لا معنى للوجود بدونك- اجْذُبيني لئلا يسحبني الثقب الأسود- اشتياق متأخر لامرأة نسيتُها - حين دخلتُ إلى ميتافيزيقية العدمِ- حينما تحتلّ المرأةُ لسرمدٍ عقلَ رجُل تحبّه- حينما أحتار من صمتكِ - لم أكنْ وقتَها أبحثُ عن حُبٍّ عابر- حينما ينهزم قلبي

بقلم: عطاالله شاهين

عطا الله شاهين

 عطا الله شاهين

لا معنى للوجود بدونك

 لا يمكنني تخيّل أهمية وجودي دون أن تكوني بجانبي وتواسيني أحزاني، أدرك كلما تأتين إليّ بأنه لا معنى للوجود بدونك، فأنت تمنحيني اكسيرَ الحياة حتى في بعض الأوقات، حينما تكونين بعيدة عني خطوات عدة..
ففي كل مرة تكونين قريبةً مني أشعر لحظتها بأن وجودي سينعدم بدونك، فحين تقتربين مني أكثر افهم أهمية وجودي على هذه الدنيا، رغم كل مآسيها، ولكن عندما تغيبين لأيام لا أشعر حينها بأنني لست موجودا، لأنني أكون محاطا بهالة من الحزن..
فوجودي أشعر به حين تكونين معي فقط.. فغيابك القسري يعدم وجودي، وأراني جالسا على أريكتي بحزْني.. أحيانا اقرأ روايات عن الحُبّ، وعن الحرب، وعن الموت، وعن الأوبئة .. فعندما تقفين أمامي أشعر بأنني عدتُ للحياة، رغم حزْني من هموم الدنيا.. فوجودي لا يمكن له أن يستمرّ بدونك..

  اجْذُبيني لئلا يسحبني الثقب الأسود  
أتعلمين بأننا سنموت لو اقتربنا من الثقب الأسود، ولهذا لا تتركي يدي، وظلي اجذبيني لئلا يسحبني الثقب الأسود، وعندها ستتبعينني كي تبحثي عني في دوائر الموت، فلا حياة في الثقب الأسود تشبه حياتنا، ربما سنرى كونا آخر لا يشبه كوننا..
 لعلنا سنعيش للأبد محاطين بضوء أبيض يأتي من كون لا تغيب فيه الشموس، ربما سنموت من حرارة الأجرام المشتعلة داخل الثقب الأسود، وربما سننفذ الى كون معتم..
فمصيرنا يبقى مجهولا حين نمرّ رغما عنا إلى داخل الثقب الاسود، الذي ما زال بعيدا عنا مئات السنين، فلا تبتعدي عني، وظلي ممسكة بيدي المرتعشة من رياح باردة تهب علينا منذ الف سنة، ونحن هنا تائهون في كون لا نهاية له وصلنا الى ما وراء الكون بأننا لن تمكن من العودة إلفلا تحلمي بالعودة الى كوكبنا الأزرق، فنحن نطير صوب نهاية الكون، أتعلمين لا أرغب بالموت سوى معك ..
 سنموت بعد زمن هنا، أو في ثقب أسود قادم إلينا .. تعالي نرى ضوء النجوم قبل ان نموت تعالي نقترب من الشموس كي نشعر بحرارة، لأن برد الكون لا يحتمل.. فظلي ممسكة بي للابد كي لا يأخذني الثقب الأسود، وعندها ستتبعينني، رغم علمك بمصيرك المجهول..

اشتياق متأخر لامرأة نسيتُها على حافة الكون  
لا أدري لماذا اشتقت لامرأة مللت منها ذات زمن، وفررت من سماجتها ذات حُلْمٍ، رغم شيطنتها الجيّدة لي في الحُبِّ، إلا أنني تركتها دون أن تدري، ومع مرور الزمن نسيتها تماما، ولم أعد أفكر بها البتة، أما اليوم فأنا أحلم بها ومشتاق لها، رغم أنها ماتت من برْد حافة الكون منذ زمن بعيد، فاشتياقي لها جاء متأخرا، لكنني حزين لموتها على حافة الكون، فربما تسبح الآن بين المجرات، أو أنها عالقة في ما وراء الكون في فراغ معتم بلا أية أجرام كونية تؤنسها بوحدتها..
 فاشتياقي لها الآن المتأخر لا قيمة له ما دمتُ بعيدا عنها، على الرغم من أنها ميتة منذ زمن بتّ فيه رجُلا هرما، فحين فررتُ منها ذات حُلْم ليس لأنني لم أحبّها، بل لأنها كانت امرأة مبدعة في إشعال الحُبِّ بطريقة صامتة لا يمكن وصفها، إلا في حيّز كوْني معتم..

 حين دخلتُ إلى ميتافيزيقية العدمِ للبحثِ عنكِ..
رغم مكوثي لسرمد على حافة الكوْن للبحثِ عنك، واضطررت منذ أن فررتِ ذات عتمةٍ غاضبةً مني فدخلتُ منذ الأزل إلى ميتافيزيقة العدم، بعدما أيقنتُ بأنك لستِ موجودة في الكون، فلم يكن أمامي سوى أن أتلاشى في عدم الكون كي أجدكِ، رغم عدم يقيني من أنك متواجدة في عدم كونٍ معتم منذ الأزل..
 فدخولي إلى ميتافيزيقة العدم كانت صعبة للغاية، لأنني بتّ أنا العدم، فلا وعي لعقلي، ولا شعور بأي شيء، فهناك تلاشيتُ عدم سرمدي، لكنني كنتُ أحلم بلا وعي بك أثناء مروري بنفقِ العدم، الذي لا يشبه أيّ نفقٍ..
كنت أهذي عندما تلاشيتُ في عتمة كوْنٍ لا تشبه عتمته أيّة عتمةٍ بصمتها، وتواصل هذياني، وأنا أنادي عليك بصوتي، الذي خرج يطير بذبذبات ترددية عالية، لكنك لم تجب على مناداتي السرمدية، التي تلاشتْ في النهاية في عدم العدم، ولم أدرِ ماذا جرى لي حين غصتُ في نفقٍ معتم لا نهاية له، فقلت بلا وعي دون سماعِ صوتي: لربما أجدكِ من خلال مروري السرمدي في ميتافيزيقية العدم..

 حينما تحتلّ المرأةُ لسرمدٍ عقلَ رجُل تحبّه..
 لا يمكن أن يفلت الرّجُل إذا عشقَ امرأة لدرجة الهوسِ، وأن يفلت من احتلال المرأة لعقله، مهما طالت العلاقة بين امرأةٍ ورجُل وقعا في حُبٍّ حقيقي صادق، ولكن ومع مرور الزمن تشكّل المرأة المحتلة لدماغ أي رجُل تحبّه حالة من القلق الإيجابي، رغم أن الرّجُل العاشق يحاول في بعض الأحيان الالتفات لامرأة أخرى، عبر إغراءه بجسدها، فعندما تحتلّ المرأة لسرمدٍ عقلَ رجُل بات مع مرور الزمن مهووسا بها لدرجة الهذيان، أو عاشقا بها لدرجة الجنون وعندها يذهب إلى التفكير في فلسفة احتلالها لعقله الذي لم يعد قادرا على حب امرأة أخرى ولهذا يبقى يفسر لغز عدم مقدرته على الافلات من امرأة احتلت عقله بهدوء بطريقة فلسفية يكون فيها حبها هو المسيطر الأول على عقل رجل باتت مع الايأم تحبّه أكثر،
 ورغم هوْس الرّجل العاشق للمرأة التي تحبه، إلا أنه يعجز عن توقيف الهوس بها، لكنه يظلّ منشغلا في فلسفة اتزان المرأة في تطوير العلاقة، حتى أن المرأة، حينما تحبّ رجلاً تظل واقفة أمام جدار الرغبة لزمنٍ، وتمنع انجرافها الجنوني صوب السّيْر وراء غريزة يمكن التغلّب عليها ولو لزمنٍ، وهنا لا يدور الحديث عن علاقة نزوة عابرة دون حُبٍّ، كلا فهنا العلاقة بينهما مختلفة تماما عن أية نزوة، فهنا أقصد كلاما عن احتلال المرأة العاشقة لرجُلٍ يظل تفكيره مهووسا بها وقلقا، لكن نبقى العلاقة بينهما في حدود المعقول، والمرغوب، ويسيطر عقله على قلبه،
 رغم أن قلبه يمكن أن يميل إلى قلب امرأة أخرى، لكن يمكن كبحه بسهولة.. فحين تحب المرأة رجُلا وتحتل عقله لسرمدٍ لا يمكنه بعدئذ الافلات من حبها مهما حاول، إلا إذا تمرد على عقله بطريقة فلسفية..

 حينما أحتار من صمتكِ وقت اختفاء القمر
حين التقي بكِ في ليالٍ بلا قمرٍ أراك حينها تصمتين بصمتكِ غير المعهود، وكأنك لأول مرة ترينني، وتجعلينني حينها أحلل لُغزَ هذا الصمت، الذي على شفتيك، لكنني أرى كلاما في عينيك على عكس صمت شفتيك ..
 ففي عينيك شغف للحُبِّ، فأنت تجعلينني في حيرةٍ من هذا الصمت، الذي يبشّعك بكل شيء، على الرغم من أنك تبوحين لي من عينيك رغبة لحُبٍّ فيه من الرومانسية، رغم اختفاء القمر في ليالٍ لا يجمّلها إلا ضوء القمر، الذي يمنحنا جوا مغايرا من جلوس رومانسي يكون فيه الحُبُّ هادئا بصخب..
 أراك بصمتك، وكأنك لا ترغبين المكوث معي، رغم شغف عينيك، اللتين تبوحان بكل شيء بصمتٍ جنوني .. كنت تهمسين قبل زمنٍ ولّى عن أشياء لم أفهمها في الحُبِّ، أما الآن فأنت تحيّرينني بهذا الصمت الآتي من شفتيك، والذي يجعلك لا تشبهينك، رغم صخب عينيك..
 بتُّ محتاراً من صمتك، رغم أنّ عينيك ترغبان في بوْح كل شيءٍ عن اشتياقكِ لي في عتمة بلا قمرٍ..

  لم أكنْ وقتَها أبحثُ عن حُبٍّ عابر
كنتُ رغم سنّي المراهق نوعا ما أيام الحياة الدراسية الجامعية في بلدٍ أحببتها من أول ما خطتْ قدماي على أرضها أفهم ما هو الحُبّ، ومغزى الحُبّ بكُلِّ فلسفته، وكنت أنفر من الولوج في الحُبِّ بأسلوب العاطفة الانجذابية صوب المرأة، فقلت في ذاتي: لعلها أعجبت فيّ هذه المرأة، التي لم تريد مني الحُبّ، الذي أفهمه أنا، فهي كما أرى ترغب حُبّا عابرا آنيا مؤقتا، لربما لزمن محددٍ، لكنني تعمّدتُ حينها أن أكون جاهلا في الحُبِّ،
فذات مساء وبينما كنا نسير على رصيف شارع نظيف عند ساعات الغسق صرختْ في أذني بصوت عالٍ أنت جاهل.. لم أرد عليها لدقائق: فقالت: أأنت زعلت مني؟ فرددت عليها كلا، ولكن صرختك جعلتني أفهم حاجة المرأة للحبِّ حتى وإن كان حبا عابرا..
كنت حينها طالبا في بلد تحبّ أرضه أن تبقى بيضاء لأشهر، ويعشقها البرْدُ، ولا يحب أن يبتعد عنها كحُبٍّ جنوني سرمدي منذ بداية الكون .. فدنتْ مني، وقالت بصوت مسموع: أتفهم في الحبّ فقلت لها: الحب الذي تسعين إليه من خلال إيهامي بأنك تحبينني فبكل تأكيد أرد عليك بكلّا، فأنا أرغب الغرق في حب حقيقي، كي يستمر لزمن أزلي..
 لا أبحث عن حب عابر.. فاعذريني، فغضبت مني، وخطت نحو الحافلة التي كانت تنظر ركابا، وركبتها، ولم أعد أرها البتة، فقلت: الحب العابر لمرة واحدة أو عدة مرات، فهذا ليس بحُبٍّ ...


 حينما ينهزم قلبي أمام جاذبية عينيك..
 كنت خائفا من الدنو صوبك.. هناك سبب سيكولوجي عادي يجعلني التّروي للوقوع في حبّكِ حتى لو كان حُبَّاً مؤقتا.. إلى أين ستصل الأمور حين أدنو منكِ..
فقلبي خائف وأراه يتراجع منك مرتجفا! قلت لذاتي: لماذا أكذب على نفسي فأنتِ تجذبينني بجمَالكِ؟
فمن نظراتها أراني شغوفا للدنو منك، رغم قلبي المرتجف.. أعذره، فلمْ يقع في حُبِّ قلبِ امرأةٍ من قبلكِ.. كنت أبعد الخوف باتباع فلسفة المنطق أنتِ ترغبينني، هكذا عيناك تبوحان..
 سأقنع فلبي كي لا يخاف منكِ! كنت أرتجف في كل خطة أقترب فيها منكِ..
هل لأنني عديم التجربة في الدنو من امرأة؟
أعذريني فقلبي ما زال خائفا ويتراجع من الدنو صوبكِ.. لكنّ جاذبية عينيك أقوى، وأراها تقرّبني إليكِ فقلبي أراه ينهزم أمام هذه الجاذبية الآتية من عينيك، اللتيْن تبوحان كلاما صامتا....
 
 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت