- فتح وهبه
لنكن واقعيين اليوم بعيداً عن المزايدات والشعارات والخطابات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي لم تعد صالحة للاستهلاك اليوم في ظل الظروف الكارثية التي نعيشها حالياً والتي هي من تداعيات الإنقسام الفلسطيني ومن جراء إنعدام الإستراتيجية والرؤية الوطنية لدى السلطة الفلسطينية ومن جراء أيضاً التفرد بالقرار وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة الوطنية حيث أصبح حق العودة من سابع المستحيلات في وقتنا الحاضر .
اليوم اللاجئون الفلسطينيون مستبعدين من أي تسوية ولا مرجعية حقيقية لهم ولا يوجد من يبالي بهم إن عاشوا أو ماتوا ، وهم وحدهم يدفعون ثمن نكبتهم بينما المسؤولين الفلسطينيون يجوبون الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوبهاً ويعيشون في القصور والشقق والمنازل الفخمة وأرصدتهم بملايين الدولارات والغالبية منهم يحملون جنسيات أوروبية وغيرها من الجنسيات ، بينما غالبية أبناء شعبنا الفلسطيني غير قادرين تأمين قوت عيشهم اليومي وتأمين الحليب والفوطات والبسمة لاطفالهم وغير قادرين شراء الدواء ودفع فاتورة الاستشفاء والكهرباء وغير قادرين أيضاً على إدخال أولادهم المدارس لتكملة دراستهم والتخرج بل أكثر من ذلك لقد فقدوا الشعور بالراحة وبالأمان والثقة بالنفس وبات عندهم إحباط كبير ويأس بسبب أوضاعهم المعيشية والإنسانية والإجتماعية الصعبة وعدم إيجاد حل عادل لقضيتهم على مدار 73عام من نكبتهم.
لقد شاهد اللاجئون الفلسطينيون كيف أدارت وكالة الاونروا ظهرها لهم ولم تتحمل أدنى المسؤولية تجاههم في ظل تداعيات جائحة كورونا وفي ظل الأزمة الاقتصادية والمالية اللبنانية التي إنعكست بشكل سلبي ومباشر عليهم وهذا كان بمثابة إمتحان لوكالة الاونروا ولقد سقطت به .
اليوم اللاجئون الفلسطينيون باتوا قلقين كثيراً على حياتهم ومستقبلهم بعدما ادركوا أن وكالة الاونروا و المرجعية الفلسطينية غير قادرتان على إخراجهم من عنق الزجاجة وبات الحل الوحيد للاجئين الفلسطينيين في لبنان لكي يخرجوا من مأساتهم ومعاناتهم وينجون بحياتهم من شبح الجوع الذي بات يلاحقهم ويطرق أبوابهم هو الهجرة إلى اوروبا أو إلى أي بلد أجنبي يؤمن لهم التعليم والإستشفاء المجاني ويؤمن لهم العيش الكريم ويحفظ لهم كرامتهم حتى لا يبقى اللاجئ الفلسطيني مذلولاً ويعيش على المساعدات ويركض وراء رغيف الخبز ويعيش على هامش الحياة بلا ظهر وبلا سند وحتى يعيش " كم يوم حلو " مما تبقى من عمره ولا يموت على أبواب المستشفيات .
إن الأطفال حين يكبرون سوف يلقون باللوم على آبائهم ويحملونهم كامل المسؤولية لأنهم لم يهاجروا أو يطالبوا بالهجرة لتغيير واقعهم الأليم وكما أن الأطفال أيضاً عندما يكبرون سوف تكبر معاهم مأساتهم ومعاناتهم ويكون مصيرهم الجهل والتخلف والضياع وقد لا تكون الظروف مُهيئة لهم للهجرة كما هي الآن ، لذلك هم مطالبين اليوم بأن يخرجوا ويرفعوا صوتهم عالياً طلباً للهجرة إن كانت حياة وكرامة أولادهم تهمهم ، بعد أن اغلقت في وجههم كافة الأبواب
وأخيراً أقول: بأن الهجرة بيئة جيدة للاجئ الفلسطيني لكي يعزز إنتمائه لقضيته وينقلها إلى الاوروبيين كما أريد أن أضيف أيضاً بأن الكثيرين مما سنحت لهم الفرصة سابقاً للهجرة ولم يهاجروا ، نادمين اليوم ويعضون أصابعهم ندماً ، بعد أن شاهدوا أصدقائهم وغيرهم من أبناء مخيمهم الذين هاجروا في الماضي كيف تبدلت حياتهم نحو الافضل وأمنوا مستقبل أبنائهم لأن لقمة العيش هناك مؤمنة وبكرامة ، وهم يقولون اليوم يا ريت لكن ياريت عمرها ما كانت تعمر بيت .
اللاجئين الفلسطينيين في لبنان اليوم برأي الكثيرين ، إن لم يسارعوا ويطالبوا بالهجرة سيأتي عليهم يوماً ويقولون فيه ياريت ، لكن عندها لن يعود ينفع الندم لأن الظروف لن تكون سانحة ومهيئة لهم كما هي اليوم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت