- اشرف صالح
لم أتحدث في هذا المقال عن أسرار عسكرية أو أمنية أو سياسية تتعلق بخطة الضم والمعلن عنها رسمياً , والتي سيقوم بها نتنياهو في بداية الشهر القادم على حد قوله , لأن الضم والمعلن عنه نظرياً وبإنتظار التطبيق , وبموازاة الضم الفعلي على أرض الواقع , أصبحت خطواته وأدواته مكشوفة للجميع بفضل وسائل الإعلام , وسواء كان على شاكلة خطة مرسومة ومدروسة ومعلنة , أو على شاكلة إنتهاكات تمارس يومياً على أرض الواقع , فنتنياهو اليوم يعتمد سياسة التدرج في مشروع الضم , سواء بدأ التطبيق العلني , أو في حال تراجعه بسبب معارضة دولية وخاصة الأصوات الأخيرة والتي خرجت من الولايات المتحدة محذرة من تداعيات خطة الضم , وهذا يعني إستمرار الضم على شاكلة إنتهاكات يومية , وطالما أن الضم هو الضم , فلا بد أن المبادرة وردات الفعل الآن تقع على الجانب الفلسطيني كونه المتضرر في كلا الأحوال , ومن هنا وفي الوقت الذي ينتظر فيه العالم ردات فعلنا كفلسطينيين , ليرتب أوراقه السياسية بناء على هذه الردات, نجد أنفسنا وبكل أسف كفلسطينيين في تراجع حاد على جميع المستويات في مواجهة خطة الضم , هذا ما أقصده عندما وضعت عنواناً لمقالي وهو , كشف المستور..
إن خطوات إسرائيل منذ نقل سفارتها من تل أبيب الى القدس , مروراً بجميع الإنتهاكات ووصولاً الى تهويد مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي , كشفت لنا المستور , والذي كان مغلفاً بالنظريات والشعارات والخطابات والبيانات والتصريحات , التي كانت تتسابق وتتنافس بها القوى والأحزاب السياسية الفلسطينية , وتحديداً في غزة , فنحن اليوم أمام ظاهرة وثقافة الفصل الكامل بين الضفة الغربية وغزة بما يتعلق في المقاومة , فاليوم كل الفصائل والأجنحة المسلحة الفلسطينية والتي مقرها الرئيسي قطاع غزة , بمعزل تام عما يجري في جناح الوطن الأكبر والأهم دينياً وهو الضفة الغربية والقدس , وهذا ما أثبتته الأحداث ووثقته وسائل الإعلام , فهناك ثلاث حروب وما بينهما من جولات قتال بين فصائل غزة وإسرائيل , كلها تتعلق بغزة فقط , فمنها بسبب قيام إسرائيل بإغتيال أحد قادة المقاومة في غزة , ومنها بسبب إطلاق صواريخ من غزة لسبب سياسي مرتبط بغزة , ومنها لأسباب عدة كلها مرتبطة بغزة فقط , أما على صعيد الإنتهاكات الإسرائيلية اليومية في القدس والضفة الغربية فلم أجد صاورخاً واحداً ينطلق من غزة الى إسرائيل , باتت الضفة والقدس وكأنها مدن تتبع لكوكب آخر .
وعلى الصعيد الشعبي فهناك حالة تراجع حادة بما يتعلق بالمقامة الشعبية , فأصبحت قرارات التهويد والإستيطان والضم وغيرها تمرر في أروقة المؤسسات الإسرائيلية , وتطبق على أرض الواقع دون أن يعبر المواطن الفلسطيني عن خطورة ذلك , ودون أن يترجم أي حالة رفض على أرض الواقع , حيث أصبح الناس في عزلة عن ما يحاك ضد الوطن , فالمسيرات والحشودات والفعاليات الشعبية ضد إسرائيل تراجعت , حتى وصل الأمر الى أنها لا تتجاوز المئات في أحسن الأحوال , هذا وفي حال حدوثها من الأصل .
من البديهي جداً أن نعلم أسباب ما يحدث الآن من تراجع وإنقسام في كل أشكال المقاومة , وعلى رأس هذه الأسباب الإنقسام الذي أدى الى الفرقة والفقر والجوع وعدم ثقة المواطن بالأحزاب السياسية الفلسطينية , ولكن هذه الأسباب بمجملها لا تعفي المواطن الفلسطيني من المسؤولية , كونه يتصف بثلاث صفات رسمية وهي : "الشعب مشروع تحرر , الشعب مصدر للسلطات , الشعب يعبر عن ثقافة البلد" , وبناء على ذلك فالأحزاب والقوى السياسية هي جزء من الشعب وتتحرك وفق إرادته , فإذا نسي الشعب هذه الصفات وفرط بها , سيكون الشعب هو جزء يتبع للأحزاب ولا يستطيع تغيير الواقع كما يحدث الآن على وجه الخصوص , ومن هنا فيجب على الشعب أن يعود الى طبيعته , ويستعيد طاقاته , ويجدد معنوياته , ومهما وقع عليه من ظلم نتيجة "الإنقسام والإحتلال" فيجب عليه أن يبقى عنوان للمبادرة والتحرر .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت