- (أ.د. حنا عيسى)
لم يفهموا حديثي.. على ما يبدو أني لست الفم المناسب لهذه الآذان!
(لا تنتظر من مجتمع بائس لا يستطيع وضع القمامة في مكانها المناسب، أن يضع لك الشخص المناسب في المكان المناسب! وعليه، إن شعرت بأن سفينتك تغرق، قد يكون هذا هو الوقت المناسب للتخلص من الأشياء غير الضرورية التي تثقلها.. لهذا السبب، أحياناً تبدأ برسم لوحتك بألوان جميلة وعندما تنتهي.. تكتشف أن الألوان لا تناسب الرسمة.. هكذا تكون مشاعرك تجاه الشخص غير المناسب).
عندما تكون في موقف تعيين أو وضع شخص في مكان لتحمل مسؤولية حتى لو كانت بسيطة يجب عليك ان تتبع سُبل الاختيار السليمة والصفات التي يجب ان تكون متوفرة في الشخص المناسب، لأنك لو لم تختار الشخص المناسب في مكانه المناسب سوف تتعرض أنت والمؤسسة أو الجماعة بأكملها لعواقب. نعم، مع التطور الحاصل في معظم دول العالم لا يصلح حال الحكومات الا إذا احسنت اختيار قيادييها.. حيث من أبرز الفشل الحكومي في ادارة البلاد وتراجع التنمية وتأخر المشاريع هو عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وخاصة في الاماكن والمناصب القيادية. ولتحقيق طموح المواطنين فانه لا سبيل سوى من وضع قواعد وشروط ملزمة حتى يتم اختيار الكفاءات لتولي المناصب الهامة والحساسة والقيادية، وأهمها:
1- الاعلان عن اي وظيفة قيادية شاغرة لمن يجد في نفسه الكفاءة والقدرة للتقدم لهذه الوظيفة.
2- وضع شروط محددة لمن يرغب بالتقدم لهذه الوظيفة على ان تتضمن هذه الشروط: خبرة في هذا المجال ومؤهلا أكاديميا مناسبا لهذه الوظيفة.
3- ان تشكل لجنة المقابلات والاختيار من أطراف محايدة مثل وزارة التخطيط، ديوان الموظفين العام، وزارة التربية والتعليم، وزارة المالية وواحد من الاشخاص من ذوي الخبرة والممارسة.
4- بعد المقابلات ترشح اللجنة المذكورة اعلاه 3 اشخاص يختار الوزير منهم واحدا ليتم رفعه الى مجلس الوزراء.
والمعروف عالميا بانه من المساوئ المترتبة على عدم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب هي:
- فقدان أصحاب الموهبة والكفاءة.
- التبذير في الوقت والمال.
- الإهدار في الإمكانيات والخبرات.
- سوء استغلال الطاقات.
- فقدان القدرة التنافسية للمؤسسة.
- انخفاض الانتاجية.
اما حالة المحاباة والعلاقات الشخصية التي تتسبب في اختيار بعض الاشخاص ليستغلوا مسؤوليات ليست بحجم قدراتهم البسيطة وامكانيتهم المتواضعة، فهذه الحالة قد سادت الكثير من مواقع العمل وخصوصا الحكومية في معظم البلدان وهي حالة تحطيم بطيء وتبديد لثروات وضياع لكفاءات كثيرة يمكن ان تكون سببا في التقدم والتطور خلال مدة أكثر بكثير من سنوات تضييع الامكانيات بواسطة الاشخاص غير المناسبين في الأمكنة غير المناسبة. وإذا قمنا بطرح سؤال على مجموع الموظفين: هل انت راض عن عملك الذي تمارسه بالوظيفة ألان؟
فسيكون جواب الاكثرية منهم لا، معنى ذلك ان الشخص المناسب في المكان غير المناسب كم موظف الان يمارس العمل من اجل الوظيفة والراتب؟ ان مما يؤسف أنك ترى في المجتمع اناسا يحملون شهادات عليا في تخصصات علمية دقيقة، وهم يمارسون اعمالا او وظائفا لا تمت لتخصصهم بصلة. ولاختيار الشخص المناسب في المكان المناسب لا بد من اتباع الاساسين التاليين:
1- احصاء الوظائف (المهن) الموجودة في المجتمع ووضع مواصفات لها.
2- معرفة قدرات واستعدادات الشخص ومدى ملاءمته للوظيفة المتقدم لها.
وعلى ضوء ما ذكر اعلاه فان الاصلاح الاداري يكمن بالأساس في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وذلك يتطلب توصيف كل عمل من الاعمال لمعرفة الصفات الواجب توفرها في الشخص الذي سيسند اليه هذا العمل او تلك الوظيفة وذلك من حيث الكفاءة والمؤهل والخبرة والممارسة والنزاهة والشفافية ونظافة اليد. ولا بد من وضع معايير صحيحة ودقيقة في اختيار الاطر الادارية خاصة الذين سوف يكلفون بمناصب قيادية، لان مسؤولية المجتمع تقع على عاتقهم وان يكونوا من ذوي الكفاءات والقدرات المتميزة ويحسنون الاهتمام بالعنصر البشري.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت