- بقلم : شاكر فريد حسن
حلت أول أمس، في السابع والعشرين من حزيران، الذكرى الخامسة عشرة لوفاة الرجل السياسي والمناضل الشيوعي إبراهيم محمد مصطفى بيادسة (أبو عمر)، الذي كرس حياته في خدمة حزبه والدفاع عن القضايا الوطنية والطبقية والشعبية.
الراحل إبراهيم بيادسة من مواليد العام 1929 في قزازة التي أقيمت على انقاضها بلدة بيت اليعزر المتاخمة لمدينة الخضيرة. نشأ وترعرع في بلد الشيخ قرب حيفا، وفي مطلع شبابه اشتغل على متن إحدى السفن التجارية، ما جعله يجوب الكثير من أماكن وبلدان العالم، وكان قد تعرف على شريكة دربه وحياته اللبنانية واقترن بها في بيروت.
عاد إلى حيفا وبقي فيها حتى العام 1947 ثم انتقل إلى باقة الغربية، وأقام فيها حتى وافته المنية.
اشتغل المرحوم إبراهيم بيادسة في أعمال البناء، وتثقف على نفسه، فقرأ مئات الكتب بمختلف المواضيع، وتسلح بوعي سياسي ثاقب، وثقافة سياسية وأيديولوجية، وامتلك الجرأة على طرح مواقفه وأفكاره التي كان يؤمن بها ويذود عنها، وباالقدرة على الخطابة السياسية المتميزة.
انخرط في صفوف الحزب الشيوعي، وأسس فرعًا للحزب في بلدته باقة الغربية وترأسه، وانتدب ليمثل الحزب الشيوعي في البرلمان الروسي لكونه اهل لذلك ومقدرته على توضيح مواقف ورؤى الحزب من القضية الفلسطينية والقضايا العالمية المصيرية. وانتخب عضوًا في مجلس المحلي لمدة اربع سنوات لكن المرض أقعده. وكان تعرض للملاحقات والاعتقالات نتيجة نشاطه السياسي ومواقفه الوطنية والسياسية والفكرية، وعرف عذاب السجون والزنازين ولكن ذلك لم يثنه عن دربه وأهدافه والدفاع عن قضية شعبه، وبقي يكافح ويناضل حتى وفاته في 17 من شهر حزيران سنة 2005.
وقد جمعتني بالمرحوم إبراهيم بيادسة صداقة رفاقية متينة، وتوسمت فيه رباطة الجأش، والمبدئية الصادقة، ونكران الذات، والتضحية والعطاء، ونظافة اليد، والاستقامة، ودماثة الخلق، وتواضعه المعهود. وكنا التقينا كثيرًا في مقاهي باقة، وفي مكتب اليسار بجت المثلث بمعية الصديق القديم عبد الحكيم سمارة. وشرفني مرة في بيت والدي بمصمص مع المثقف الراحل جمال يوسف قعدان (الأصمعي)، واقتنيت منهما في حينه كتاب " النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية " لشهاب الفكر الشهيد د. حسين مروة.
وللراحل إبراهيم بيادسة الكثير من الكتابات والتعليقات السياسية، التي كان نشرها في أدبيات الحزب الشيوعي، وفي كتاب " المسيرة " الفصلي الذي كان يصدر عن مكتب اليسار في الثمانينيات من القرن الماضي.
المرحوم أبو عمر شخصية وطنية وشيوعية مناضلة بامتياز، عمل بجد ونشاط، وشارك في معارك شعبنا الوطنية لأجل البقاء والحياة والوجود في الوطن، وفي سبيل المساواة والسلام، ومات دون أن يتحقق حلمه بانتصار الحق الفلسطيني المشروع وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. فله الرحمة، وسيظل في سجل الخالدين والمناضلين الأشاوس الذي أفنوا حياتهم في خدمة قضايا الشعب والوطن والمجتمع.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت