت الاحتلال مشددة على انطباق جنيف الرابعة عليها، ورفض اي مطالبة من اسرائيل من بسط سيادتها عليها.

فقد اعلن مجلس الامن عام 1980 ان جميع التدابير التي تهدف الى تغيير وضعية القدس باطلة ولاغية، وقد دعت المواثيق الدولية ومجلس الامن بعدم الاعتراف بأي تغيير قبل 1967، بخلاف ما يتفق عليه الطرفان في المفاوضات، بما في ذلك ان الاتفاقيات المبرمة مع اسرائيل لا تعني ضمنا الاعتراف ببسط سيادة اسرائيل على تلك الاراضي، وان المؤتمر الدبلوماسي لاعتماد اتفاقية جنيف الرابعة على الاراضي الفلسطينية المحتلة لن يكون له اي تأثير على المحميين بالاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، وسيبقون مؤهلين للحصول على المزايا التي تمنحها اتفاقية جنيف الرابعة.

ان اي محاولة لتطبيق او تنفيذ اتفاقية بطريقة تتعارض مع القواعد والمعايير الدولية لن يكون له اي تأثير قانوني، وان اي محاولة للادعاء بأن اتفاقية اوسلو اعفت اسرائيل من الالتزام بالقانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي الانساني قد غيّر من وضعية الاراضي الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال فلا يمكن تفسيره الا بتأمين الحصانة لمجرمي الحرب، حيث ان فلسطين رفضت ذلك والمجتمع الدولي، ويدل على ذلك اجتهاد المحكمة الجنائية الدولية فيقضية  دولة افغانستان الاسلامية بأن جميع الاتفاقيات ليس لها اي تأثير على فتح التحقيق.

ان المحكمة الجنائية الدولية الى الان لم تشكل بشكل حاسم ردع اسرائيل بارتكابها جرائم حرب، لذلك ندعو بوضوح الاسراع بالتصرف بشكل حاسم. فعلى المحكمة  الجنائية الدولية عدم السماح لاسرائيل التلاعب والرهان على الوقت لتقديم ردها بعد الانتهاء من تنفيذ مخططها، وعليها فتح التحقيق الفوري.
 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت