عادت الحياة إلى صلات الافراح في قطاع غزة واستقبلت من جديد العرسان والمهنئين بعد انقطاع استمر نحو ثلاثة أشهر بسبب التدابير الاحترازية لمواجهة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
واحتفل الشاب محمد أبو غليون بمراسم إتمام زفافه التي اضطر إلى تأجيلها لأكثر من شهرين بسبب إغلاق صالات الأفراح ومنع التجمعات العامة، ليحظى وعائلته بساعات من البهجة والسعادة.
وأعلنت السلطات المحلية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حالة الطوارئ في الـ22 من مارس، بعد اكتشاف أول حالتي إصابة لمسافرين عائدين إلى قطاع غزة من باكستان.
وعقب ذلك، أغلقت السلطات المدارس والجامعات والمساجد وصالات الأفراح والمرافق العامة، ومنعت التجمعات العامة بشكل كامل، لمنع تفشي المرض الجديد.
ويقول أبو غليون (29 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه أضطر إلى تأجيل حفل زفافه الذي كان من المفترض أن يتم في الـ24 من مارس الماضي بسبب حالة الإغلاق التي طالت صالات الأفراح.
ويضيف "دفعت الكثير من الأموال ضمن تجهيزات الزفاف، ولكن كل ذلك تأجل في ظل الإغلاق وأجبرنا على الانتظار لحين عودة فتح صالات الافراح وهو ما تم أخيرا".
وأعلنت السلطات في غزة تخفيف التدابير الاحترازية المتخذة من بينها إعادة فتح المساجد وصالات الأفراح في أوائل يونيو الجاري، بشرط الالتزام بكافة التعليمات الوقائية لمنع تفشي مرض فيروس كورونا الجديد.
وتم إصدار سلسلة من التعليمات الصارمة الواجب اتباعها، بما فيها الحفاظ على التباعد الاجتماعي والتعقيم الدوري للمساجد وصالات الأفراح، ومنع دخول كبار السن والأطفال وارتداء القفازات والكمامات الطبية.
ومع حلول فصلي الربيع والصيف، تزداد أعداد حفلات الزفاف التي يتم إقامتها في صالات الأفراح، فيما تكتظ الشوارع الغزية بالسيارات المزينة بالورود والتي تطلق العنان لأبواقها لتصدح تعبيرا عن السعادة بحفل الزفاف.
وشعر رامز ادريس (26 عاما) من سكان مدينة غزة بسعادة كبيرة لعودته إلى عمله في تنظيم الحفلات داخل صالات الأفراح في غزة بعد طول الانقطاع.
ويقول ادريس الذي يعيل عائلة مكونة من ستة أفراد، لـ((شينخوا))، إن أزمة كورونا "أثرت سلبا على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، لافتا إلى أنه خسر عمله ولم يتمكن من تأمين متطلبات الحياة الرئيسية.
ويضيف "أنا أعمل باليومية وبعد فقداني عملي، فقدت المصدر الرئيسي للدخل"، مشيرا إلى أن فرحة عارمة اجتاحته بعد إبلاغه من قبل إدارة الصالة التي يعمل بها بعودة الدوام مجددا له ولعدد محدود من العاملين فقط.
بينما اشتكت غزل حندوقة (37 عاما) مالكة صالة محلية للأفراح في مدينة غزة، من الخسارة الكبيرة التي تكبدتها نتيجة إغلاق صالات الأفراح لأكثر من شهرين جراء الإغلاق العام الذي شهده القطاع.
وتقول حندوقة وهي أم لأربعة أبناء لـ(شينخوا)، إن فترة الإغلاق أثرت سلبا على موسم الأفراح وتوقف عملهم تماما بما في ذلك إلغاء نحو 60 حفل زفاف كان مقررا في الصالة خلال تلك الفترة.
وهي تقلل من فرص تعويض الخسائر التي تكبدتها، على الرغم من العودة للعمل مجددا، خاصة مع تشديد الإجراءات الوقائية التي يتوجب عليها اتباعها طوال أزمة مرض فيروس كورونا الجديد.
وأثر الإغلاق جراء أزمة كورونا سلبا على القطاع السياحي في غزة وأدى إلى تسريح أكثر من 6 آلاف عامل، إضافة إلى تكبد خسائر كبيرة في المنشآت والبضائع والحجوزات لصالات الأفراح.
ويؤكد مراقبون أن تحقيق توازن متطلبات الحياة المعيشية والحرص على الصحة العامة يعد تحديا ليس سهلا في قطاع غزة الذي يعاني انهيارا اقتصاديا وهشاشة في المنظومة الصحية قبل أزمة مرض فيروس كورونا الجديد.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ العام 2007 عقب سيطرة حركة حماس عليه بالقوة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع الأجهزة الأمنية الموالية للسلطة الفلسطينية.
ويقول صلاح أبو حصيرة، رئيس هيئة المطاعم والفنادق في غزة لـ(شينخوا) إنه على الرغم من إعادة فتح المرافق العامة وصالات الأفراح، إلا أن أصحابها لن يتمكنوا من تعويض خسارتهم، التي تقدر بملايين الدولارات في ظل الأزمة الاقتصادية التي خلفها مرض فيروس كورونا الجديد.
ويوضح أبو حصيرة أنه "بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة تمكن أصحاب الفنادق وصالات الأفراح من إعادة حوالي 2500 عامل فقط إلى أعمالهم، وبأجور مقتطعة نتيجة ابتعاد السكان عن المرافق العامة في الوقت الحالي".
ومع ذلك يؤكد أبو حصيرة أن عودة وتيرة الحياة الطبيعية والتخلص تدريجيا من قيود أزمة مرض كورونا من شأنه إنقاذ القطاع السياحي الذي يشمل 265 منشأة في قطاع غزة.
وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية في غزة أنه تم توقيع تعهدات مكتوبة من أصحاب المنشآت السياحية بالالتزام بإجراءات الوقاية، وأنها ستتخذ إجراءات بحق كل من يخالف ذلك، بما في ذلك إغلاق المنشآت المخالفة.