- بقلم : حكم طالب *
بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية استنادا إلى القرار الذي اتخذه المجلس المركزي الفلسطيني والدخول في مرحلة تتداخل فيها المهام الوطنية واستكمال التحرر الوطني بالمهام الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية ، فانصب العمل في هذا الاتجاه ووضعت الأسس لبناء دولة ذات نظام سياسي ديمقراطي تعددي ، وأجريت أول انتخابات تشريعية في العام 96 لإرساء الممارسة والنهج الديمقراطي في المجتمع الفلسطيني ، وتم إقامة المجلس التشريعي الذي أسهم بسّن العديد من القوانين والتشريعات في جميع مجالات الحياة الفلسطينية ، وتشكيل الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية ، وإنشاء منظومة القضاء وتأسست الوزارات والمؤسسات وعملت بكفاءة ومهنية بشهادة المنظمات الدولية الى ان تنتهي المرحلة الانتقالية بعد خمس سنوات وتقام الدولة الفلسطينية ، ألا انه نظراً لعدم التزام الاحتلال بالاتفاقيات الموقعة وتهربه وتنصله من تنفيذها ومواصلة سياساته الاستيطانية والعنصرية وتفريغ المرحلة الانتقالية من مضمونها ولتحقيق أهدافه في الوصول إلى سلطة بلا سلطة واحتلال بلا كلفة - أي احتلال بخمس نجوم.
شكل قيام السلطة الوطنية وانتقال قيادة منظمة التحرير والحركة الوطنية إلى داخل فلسطين والتي أصبحت تعد ساحة عمل رئيسية خطوة أساسية ومهمة نحو إرساء دعائم الدولة الفلسطينية والتي حصلت على الاعتراف الدولي بها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة كدولة بصفة مراقب ولانطباق شروط عضوية عليها من ارض وسكان وسيادة ، وعلى أن تلتزم بميثاق الامم المتحدة ودولة محبة للسلام وتعمل على تحقيقه مما يتطلب مواصلة النضال على كافة المستويات من أجل ترسيم دعائم هذه الدولة وتعزيز مكانتها ومركزها القانوني ، والعمل بجهد عالي لاستكمال مسيرة الانضمام لكل المعاهدات والاتفاقيات والمنظمات الدولية.
هنا والشعب الفلسطيني على أبواب مرحلة جديدة تتجسد في قرار القيادة الفلسطينية بوقف العمل بالاتفاقيات والتحلل منها وتحميل الاحتلال مسؤولية احتلاله والعمل بالانتقال من السلطة إلى الدولة مما يتطلب العمل على انجاز الاعلان الدستوري لأهميته في مرحلة التحول من السلطة الى الدولة وفتح حوار شامل لتشكيل المجلس التأسيسي والعمل على انجاز الدستور والذي يستند الى وثيقة اعلان الاستقلال ، والعمل ايضا بوتيرة عالية في اطار استكمال المنظومة القانونية والتشريعات الداخلية باعتبارها دولة ديمقراطية تستند إلى سيادة القانون ، مما يتطلب الشروع في عملية القنونة في جميع المجالات لأهميتها في تعزيز قوة وصلابة المجتمع والدولة ، وهنا نشير مثلاً إلى أهمية العمل على فتح حوار حول قانون حماية الأسرة من العنف باعتبارها اللبنة الأساسية للمجتمع من كل أشكال العنف والاضطهاد ، حوار من قبل كل المكونات المجتمعية للخروج بقانون عصري متقدم ومتطور يحمي الأسرة وتماسكها ، ويشكل ضمانة لحقوق المرأة ومساواتها بالرجل انسجاما مع دورها الوطني والاجتماعي ولما قدمته في هذه المسيرة الطويلة، واستنادا لوثيقة وإعلان الاستقلال والقانون الأساس وعلى قاعدة الانسجام والمراعاة للقوانين الدولية باعتبار دولة فلسطين جزء من المنظومة الدولية ، وفي الوقت نفسه مراعاة الخصوصية الفلسطينية ووقف كل أشكال التحريض والتشويه ، والشروع بحوار جدي وهادف ومسؤول ينسجم مع المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني للوصول الى قانون يحمي الاسرة ويحافظ عليها من أي مساس بدورها ووظيفتها في اطار المجتمع.
ان هذه المرحلة تتطلب العمل وصب الجهود على تغيير وظيفة السلطة والانتقال الى الدولة والاستناد في ذلك الى العديد من المعززات والمقومات ومنها الرجوع الى قرار 181 ، 194، 242،383 وجميع قرارات الشرعية الدولية التي اكدت على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على ارضه وعودة اللاجئين الى بلادهم وديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها واقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية على التراب الوطني .
عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت