طالب إعلاميون وممثلو منظمات أهلية الجهات الحكومية باعتماد الشفافية في نشر المعلومات، وعدم اعتماد سياسة ما يتناسب مع مصالحها فقط في نشر المعلومات، كأحد أهم الأدوات للتعامل الإيجابي مع الأزمة.
ودعوا، خلال ورشة عقدتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، ضمن مشروع "توجهات منظمات المجتمع المدني الفلسطينية لمواجهة التحديات المستقبلية"، بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت" الألمانية، في مقرها في مدينة غزة، بعنوان "الخطاب الإعلامي الفلسطيني خلال أزمة كوفيد-19"، إلى العمل على تكاثف الجهود في تقديم خطاب إعلامي فلسطيني يتناسب مع الأزمة الراهنة.
وأكدت الورشة على ضرورة اعتماد الصحافة الخدماتية واستخدام الأشكال المختلفة في الإعلام وعدم الاعتماد فقط على النشرات الرسمية وإعادة نشرها، مما يستوجب تدريب الصحفيين على تلك المهارات المختلفة والحديثة.
وقال الصحفي حازم بعلوشة، الذي قدم خلال الورشة، ورقة بعنوان "الخطاب الإعلامي الفلسطيني خلال أزمة كوفيد-19 فرصة استعادة ثقة الجمهور كانت سانحة، ولكن..." إن الخطاب الإعلامي الفلسطيني في ظل الجائحة لم يرتقِ إلى مستوى التحدي والأزمة.
واعتبر بعلوشة أن وسائل الإعلام الفلسطينية جاءت نسخا مكررة عما تصدره وزارة الصحة والمؤسسات الرسمية من دون البحث الجدي فيما وراء الأخبار والتصريحات الرسمية، واكتفت بالتوعية السطحية، والنقد المبنى في معظمه على الانقسام السياسي، والمقارنة بين أداء السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والسلطة الحاكمة في قطاع غزة.
ورأى بعلوشة أن العواطف احتلت مساحة كبيرة في الخطاب الإعلامي الفلسطيني، سواء الرسمي، أو الأهلى، وحتى وسائل الإعلام العامة والخاصة.
وأضاف أن الإعلام الخدماتي المتخصص لم يكن حاضراً في شكل واضح خلال الجائحة، ولم يرتقِ خطاب وسائل الإعلام والمؤسسات الأهلية إلى مستوى يمكن أن يكون مصدرا رئيسا للمعلومة، التي من شأنها أن تساعد السلطات في طمأنة الجمهور.
وأوضح أن الخطاب الرسمي انقسم الى جزئين، الأول ترويج نشاطات المؤسسات الرسمية بخطابات عاطفية وفي إطار العلاقات العامة، والثاني نوع من وسائل التوعية، التي كانت تعتمد في شكل رئيس على المؤسسات الدولية والأهلية.
وقال إن الخطاب الرسمي كان مختلفا نتيجة الانقسام السياسي والجغرافي، وبدأ الاختلاف عندما اختلف السياسيون حول قرار الرئيس محمود عباس إعلان حالة الطوارئ مطلع آذار (مارس) الماضي، ما انعكس سلبا على الخطاب الإعلامي للطرفين المتخاصمين، وشكل تناقضا في الوعي لدى عامة الجمهور.
وفيما يتعلق بالتوعية، لم يتطرق الإعلام الرسمي لكيفية تعامل الفئات المهمشة والفقيرة مع الفيروس، وكيفية حماية أنفسهم من الاصابة، واقتصرت الاعلانات الرسمية في بعض الأحيان على المناطق الرئيسة فقط.
وحول دور المنظمات الاهلية، رأى بعلوشة أن الأزمة المالية الخانقة قبل الجائحة انعكست في شكل واضح على أدائها خلال الجائحة ومساهمتها في الحد من الانتشار والتوعية، واقتصر في معظم الأحيان على إبقاء موظفيها في المنازل والعمل عن بعد، فيما اضطرت بعض المؤسسات إلى وقف الموظفين عن العمل تماما، نتيجة وقف التمويل.
وشدد على أن الفرصة سنحت لوسائل الإعلام خلال الجائحة لاستعادة ثقة الجمهور فيها، نظرا لازدحام وسائل التواصل الاجتماعي بالاخبار المفبركة والزائفة، وكان مصدر المعلومة الرسمي هي وسائل الإعلام التقليدية، لكن سيطرة الخلاف السياسي، وسعي كل جهة رسمية للظهور بمظهر البطل في التعامل مع الازمة، حدّ من قدرة وسائل الإعلام على التعامل مع القضية في شكل مهني، كما أن نقص التمويل والقدرات المالية للمؤسسات الإعلامية أثر في شكل واضح على أدائها قبل الأزمة وأثنائها.
وقال إن الجمهور اعتمد في شكل رئيس على وسائل التواصل الاجتماعي، بخاصة "فيسبوك"، التي كانت معلوماتها في كثير من الأحيان مغلوطة أو كاذبة تماماً، وشكلت عبئاً على الجهات الحكومية أو الأهلية ووسائل الإعلام في التحقق من تلك المعلومات والمواد المنشورة على المنصات المختلفة، في ظل غياب مصدر رئيس شفاف للمعلومات.
واعتبر بعلوشة خلال الورشة التي تخللها بعض الأسئلة والمداخلات أن عدم اعتماد الجهات الرسمية على الشفافية، و تعطش الجمهور للمعلومات منح المنصات الاجتماعية مساحة مهمة للتأثير على الجمهور وسلوكه، فيما حاولت المؤسسات الرسمية والاهلية نقض بعض المعلومات الكاذبة، من دون جدوى رغم نفيه.
وكان مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا افتتح الورشة بالإشارة إلى تداعيات الجائحة الصعبة على مختلف مناحي حياة الشعب الفلسطيني المعيشية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والنفسية.
ولفت الشوا الى أهمية الخطاب الإعلامي أثناء الجائحة وقبلها وبعدها، مشيرا إلى الخطاب الرسمي والفصائلي والأهلي ومن قبل الخبراء، وكذلك الدولي، بخاصة من قبل منظمة الصحة العالمية، التي لعبت دورا مهما في إصدار التوجيهات والإرشادات الصحية، وكذلك التحشيد، وتمويل خطط مكافحة الفيروس والوباء.
واعتبر الشوا أن الخطاب الإعلامي خلق ارباكا في الساحة الفلسطينية، بخاصة في قطاع غزة الذي يعاني من الآثار الكارثية للاحتلال والحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي.
وقال مدير برامج مؤسسة "فريدريش إيبرت" في قطاع غزة الدكتور أسامة عنتر إن مقارنة بسيطة بين أداء الإعلام في أوروبا، بخاصة في ألمانيا، ترجح كفة الأول.
وأضاف أن الاعلام في أوروبا وألمانيا استقى معلوماته حول الوباء من الخبراء ووزارة الصحة، وتاليا من السياسيين، فيما تصدرت المشهد في القطاع وزارة الداخلية، وفي الضفة الغربية رئيس الحكومة الدكتور محمد اشتية