- بقلم : حكم طالب *
- عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
السلم الأهلي يعد دعامة أساسية من دعائم بناء المجتمع وتطوره والنهوض به ، فحمايته وصيانته يؤسس لبناء نسيج وطني واجتماعي ، يسهم في تعزيز نمو واستقرار المجتمع القوي المتماسك القادر على الصمود في وجه التحديات ، حيث يعمل السلم الأهلي والمجتمعي على حماية وصيانة المجتمع من كل أشكال التفكك والتشرذم في بنيته ونسيجه ودماره ، مما يقلل من قدرته على مواجهة العديد من القضايا التي تعترض طريق تطوره ونموه.
إن المجتمع الفلسطيني يعيش في ظل ظروف استثنائية تتجسد في مرحلة التحرر من الاحتلال الذي يستهدفه على مدار الساعة من خلال سياساته العنصرية والاستيطانية وارتكابه المجازر المتواصلة بحقه ، ويسعى بشكل دائم ومتواصل لضرب هذا المجتمع ، والمس بنسيجه الاجتماعي والوطني ، وتهيئة الأجواء والمناخات لكل أشكال الفوضى والفلتان ، ونشر كل المظاهر الاجتماعية السيئة التي تفتك في بنية المجتمع وتمس بوحدته وتماسكه وهي بمثابة أرضية لتمرير سياساته الاحتلالية وتعزيز سيطرته على ثرواته ومقدراته.
السلم الأهلي والمجتمعي من القضايا الخطيرة والتحديات الكبيرة والتي تعد مصدر قلق دائم للمجتمع ، فالحفاظ عليه يعتبر ثابت من الثوابت الوطنية ، واعتقد أن هذا مسؤولية الكل الفلسطيني ، مما يتطلب الوقوف وبمبدئية عالية أمام هذه الظواهر ومعالجة أسبابها بالدرجة الأولى وليس نتائجها من خلال عمل تكاملي وفي إطار عمل منظم وفي سياق خطة وطنية شاملة تشرك فيها كل مكونات المجتمع الفلسطيني ولتشكل وقفة وطنية في وجه كل المظاهر والممارسات التي تستهدف المجتمع الفلسطيني المناضل الذي يعيش كل أشكال القهر والإذلال والتي تشكل مصدر إساءة لتاريخ وعراقة هذا الشعب وبعيدة كل البعد عن عاداته وتقاليده .
إن المسؤولية الوطنية بالدرجة الأولى تتطلب من الكل أخذ الدور المطلوب منه سواء في إطار الحركة الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها ودورها في التنظيم ورفع مستوى الوعي بمخاطر المس بمقومات السلم الأهلي بالتكامل مع دور الأسرة والمدرسة والجامعات من خلال المناهج والبرامج والنشاطات التي تؤكد على مثل هذه القضايا والعمل على ترسيخ لغة الحوار والتفاهم لحل الكثير من الإشكالات وأهمية القضاء العشائري في الإصلاح ودوره المساند والمرادف للقانون المدني في علاج القضايا العائلية والعشائرية التي تهدد النسيج الاجتماعي ، وكذلك أهمية العمل على تعزيز مفاهيم الديمقراطية وترسيخ مبادئ العفو والصفح والتسامح وتقوية الانتماء للأهمية في وحدة المجتمع وتماسكه .
الحفاظ على السلم الأهلي وحمايته وتعزيزه يشكل تحديا كبيرا أمام المجتمع الفلسطيني الذي يعيش في ظل ظروف في غاية الدقة والحساسية في ظل سياسات الاحتلال الممنهجة للمس بنسيج هذا المجتمع وتماسكه وإتباع سياسة (( فرق تسد )) التي ورثتها عن بريطانيا لتفكيك المجتمع والنيل منه ولتمرير السياسات الاحتلالية ، وعدا عن ظروف المجتمع نفسه والتي تتمثل بالانقسام التي تعيشها الساحة الفلسطينية لأكثر من ثلاثة عشر عاما ، انعكست على كل مناحي الحياة ، مما يتطلب استمرار الجهود لطي هذا الملف وإنهاء هذه الصفحة السوداء في تاريخ القضية الوطنية .
حماية السلم الأهلي كمقوم أساس من مقومات صمود هذا المجتمع مما يتطلب تعزيز لغة وثقافة الانتماء والمواطنة بين أبنائه لتعزيز قدرتهم على مواجهة التحديات ، ومحاربة كل أشكال التهميش والإقصاء ، وإرساء مبدأ استيعاب الآخر ، والقضاء على مظاهر التعصب والانغلاق والحد من الفجوة المجتمعية لما تمثله هذه القضايا من تهديد للسلم الأهلي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت