- اشرف صالح
بالأمس كنت أحد الحضور في ندوة سياسية نظمها الإئتلاف الوطني الديمقراطي الفلسطيني , تحت عنوان "موحدون في وجه صفقة القرن وضم الضفة" , ورغم أننا ليس موحدون , ولكن حضر الندوة مئات من السياسيين والشباب والبنات المؤطرين , بالإضافة الى عدد من ممثلين عن المجتمع المدني , وعدد من الناشطين والمهتمين بهذا الشأن , وكانت الكلمات في الندوة لممثل عن حركة فتح , وممثل عن الجبهة العربية الفلسطينية , وممثل عن مؤسسة لحقوق الإنسان , وممثل عن مؤسسة للبحث العلمي والدراسات , وكنت سعيداً بعدد الحضور والذي يدل على إلتزام الشباب المؤطرين بتعليمات أحزابهم وفصائلهم , وكنت سعيداً أيضاً بالكلمات التي قيلت في الندوة رغم أنني سمعتها منذ سنوات , وكان لسان حالي يقول "الحمد لله أنه في حال عدم وجود أي حراك شعبي وفصائلي مناهض لمشروع الضم , تم إنجاز هذه الندوة لعلها تشفي الغليل" , ولكن وللأسف الشديد ووسط هذه السعادة , كانت المفاجئة الصادمة لي ولجميع الحضور...؟
منذ بداية الندوة وحتى نهايتها , كانت الفوضى والإستهتار تسيطران على القاعة , رغم أنه من المفترض أن الحضور من النخب والمنظمين والمؤطرين , ولكن المشهد كان يدل على عكس ذلك , فكانت الأحاديث الجانبية بين الحضور تسبب الضوضاء في القاعة , وتشوش على صوت من له الكلمة , وأثناء الندوة كانوا الحضور يصورون بعضهم البعض في الجوالات , وكأنهم على شاطئ البحر , وكالعادة بدء الحضور يتسلل خارج القاعة في منتصف الندوة , وما زاد الطين بله أنه عندما جاء دور الضيف الأخير ليقول كلمته , وهو الممثل عن مؤسسة حقوق الإنسان , بدأ الحضور بالإنسحاب من الندوة بشكل كثيف وملحوظ , وتسببوا للضيف بالإحراج خلال كلمته , وكأنهم يريدون أن يقولون له أنه غير مرغوب فيه..
في هذه المناسبة والتي تبدو جميلة كفكرة , ولكنها سيئة كمظهر , تذكرت مقولة قديمة لأحد قادة الإحتلال , وهي "عندما ترون الفلسطينيون منظمون في ركوب الحافلات , فيجب أن تخافون منهم" , وبناء على ما رأيته في الندوة , فلا زال الفلسطينيون غير منظمون في ركوب الحافلات , ولا زال الإحتلال لا يخافون من الفلسطينيون , نعم إنها الحقيقة والتي لا يختلف عليها إثنان , وهي إن الشعب الفلسطيني رغم تضحياته وتاريخة النضالي وتقدمة في مجال التعليم والمجال المهني , ولكنه شعب غير منظم ومستهتر , ومن هنا فيجب أن نضع إيدينا على الجرح لنقول , إن النظام والإنضباط والمسؤولية والتحضر , يساويان مئة عام وأكثر من النضال , لأن التحرر الحقيقي يبدأ من النفس قبل كل شيئ , فالسلاح والعتاد والإمكانات لا يحرران الأرض قبل أن يتحرر الإنسان من العادات السيئة , وأخيراً أتمنى أن يحافظ الشعب الفلسطيني على رصيد تضحياته من خلال تحرره من الفوضى والإستهتار .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت