الى السلطة الوطنية الفلسطينية.. نصيحة من القلب

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح
  • اشرف صالح

رغم إعتراضي ككاتب على أن تكتفي السلطة الوطنية الفلسطينية بالطرق القانونية والدبلماسية للتصدي لمشروع الضم , ورغم إعتراضي أيضاً على عدم قناعة السلطة بالنضال المسلح , ولكنني أرى وبصدق أن السلطة الآن تقف وحدها في وجه الضم , وبغض النظر عن الوسائل والأدوات للتصدي , فنحن اليوم أمام حقيقة لا يختلف عليها إثنان , وهي أن ردة الفعل الفصائلية والشعبية على مشروع الضم معدومة تماماً , وكأن شيئ لم يكن , ولهذا السبب فيجب على السلطة الوطنية الفلسطينية أن تعيد حساباتها جيداً في وسائل وأدوات مواجهة مشروع الضم..

جيد أن نذهب كفلسطينيين الى المحكمة الجنائية الدولية , وجيد أن نذهب الى مؤسسات الأمم المتحدة كافة , وجيد أن نحشد الدعم العربي والدولي للوقوف بصفنا في معركة الضم , وجيد أن نوجه الرأي العام تجاه قضيتنا , وجيد أن نستقطب وسائل الإعلام العربية والدولية لدعمنا في مشروع الضم ,  ولكن الغير جيد هو طريقة تعامل السلطة مع قرار وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله مع الإحتلال , وهنا أن أسجل إعتراضي على طريقة تنفيذ قرار وقف التنسيق , وليس على وقف التنسيق الأمني بحد ذاته , فهناك فرق (...) لأن التنسيق الأمني وكما أسلفت في مقالي السابق له فروع كثيرة , وأهمها التنسيق المدني والذي نحن في صدد الحديث عنه .

إن وقف التنسيق الأمني الأمني والعسكري قد يتطلب من السلطة أن تكون على هبة الإستعداد لأي طارئ يترتب على ذلك , وخاصة في حال دخول قوات الإحتلال الى مناطق نفوذ السلطة , أو عدم دخول السلطة الى مناطق نفوذها لممارسة عملها كسلطة بسبب إعتراض الإحتلال , وهذا سيجر السلطة الى مربع التصدي والإشتباك المباشر مع الإحتلال , لكنه لا يجر السلطة الى  الإنهيار , ولكن وقف التنسيق المدني بشكل كامل وبدون تحديد ما هو المطلوب وما هو الغير مطلوب لدعم صمودنا ومقوماتنا كدولة , قد يؤدي بالفعل الى إنهيار السلطة , وهذا ما يتمناه الإحتلال فعلياً , فاليوم السلطة ترفض أن تتعامل مع الإحتلال بكل ما يتعلق بأمور حياتنا اليومية كفلسطينيين , وهذا قد يخدم الإحتلال دون قصد من السلطة , لأنه وبكل بساطة سيعفي الإحتلال من تكلفة وحقوق الشعب الفلسطيني اليومية , وبالإضافة الى أن الإحتلال سيوجد جسم موازي للسلطة كي يتعامل مع الشعب الفلسطيني بشكل مباشر , ودون الرجوع الى السلطة , أما بالنسبة لموضوع رفض السلطة إستلام المقاصة من الإحتلال , فهذا سيزيد الطين بلة..؟

مطلوب من السلطة كدولة مؤسسات ومسؤولة عن الكل الفلسطيني أن تبقى قائمة , وبعكس ما يسعى إليه الإحتلال , وأن تعزز صمودها ومقوماتها لأجل ذلك , وهذا يتطلب موازنة كافية ومستقرة , وبالطبع فإن 70% من موازنة السلطة هي من المقاصة والتي يجبيها الإحتلال بموجب إتفاقية باريس الإقتصادية , وألــ 30% من الموازنة هي من الضرائب الداخلية "الضفة الغربية" والمساعدات الدولية , والجذير بالذكر أن أموال المقاصة والتي تجبيها إسرائيل للسلطة ليس مقيدة بإتفاقية باريس فحسب , بل إنها مقيدة بوجود الإحتلال على أرض الواقع , بمعنى أن الإحتلال هو من سيجبيها للسلطة عن معابرة وموانيه حتى لو بصفته إحتلال , وحتى لو أننا نعمل بموجب إتفاق حل الدولتين , وحصلنا على حدود 67 والقدس الشرقية , ففي كل الأحوال سيبقى الإحتلال مسؤول عن خروج ودخول التجار والمواطنين , وجباية الضرائب وغيرها , وذلك بموجب أي إتفاق , وبموجب أي وضع قائم على أرض الواقع .

ولهذا وبسبب ما ذكرت أعلاه ,  فنصيحتى للسلطة الوطنية الفلسطينية  تتركز في موضوع أموال المقاصة بالذات , فكان يجب على السلطة أن لا تتسرع برفض أموال المقاصة بسبب وقف التنسيق الأمني , فهناك حلول كثيرة من الممكن أن تستخدمها السلطة كي تحصل على أموال المقاصة والتي هي حق للشعب الفلسطيني , فمثلا كان على السلطة أن تستلم المقاصة بواسطة طرف ثالث مثل الصلب الأحمر أو المصريين أو القطريين أو الأتراك أو الأردن...إلخ , أو حتى بتدخل من الأمم المتحدة , أما أن تعتبر السلطة أن إستلام أموال المقاصة هي مقايضة أو مساومة من إسرائيل بهدف الضغط , فهذا مفهوم خاطئ لأن أموال المقاصة ليس منة من أحد ولا مساعدة ودعم , فهي حق يخص الشعب والموظفين قبل أن يخص السلطة كقيادة .

وأختم وأجدد بنصيحة من القلب , إن وجود أموال المقاصة بيد السلطة في هذا الوقت بالذات , سيدعم صمودها ضد مشروع الضم , وسيجنب السلطة من الديون والإقتراض من البنوك والمؤسسات ورجال الأعمال وبعض الدول العربية ,  والأهم من ذلك فأموال المقاصة ستفتح بيوت عائلات الموظفين اللذين ينتظرون الراتب بأحر من الجمر كي يوفروا أبسط مقومات الحياة لأبناءهم , فإذا فقد الإنسان لقمة عيشة ورغيف خبزة , فهو سيفقد كل شيئ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت