ليبيا: أمن وسلام ... وإن طال الزمن ..!!

بقلم: عمارة بن عبد الله

عمارة بن عبد الله
  • بقلم :عماره بن عبد الله  (كاتب جزائري)

    ليبيا ومع كل آسف، الحال يزداد تعقيدا وتأزما، لكون الصراع دخل في المرحلة الأخطر، بعد أن نقلت الجهات الداعمة لطرفي الأزمة هناك عتادها العسكري والمرتزقة، الذين دمرت بهم سوريا الى أرض المعركة، بكل وضوح دون أن تخفي هاته الجهات وجهها أو تقود القتال من وراء الستار، بل على العكس تماما إذ أنّها كشفت عن وهويتها الحقيقية وعن الطرف الذي تدعمه، والذي جعلت منه معولها لتخريب ليبيا وتحقيق أهدافها الخاصة، المتمثلة أساسا في نهب ثروات هذه الدولة التي أصبحت في قلب صراع دولي من أجل النفوذ.

  فعلا فالأزمة تتجاوز صراع الفرقاء على السلطة، إلى حرب مصالح بين الدول الكبرى التي دخلت على الخط، وهي ماضية في تأجيج القتال، مما يجعل المنطقة برمّتها على كفّ عفريت مهددة بالوقوع في مرمى شظايا هذه الحرب، الخاسر فيها الشعب الليبي وكل شعوب ومقدرات المنطقة، لانه وبكل إختصار فأعداء ليبيا لا يلامون، أعداء ليبيا لا يلامون فالعدو عدو، وكل منهم يرتب لنفسه ومصالحه، وما يرتبونه لليبيا يؤلمها ويدميها ولا يمكن أن ينهيها أو يجعلها تركع وتستسلم، ولكن ما يدبر لها بأيدي بعض أبنائها وأشقائها، يبقيها تنزف وتنزف، ويضعفها ويضعف الأمة العربية بضعفها، لان أعداء ليبيا يرتبون لها ويضربون قلبها بأيدي أبنائها ويضربون أبناءها بعضهم ببعض، نعم كل هذا يرتب للشعب الليبي، فأين الشعب الليبي مما يُرتب له..؟، أين اللجان أين تلك السيول الجماهيرية، التي كانت تغرق الساحات وتصنع الملاحم..؟ أين الاعيان ومشايخ القبائل ...؟ أين النخبة من أكاديميين وخبراء وأساتذة وإعلاميين، أين نشطاء وفعاليات المجتمع الأهلي والجمعوي، الأسماء كثيرة وكبيرة فأين أنتم أهلنا ..!!، كثيرون ممن هم ربما مثلي، ينظرون ويتأملون ويقارنون ويحترقون مما يجري في أرض ليبيا الغالية، يقاربون الأمور من بعض الوجوه ثم يرتدون إلى الله والشعب بقلوب مكلومة، يشعلون سرجَهم في النهار ويبحثون عن الإنسان في رأد الضحى، والله تأخرنا فنحن بغيابكم نغرد خارج السرب..!!، لابد من وضع خطوط عمل فاعلة على الارض، لوضع حد لهاته الفوضى والعلاقات المشبوهة وهذا التكالب على خيرات ومقدرات شعبكم، وضروري الجلوس أو الوقوف بكل عزم وثقة، والرجوع للحكمة الليبية التي تعد خاصية تميز بها الرجل الليبي على مر السنين، من أجل طرح حل نهائي لإيقاف حالة النزيف والفوضى والدمار والمعاناة، والخاسر الوحيد هو الشعب الليبي الذي يدفع اليوم من دمه ومن مستقبله ومستقبل أجياله القادمة ضريبة خطأ تاريخي كبير ارتكبه بعض الابناء الذين شاركوا بوعي أو بلا وعي بمشروع تدمير العظمى.. !!.

  إن لليبيا في الوجدان العربي منزلة خاصة، كيف لا ونحن نشهد هاته الهبة التضامنية للشعوب العربية في كل بقاع الدنيا اليوم لليبيا، الوطن والدولة ورمز العروبة، كيف لا ونحن نعيش يقظة عامة في كافة المنطقة المغاربية والعربية، التي بدأت تُدرك ما تتعرض له ليبيا من أخطار جِسام تتهدّد كافّة المنطقة، وهو ما يحتم على دول الجوار والمعنية أكثر من غيرها، أن لا تقف مكتوفة الأيدي، نعم دول الجوار لكونها الآلية الوحيدة القادرة على مساعدة الليبيين على الخروج من هذه المحنة ، وإرساء الثقة بينهم وتشجيعهم على الجلوس إلى الطاولة والبحث عن حل للمحنة التي يمر بها وطنهم، لان الذي تملكه دول الجوار من روابط تاريخية واجتماعية وقواسم مشتركة بينهم وبين الشعب الليبي، لا تملكه دول أخرى ولا الهيئة الأممية، وعليه فكما تؤكد الجزائر دائما وفي كل المناسبات إقليميا ودوليا وبشهادة الداخل الليبي، لابد أن يكون الانفراج من خلال آلية سياسية ترتكز على حوار بين الأشقاء على اختلاف الآراء والتوجهات ترشدهم بوصلة ليبيا ومستقبل شعبها، ولابد لليبيا من الامن والأمان والوحدة الترابية والاستقرار وإن طال الزمن..!!

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت