تدرس إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فكرة قطع جزء كبير من المساعدات السنوية التي تقدمها الولايات المتحدة للأردن، وذلك في إطار الضغط على الحكومة الأردنية لتسليم الأسيرة المحررة أحلام التميمي.
جاء ذلك بحسب ما أوردت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، مساء الثلاثاء، نقلا عن مسؤولين في البيت الأبيض. ولفتت إلى أن الولايات المتحدة تطالب الأردن منذ ثلاث سنوات بتسليم التميمي التي شاركت في عملية فدائية في مطعم بمدينة القدس المحتلة قتل خلالها مواطنين أميركيين.
وأشار التقرير إلى أن الإدارة الأميركية هددت الحكومة الأردنية بتقليص حجم المساعدات، في حين تدرس إدارة ترامب خيار تأجيل موعد تسليم المساعدات، في الوقت الذي تواجه فيه الأردن أزمة اقتصادية تفاقمت خلال أزمة كورونا الراهنة.
ويدعي الأميركيون أن اتفاق تسليم المطلوبين الموقع بين البلدين يلزم الأردن بتسليم الأسيرة التميمي، في حين يشدد الأردن على أنتهاء صلاحية الاتفاق ويتوجب تجديده، ما يجعلهم غير ملزمين بتسليم التميمي.
وكانت محكمة التمييز الأردنية وهي أعلى هيئة قضائية، قد صادقت على قرار صدر عن محكمة الاستئناف في عمان يقضي بعدم تسليم الأسيرة الفلسطينية المحررة، التميمي، للسلطات الأميركية، وذلك في آذار/ مارس عام 2017.
وحينها، نقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، عن مصدر قضائي قوله إن "المملكة والولايات المتحدة معاهدة بينهما لتسليم المجرمين الفارين لديهما"، موضحًا أن المعاهدة لم يصادق عليها مجلس الأمة استكمالاً لمراحلها الدستورية على الرغم من توقيعها.
وأضاف أن الاتفاقية تعتبر غير نافذة ولا مستوجبة للتطبيق، مما يترتب على ذلك عدم قبول طلب التسليم، وفقًا لقرار محكمة التمييز، لأن طلبات تسليم المجرمين المرسلة إلى السلطات المختصة في المملكة من دولة أجنبية لا تكون مقبولة ما لم تكن نتيجة معاهدة أو اتفاق معقود ونافذ بشأن المجرمين".
وذكرت "أسوشييتد برس" أن إدارة ترامب تدرس حجب المساعدات عن الأردن، بغية الضغط على الأخير لتسليم الأسيرة التميمي لضلوعها في عملية تفجيرية نفذت في آب/ أغسطس عام 2001 في مطعم سبارو في مدينة القدس، وأدى إلى مقتل قتل 15 شخصا بينهم مواطنين أميركيين.
ونقلت الوكالة الأميركية عن إدارة الرئيس ترامب أنها تدرس "جميع الخيارات" للضغط على الأردن لتسليم التميمي، المطلوبة من قبل واشنطن بتهمة "التآمر لاستخدام أسلحة دمار شامل ضد مواطنين أميركيين". ووجهت التهمة للتميمي، عام 2013 وأعلنت عنها وزارة العدل الأميركية بعد 4 سنوات، وفق الوكالة نفسها.
ومن المرجح طرح مسألة تسليم التميمي هذا الأسبوع خلال حديث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لعدة لجان في الكونغرس، للتعبير عن معارضته لخطط إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
والتميمي مدرجة في قائمة مكتب التحقيق الفيدرالي الأميركي لـ"أكثر الإرهابيين المطلوبين" لدورها في التفجير الذي وقع بمطعم بيتزا مزدحم في القدس.
وتعيش التميمي في الأردن منذ تحررها من السجن الإسرائيلي في العام 2011 إثر صفقة تبادل للأسرى بين إسرائيل وحماس، إذ نسبت لها سلطات الاحتلال تهمة نقل منفذ العملية، عز الدين سهيل المصري.
وقبيل ظهور الملك الأردني عبد الله في جلسة افتراضية مقررة الأربعاء مع لجنتي العلاقات الخارجية بمجلس النواب ومجلس الشيوخ، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنه يمكن استخدام مليارات الدولارات من المساعدات الأجنبية للأردن كوسيلة ضغط ترغم السلطات الأردنية على تسليم التميمي.
وذكرت الوكالة أن التهديد الأميركي بتقليص المساعدات للضغط على الأردن، جاء في ردود مكتوبة قدمها مرشح الإدارة ليكون سفيرا للولايات المتحدة المقبل في الأردن، هنري ووستر، إلى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ردا على الأسئلة التي طرحها السناتور تيد كروز.
وقال ووستر إن "الولايات المتحدة لديها خيارات متعددة وأنواع مختلفة من النفوذ لضمان تسليم أحلام عارف أحمد التميمي... سنواصل إشراك المسؤولين الأردنيين على جميع المستويات، ليس فقط في هذه القضية، ولكن أيضًا في معاهدة تسليم المجرمين على نطاق أوسع".
وأضاف أن "كرم الولايات المتحدة على الأردن في التمويل العسكري الأجنبي وكذلك الدعم الاقتصادي والمساعدات الأخرى يتم معايرته بعناية لحماية وتعزيز نطاق المصالح الأميركية في الأردن والمنطقة".
ولدى سؤاله تحديدا عما إذا كانت المساعدة للأردن ستكون جزءا من هذا النفوذ في قضية التميمي، أجاب ووستر قائلا "إذا تم التأكيد، فسوف أستكشف جميع الخيارات لتقديم أحلام عارف أحمد التميمي إلى العدالة، وتأمين تسليمها، ومعالجة القضايا الأوسع المرتبطة بها مع معاهدة تسليم المجرمين".
ولفتت الوكالة إلى أن الإشارة إلى المساعدات في رد ووستر غير معتادة على الصعيد الدبلوماسي مقارنة بمواقف الإدارات الأميركية السابقة، حيث اتخذت إدارة ترامب وإدارة أوباما من قبلها نهجًا أقل تشددا تجاه قضية التميمي، وناقشت القضية في محادثات غير معلنة مع المسؤولين الأردنيين.
وأضافت الوكالة إلى أن إدارة ترامب حتى الآن، آثرت "النأي بنفسها عن الدخول في صدام علني مع دولة عربية تعترف بإسرائيل وكانت مصدر موثوق للمعلومات الاستخباراتية حول المنطقة، بما في ذلك في سورية".
وتعتبر الولايات المتحدة المصدر الرئيسي للمساعدات الأجنبية التي تحصل عليها الأردن. وفي أوائل عام 2018، وقعت إدارة ترامب اتفاقية مساعدات لمدة خمس سنوات بقيمة 6.4 مليار دولار مع الأردن ورفعت حجم المعونات السنوية الموجهة للأردن بنحو 275 مليون دولار لتصل إلى 1.3 مليار دولار".
وقالت وزارة الخارجية آنذاك إن هذا التعزيز "يسلط الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه الأردن في المساعدة على تعزيز الاستقرار الإقليمي وحمايته، ويدعم الأهداف الأميركية في الحملة العالمية لهزيمة داعش، والتعاون في مكافحة الإرهاب، والتنمية الاقتصادية".