أساس وطني للعمل المشترك "رغم الخلافات الداخلية"

تحليل توافق فتح وحماس بمواجهة مخطط الضم الإسرائيلي يعزز الموقف الفلسطيني

شكل إعلان حركتا التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) على تفاهمات للعمل المشترك في مواجهة مخطط الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية تعزيزا هاما للموقف الفلسطيني بحسب مراقبين.

في الوقت نفسه يجمع المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء "شينخو"، على الحاجة الفلسطينية الماسة لترجمة التفاهمات المعلن عنها إلى خطوات عملية تقود إلى إنهاء فعلي للانقسام الداخلي المستمر منذ عام 2007 وشكل عامل ضعف شديد للموقف الفلسطيني.

وعقد مسئولان بارزان في حركتي فتح وحماس أمس (الخميس) مؤتمرا صحفيا مشتركا لتأكيد وحدة الموقف بين الحركتين في مواجهة مخطط الضم الإسرائيلي والعمل على إسقاطه.

وانعقد المؤتمر بمشاركة أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب في رام الله مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري عبر الإنترنت من بيروت وتخلله لهجة تصالحية بين الطرفين.

وقال الرجوب إن تفاهمات تم التوصل إليها بين قيادتي فتح وحماس للعمل على تطوير كل الآليات التي من شأنها توحيد الموقف الفلسطيني وتعزيزه في مواجهة مخطط الضم الإسرائيلي.

فيما أكد العاروري أن الحركتين لا تختلفان في مواجهة إسرائيل والتصدي لمخططاتها، داعيا إلى "تجميد الخلافات الداخلية وعدم التوقف عندها لمصلحة اتفاق استراتيجي وجوهري في التناقض الوجودي مع الاحتلال".

ويعتبر المحلل السياسي من غزة عدنان أبو عامر أن ما جرى إعلانه من فتح وحماس "خطوة هامة على طريق إنهاء الجمود الكبير الذي أصاب ملف المصالحة بينهما وتحمل تطورا على صعيد الصراع" مع إسرائيل.

ويقول أبو عامر "صحيح أن ما حصل بين فتح وحماس هو خطوة رمزية، لكن يؤمل فلسطينيا البناء عليها، رغم ما بين الحركتين من عوائق وكوابح عديدة".

ويضيف أن موقف الشارع الفلسطيني يضغط على قيادتي فتح وحماس لإنهاء خلافاتهما ويعتبر أن اتفاقهما الجديد طالما أنه عقد تحت راية مواجهة خطط إسرائيل فهو "بداية موفقة".

ويعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي مستمر منذ 13 عاما على إثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.

وتوصلت الحركتان لعدة اتفاقات للمصالحة لم يجر تنفيذها، أخرها في أكتوبر 2017 برعاية مصرية تتضمن موافقة حماس على نقل السلطات في قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية.

وبموجب الاتفاق المذكور سلمت حماس في الأول من نوفمبر 2017 السلطة الفلسطينية معابر قطاع غزة، وكان مقررا أن تتسلم السلطة في الأسبوع الأول من ديسمبر إدارة القطاع بشكل كامل.

غير أن الاتفاق تعثر لاحقا وسط خلافات شديدة بين الحركتين بشأن إدارة مسؤولية الأمن ومصير الموظفين الذين عينتهم حماس بعد سيطرتها على القطاع.

وتفجرت الخلافات بين فتح وحماس في مارس 2018 بعد أن نجا رئيس الوزراء الفلسطيني السابق رامي الحمد الله من انفجار تزامن مع دخول قافلة مركبات إلى قطاع غزة، واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس حماس بالمسؤولية عن الحادثة.

وفي أبريل 2019 أعلن الرئيس عباس تكليف عضو اللجنة المركزية لفتح محمد اشتية بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة من دون التشاور مع حماس.

ورغم التجربة المريرة في الفشل المتكرر لتفاهمات المصالحة، رحبت فصائل وأوساط سياسية بتوحد الموقف السياسي لفتح وحماس وسط دعوات لمزيد من الخطوات لمواجهة مخاطر "تصفية" القضية الفلسطينية.

ويقول مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات من رام الله هاني المصري إن المؤتمر الصحفي المشترك لفتح وحماس أظهر وجود "أساس وطني كبير للعمل المشترك" رغم الخلافات الداخلية.

ويشدد المصري على أن الحاجة إلى خطوات عملية لإنهاء الانقسام الداخلي وضرورة مساهمة الكل الفلسطيني بإنجاح المحاولة "التي أخذت نهجا مختلفا عبر تجسيد وحدة ميدانية كخطوة أولى نحو الوحدة".

لكنه يحذر من أن يكون التقارب الداخلي بين فتح وحماس مجرد خطوة تكتيكية للضغط على إسرائيل "ما يؤكد مجددا الحاجة إلى مغادرة استراتيجية ردود الأفعال وتعزيز موقف فلسطيني موحد".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن مرارا عزمه فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها منطقة الأغوار وحدد الأول من الشهر الجاري موعد للبدء في ذلك.

وأعلن ديوان نتنياهو أول أمس (الأربعاء) أنه يواصل مداولاته مع المسؤولين الأمريكيين حول مخطط الضم وأن المحادثات حول الملف ستستمر في الأيام المقبلة بحسب ما نشرت الإذاعة الإسرائيلية العامة.

واعترض الفلسطينيون بشدة على مخطط الضم وكذلك المجتمع الدولي والأمم المتحدة باعتباره انتهاك للقانون الدولي وتقويض لرؤية حل الدولتين لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الممتد منذ عدة عقود.

ويؤكد المحلل السياسي من غزة طلال عوكل أن مخطط الضم يشكل بوابة مهمة لإنهاء الانقسام الفلسطيني في ظل خطورته الهائلة على ضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة إسرائيل.

ويقول عوكل "نظريا وعمليا يتفق كل الفلسطينيين على رفض (خطة السلام الأمريكية) صفقة القرن، بكل فصولها التي تم تنفيذها والتي تنتظر بما في ذلك مخطط الضم، لكن هذا الاتفاق العام ينطوي على ثغرة كبيرة في ظل استمرار الانقسام".

ويضيف أن أخطر ما يهدد قدرة الموقف الفلسطيني على مواجهة خطط إسرائيل ومن خلفها الإدارة الأمريكية الحالية يتعلق بغياب استراتيجية وطنية موحدة، وبرنامج نضالي موحد، وعدم وجود آليات تحرك متفق عليها.

ويتفق المحلل السياسي من رام الله عاطف أبو سيف بأن الانقسام الفلسطيني الداخلي يواصل إضعاف الجبهة الداخلية الفلسطينية أمام كل التحديات، ويهدد بآثار أكبر في مواجهة مخطط الضم الإسرائيلي.

ويشير أبو سيف إلى "الحالة الوطنية الفلسطينية المنقسمة بدورها لن تقود فقط إلى جهود منقسمة (بشأن المواجهة مع إسرائيل) بل إلى نتائج منقسمة أيضاً، وربما لا تفيد إلا في تعزيز النتائج المرجوة من الاحتلال".

ويعتبر أن أكثر ما تسبب به الانقسام الفلسطيني الداخلي من ضرر للموقف الفلسطيني تمثل في فقدان الروح نحو الكفاح المشترك من أجل الهدف العام واستدراك كل ذلك أصبح مطلبا لا بديل عنه.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - غزة - (شينخوا)