تحليلاً جديدًا يوضح كيف تساهم "سياسة الفصل"، التي تنتهجها إسرائيل منذ سنوات لعزل قطاع غزة وقطع صلاتها مع الضفة الغربيّة، في تعبيد الطريق أمام عمليّة الضم

ورقة موقف بعنوان "منطقة G: من الفصل إلى الضم"

 نشرت جمعيّة "چيشاه – مسلك" اليوم ورقة موقف جديدة بعنوان "منطقة G: من الفصل إلى الضم"، تعرض وتحلل مراحل تطوّر "سياسة الفصل"، التي تنتهجها إسرائيل لعزل غزة (منطقة G)، من الناحية الجغرافيّة، الاقتصاديّة والاجتماعيّة، عن الضفة الغربيّة (مناطق A C B) بواسطة فرض تقييدات شاملة على الحركة والتنقّل، وتبين الأضرار البالغة الناجمة عن هذه السياسة.

وتوضح الورقة أن إسرائيل تبرر تطبيقها لسياسة الفصل بذرائع أمنيّة، كما فعلت بخصوص مشروع المستوطنات في الضفة الغربية، علمًا أنها تخدم أهدافًا ديموغرافيّة – سياسيّة، وهي: تقليص عدد الفلسطينيين المقيمين في الضفة، إضعاف المؤسسات الفلسطينيّة التي من شأنها أن تشكل أساسًا للدولة مستقبلاً، وضم أجزاء من الضفة الغربيّة.

لم تعلن إسرائيل يومًا عن سياسة الفصل وعن فحواها بشكل رسمي، رغم استخدام هذا المصطلح بشكل واسع من قبل كبار القادة السياسيين والأمنيين والقانونيين في إسرائيل. ويبرر كبار المسؤولين الإسرائيليين التقييدات الشاملة التي تفرضها إسرائيل على تنقّل الأشخاص ونقل البضائع، والتي تنبع بشكل مباشر من سياسة الفصل، على أنها نابعة من "اعتبارات أمنيّة – سياسيّة". كذلك تفعل النيابة العامة الإسرائيليّة في ردها على التماسات يقدمها فلسطينيين ضد منعهم من الحركة والتنقل، معتمدة رؤية مقلصة جدًا بخصوص واجباتها تجاه الفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها. وتفصّل ورقة الموقف كيف تستخدم إسرائيل، مرة تلو الأخرى، سيطرتها على حركة وتنقل الفلسطينيين كوسيلة لفصل وعزل مستمر للمجتمع الفلسطينيّ، وتقوم بتشكيل ضغط على السكان المدنيين يصل حد استخدام العقاب الجماعيّ الممنوع ضدهم، ولا تقوم بإجراء أي توازن بين احتياجاتها الأمنيّة وبين واجبها باحترام حقوق الإنسان الخاصة بهم وضمان تلك الحقوق.

كما تشمل ورقة الموقف تفصيلاً لممارسات بيروقراطيّة تطبقها إسرائيل، بواسطة سيطرتها على سجل السكان الفلسطينيّ، وعلى المعابر الخاصة بتنقل الأشخاص ونقل البضائع بينها وبين غزّة والضفّة، والتي تهدف إلى خلق واقع ديموغرافيّ يتلاءم مع تطلعاتها السياسيّة، وعلى رأسها المخطط لضم مناطق من الضفّة الغربيّة. وتعكس تلك الممارسات محاولات إسرائيل لتقليص عدد الفلسطينيين المستحقين للتنقّل بشكل عام، ومنع انتقالهم من القطاع إلى الضفة بهدف الإقامة فيها بشكل خاص، وذلك حتى بواسطة اتخاذ خطوات قد تفسّر على أنها نقل قسريّ لسكان تحت الاحتلال، الأمر المحظور بموجب القانون الدوليّ.

شددت جمعية "چيشاه – مسلك" في السابق على الاسقاطات الخطيرة الناجمة عن سياسة الفصل للاقتصاد والمجتمع في غزة، كما للمجتمع الفلسطينيّ برمته، وكذلك على الواجب القانونيّ الملقى على إسرائيل بأن تتيح إمكانية التنقل بين غزّة والضفّة وأن تحافظ على حق تقرير المصير للشعب الفلسطينيّ. اليوم أيضًا، في ظل وباء عالميّ، وأزمة اقتصاديّة ازدادت حدتها جراء الخطوات المتخذة للحد من تفشيه، تستمر سياسة الفصل في شرخ المجتمع الفلسطينيّ، زعزعة مؤسساته الوطنيّة، إحباط نشاطات اقتصاديّة، شرذمة عائلات، عدم السماح بالحصول على علاج طبيّ لائق، وانتهاك حقوق أخرى من ضمنها الحق بالتعلم وكسب الرزق.

لا زال من غير المعروف حجم المساحة التي ستسعى إسرائيل لضمها لنفوذها. مع ذلك، من الواضح منذ الآن أن "خطة ترامب" التي على أساسها تخطط إسرائيل خطواتها، تعرض رؤية مقلقة لإقامة كنتونات أشبه بالبنتوستانات بالضفّة، والتي ستخضع الممرات بينها أيضًا لسيطرة إسرائيل المطلقة. سواء تحقق تهديد الضم أم لم يتحقق، من الواضح أنه يجب إلغاء سياسة الفصل، ووقف الأضرار الإضافيّة التي من المتوقع أن تلحق بالعلاقات بين المناطق A, B, C و-G وبنسيج حياة الفلسطينيين برمته، وذلك للحفاظ على حقوق الإنسان الخاصة بسكان المناطق الفلسطينية المحتلة.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - غزة