بمناسبة الذكرى الـ99 لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، الذي تأسس في العام 1921، أثني خبراء عرب متخصصون في الشؤون الصينية على مفهوم الحزب الشيوعي الصيني المتمثل في "وضع مصالح الشعب في المقام الأول" وأيضا على كل الإنجازات التي حققها الشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني في السنوات السبع الأخيرة.
قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهو أيضا الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، يوم 22 مايو إن الحزب الشيوعي الصيني مستعد لحماية حياة الشعب وصحته مهما كلف الأمر.
أدلى شي بهذه التصريحات خلال مداولات مع النواب من وفد منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم في الدورة الثالثة للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني، الهيئة الوطنية التشريعية الصينية.
لقد أثبتت مكافحة مرض كوفيد-19 بشكل كامل أن الحزب الشيوعي الصيني يضع مصالح الشعب في المقام الأول. ويقول الخبراء إنه "بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني، كل شيء يبدأ وينتهي بالشعب. وهذا يضع شعبهم في مركز كل ما يفعلونه. فالشعب يأتي في المقام الأول قبل كل شيء".
كما إن فهم مفهوم الحزب الشيوعي الصيني المتمثل في"وضع مصالح الشعب في المقام الأول" يساعد على فهم المظهر الأكثر واقعية للحزب الشيوعي الصيني، أكبر حزب سياسي في العالم، ويمثل المفتاح الرئيسي لفهم الأفكار السياسية الصينية المعاصرة.
-- من أجل حياة الشعب وصحته: مكافحة مرض كوفيد-19
لدى إجابته على سؤال حول ما إذا كانت مكافحة الصين لمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) تعكس مزايا الحزب الشيوعي، قال الأمين العام للحزب الشيوعي المصري صلاح عدلي إن "الصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي حققت سيطرة فعالة في وقت قصير جدا على هذا الفيروس، وهذا الأمر يوضح قدرات الحزب الشيوعي، الذي يملك قيادة حازمة وواعية وشعب مؤمن به".
وعن تقييمه للإنجازات الصينية في مكافحة كوفيد-19، أجاب رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي قائلا إن "جائحة كورونا الجديد تمثل تحديا عالميا جسيما صحيا واقتصاديا واجتماعيا، وقد وضعت، العالم وجميع الدول أمام اختبار غير مسبوق وكانت الصين في الموقع الأول بهذه المواجهة، التي ترتقي لمصاف الحرب من حيث حجم التحديات والمخاطر والمتطلبات المادية والبشرية والفنية واللوجستية وما تقتضيه من خطط وإستراتيجيات لإدارتها".
وأضاف "نستطيع الحكم بأن الإجراءات الاستثنائية والسريعة التي اتخذتها الصين لمواجهة المرض، والحجم الهائل من الموارد البشرية والمالية والمادية والتقنية والعلمية الذي حشدته قد حقق نجاحات واضحة ومثيرة للإعجاب في الحد من انتشار الوباء والسيطرة عليه".
وأكد فهمي أن هذه النتائج ما كانت لتتحقق لولا فاعلية وكفاءة النظام الصحي وتطور البنى التحتية والمستوى العالي للتقنيات المتوفرة، إلى جانب منظومة الحكم والإدارة وسرعة تجاوبها وتفاعلها مع التطورات والمستجدات، يضاف إلى ذلك كله الالتزام العالي للشعب الصيني بتوجيهات وتدابير الوقاية من الأزمة وثقتهم بما يصدر عن الجهات الحكومية المعنية بمواجهة الأزمة.
وتابع قائلا إن الخبرة التي تراكمت لدى الصين تعتبر رصيدا كبيرا في رفع قدرة العالم على محاربة الوباء، وقد أعلن القادة الصينيون في أكثر من مناسبة وضع هذه الخبرات والمعارف تحت تصرف العالم أجمع وتحقيق التعاون وتنسيق الجهود مع مراكز البحث والمختبرات في مختلف بلدان العالم ومع المؤسسات الدولية.
منذ تفشي جائحة كوفيد-19 وخلال انتشارها، قامت الصين بشحن إمدادات طبية إلى ما يقرب من 150 دولة وأربع منظمات دولية لتلبية احتياجاتها الفورية، وعقدت مؤتمرات عبر الفيديو مع خبراء من أكثر من 170 دولة لتبادل الأساليب والبروتوكولات المثبتة للتشخيص والعلاج ومكافحة الجائحة. كما أرسلت الصين 26 فريقا من الخبراء إلى 24 دولة لتقديم المعلومات والتوجيه في الوقت المناسب. ومنهم، وفرت الصين إمدادات طبية أو أرسلت مجموعات من الخبراء إلى إيران والمملكة العربية السعودية ومصر ولبنان وسوريا والكويت والجزائر والسودان وفلسطين وإلخ من البلدان العربية في الشرق الأوسط.
وأصدرت جامعة بكين "مجموعة المؤلفات المتعلقة بمكافحة فيروس كورونا الجديد (باللغة العربية)" يوم 6 مايو الماضي، للرجوع إليها واستخدامها من قبل الدول العربية، وتهدف إلى نشر التجربة الصينية للوقاية من فيروس كورونا الجديد ومساعدة الدول العربية على مكافحة هذا المرض.
-- من أجل تحسين معيشة الشعب: تخفيف حدة الفقر
أشار عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، المفوض العام للعلاقات العربية وجمهورية الصين الشعبية إلى أن "محاربة الصين للفقر بشراسة والارتقاء بالشعب الصيني، هي الاستثمار الأكبر بالنسبة له من أجل التقدم والتطور الصيني الهائل والذي يشهد له العالم بأسره".
ومن جانبه، رأي الأمين العام للحزب الشيوعي المصري صلاح عدلي أن الحزب الشيوعي الصيني وضع خططا طموحة للقضاء على الفقر، وتحويل الصين إلى دولة متقدمة في كل مناحى الحياة، وتملك جيشا واقتصادا قويا.
واعتبر أن "الصين، بقيادة الحزب الشيوعي، حققت معجزة في ملف القضاء على الفقر، حيث لم تستطع دولة في العالم القضاء على الفقر مثل الصين، التي وضعت خططا طموحة لاسيما في آخر عشر سنوات للقضاء على الفقر".
وأضاف أنه "خلال عام 2020 لن يكون في الصين مواطن تحت خط الفقر، وهذا إنجاز عظيم، حيث تم انتشال 800 مليون صيني من تحت خط الفقر، والأمر لا يقتصر على ذلك فقط بل أن الحزب الشيوعي يضع الخطط حتى لا يعود المواطنون لمرحلة الفقر مرة أخرى".
وأكد عدلي أنه "لولا قيادة الحزب الشيوعي، ما استطاعت الصين تحقيق هذه الأهداف، فالحزب يرفع شعار خدمة الشعب الصيني وتحقيق حلم الأمة الصينية، ما أدى إلى التفاف الشعب حوله والإيمان بأهدافه".
وقد ذكر الإعلان المشترك، الذي تم أصدره خلال الاجتماع الاستثنائي لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية يوم 22 من شهر يونيو الجاري، أن تخفيف حدة الفقر مهمة مشتركة للبشرية وتحديا عالميا رئيسيا يواجه العالم اليوم. وإن الأحزاب السياسية في الدول العربية تثمن إنجازات الحزب الشيوعي الصيني في قيادة الشعب الصيني للتخفيف من حدة الفقر، وتؤمن إيمانا راسخا بأن الصين ستحقق الهدف الطموح المتمثل في النصر في المعركة ضد الفقر وبناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في جميع النواحي. وترى أن نجاح الصين في انتشال أكثر من 800 مليون شخص من الفقر يعد مساهمة مهمة في تنمية المجتمع البشري. وتقول إن تجربة الصين في الحد من الفقر قدمت دروسا مفيدة للبلدان النامية.
وأضاف الإعلان أن الحزب الشيوعي الصيني على استعداد لتعزيز تبادل الخبرات مع الأحزاب السياسية في البلدان العربية في مجال مكافحة الفقر، وتعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في مجال مكافحة الفقر بما يعود بالفائدة على الصين والدول العربية.
-- من أجل مستقبل الشعب: بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ومبادرة "الحزام والطريق"
وخلال مكافحة فيروس كورونا الجديد، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ البلدان إلى تبادل بيانات البحث والعمل المشترك على وضع إستراتيجيات استجابة للمساهمة في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. وقال إن أمن الصحة العامة يمثل تحديا مشتركا تواجهه البشرية، مشيرا إلى أنه يتعين على جميع البلدان التكاتف في التعامل معه.
وأشاد رائد فهمي بمفهوم بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، قائلا إنه يقوم "على أساس المصالح المشتركة النابعة من التحديات التي تواجه المصير المشترك للبشرية، كصيانة السلم العالمي والحفاظ على البيئة ومواجهة الأخطار المختلفة التي تتعرض لها البشرية، ومكافحة جائحة كورونا الجديد يقدم مثالا على ذلك".
وفيما يتعلق بمبادرة "الحزام والطريق"، قال فهمي "تأتي مبادرة الحزام والطريق والدعم المتعدد الأشكال الذي قدمته الصين للعديد من دول العالم لمكافحة فيروس كورونا الجديد تجسيدا آخرا للمبادئ التي تحكم سياسة الصين الخارجية والتي تضمن المصالح والمنافع المتبادلة للدول والاحترام الصارم للسيادة الوطنية، ولذلك تتسع دائرة الدول الراغبة في تطوير علاقاتها الثنائية مع الصين.
كما شدد صلاح عدلي على أن مساعي الحزب لم تتوقف فقط عند تنمية الصين، بل وضع خطط رائعة لتنمية العالم، من خلال مبادرة "الحزام والطريق".
ومنذ أن أطلقت الصين مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013، وقعت حتى سبتمبر الماضي 126 دولة و29 منظمة دولية اتفاقيات تعاون مع الصين حول البناء المشترك للحزام والطريق. وعُقدت دورتان من منتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي بنجاح في بكين.
وحتى العام الماضي وقعت الصين وثائق تعاون بشأن "الحزام والطريق" مع 17 دولة عربية، وارتقت بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية والشراكة الإستراتيجية الشاملة مع 12 دولة عربية حتى الآن، ما ساهم في تعزيز التعاون العملي والتبادل الإنساني والثقافي وتوفير قوة دافعة لعملية الإصلاح والتنمية لكل منها.
وفي الوقت الذي تدخل فيه الاشتراكية ذات الخصائص الصينية عصرا جديدا، تمر الدول العربية بمرحلة حاسمة من التحول الذاتي، حيث تربط الرغبة في التنمية بين حلم النهضة لدى الجانبين بشكل وثيق. فقد انطلق عمل مشترك لتحقيق المواءمة بين الإستراتيجيات التنموية للدول العربية لتتوافق مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، مثل "إستراتيجية التنمية المستدامة" المصرية، و"رؤية السعودية 2030"، وإنشاء "مدينة الحرير" بالكويت، و"رؤية الأردن 2025" وغيرها. وهكذا يحظى الالتحام الإستراتيجي للتعاون العربي-الصيني بإمكانيات هائلة. فالتنمية هي مفتاح حل جميع المشكلات وهي الطريق الأساسي المشترك بين الصين والدول العربية وحتى العالم لتحقيق مستقبل مزدهر.
غير أن الوضع تفاقم بسبب الجائحة وما نتج عنها من ضغوط اقتصادية وصعوبات مالية شديدة وتذبذبات كبيرة في أسعار الطاقة. وباعتبار الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن تعاونها الكامل مع المنطقة العربية لن يساعد فقط على تحويل المخاطر إلى فرص للاستمرار في تعزيز الإصلاحات الاقتصادية ورفع مستوى الصناعة في بلدانها، وإنما سيساعد أيضا على خروج الاقتصاد العالمي من محنته والانتقال نحو الانتعاش.