من إضاءة ثلاثة من أشهر المعالم الأثرية في مصر بألوان علم الصين، تضامنا مع الأخيرة في مواجهة جائحة كوفيد-19، إلى وصول دفعة ثالثة من الإمدادات الطبية المقدمة من الحكومة الصينية تزن أكثر من 35 طنا إلى مطار القاهرة الدولي؛ ومن إقلاع طائرة جزائرية باتجاه الصين حاملة مواد طبية للمساعدة في مواجهة انتشار الوباء في مقاطعة هوبي الصينية، إلى توجه فريق طبي صيني قوامه 20 عضوا إلى الجزائر لتبادل خبراتهم مع نظرائهم الجزائريين في الوقاية من الوباء والسيطرة عليه...
تبادلت الصين والدول العربية الدعم الصادق والثابت في مكافحة جائحة كوفيد-19، وبذل الجانبان جهودا مشتركة لبناء "سور الصحة العظيم" لحماية أرواح شعوب الجانبين، ما يمثل ممارسة عملية لرؤية مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
وقال عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي إن التعاون والتضامن بين الصين والدول العربية في مواجهة أزمة جائحة كوفيد-19 تجسيد حي لرؤية مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية، مضيفا "أن صمودنا أمام محنة الجائحة سوف يتسنى ارتقاء مستوى الصداقة التقليدية والتعاون الاستراتيجي بين الجانبين".
أدلى وانغ بهذه التصريحات خلال الاجتماع التاسع لمنتدى التعاون الصيني- العربي الذي عقد يوم الاثنين عبر دائرة الفيديو برئاسة مشتركة منه ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، مع مشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وأمينها العام أحمد أبو الغيط.
-- الأفعال أبلغ من الأقوال
استعرض وانغ "عندما مرت الصين بأوقات عصيبة خلال محاربة كوفيد-19، قدمت الدول العربية دعما ثمينا لن ننساه أبدا".
وكان قادة الدول العربية أعربوا عن تضامنهم وتعاطفهم من خلال بعث الرسائل والبرقيات والمكالمات الهاتفية، تعبيرا عن الدعم السياسي القوي للجهود الصينية في مكافحة الجائحة. وأصدرت الدورة الـ53 لاجتماع مجلس وزراء الصحة للدول العربية بيانا يدعم جهود الصين أيضا. وتبرعت الدول العربية للصين بأكثر من 10 ملايين كمامة وغيرها من المواد الطبية التي كانت الصين تحتاج إليها بشدة، حسبما ذكرت مقالة موقعة بقلم وانغ نُشرت قبل انعقاد الاجتماع.
على سبيل المثال لا الحصر، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود توجيها ملكيا بتقديم مساعدات عاجلة للصين، بما يسهم في تجاوز أزمة فيروس كورونا الجديد.
وتوجهت وزيرة الصحة والسكان المصرية هالة زايد إلى الصين حاملة مستلزمات طبية و"رسالة تضامن" مع الشعب الصيني في مواجهة الوباء.
واستخدمت شركة الخطوط الجوية القطرية شبكتها حول العالم لتقديم مساعدات عاجلة إلى الصين، وفتحت قنوات خضراء لنقل المواد اللازمة لمكافحة الفيروس لتصل في أسرع وقت ممكن إلى المناطق الصينية المتضررة من الوباء.
وتم إضاءة برج خليفة الإماراتي، أعلى مبنى في العالم بكلمات مشجعة مثل "شد حيلك يا ووهان".
وكان عدد كبير من الأصدقاء العرب يبادرون إلى تشجيع الصين بتصوير مقاطع الفيديو، إلخ...
وتركت جميع النوايا والأعمال الحسنة بصمات واضحة في قلوب أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.
-- رد الجميل
وعلى الرغم من أن جهود الصين لاحتواء الوباء داخل البلاد مازالت قائمة، إلا أنها لم تتوان عن مد يد العون للدول العربية من خلال توفير كميات كبيرة من المستلزمات الطبية التي تشمل أكثر من مليون قطعة من مجموعات الاختبار للكشف عن فيروس كورونا الجديد وما تجاوز 13 مليونا من الكمامات؛ وتقاسم خبرات الوقاية من الوباء والسيطرة عليه بدون أي تحفظ عبر اجتماعات افتراضية بين الخبراء الطبيين الصينيين ونظرائهم في 21 دولة عربية؛ فضلا عن إرسال فرق طبية إلى 8 دول عربية لتقديم دعم في مواجهة الجائحة.
ومن الأمثلة على ذلك، في العراق، وقف فريق خبراء صينيين في الخطوط الأمامية لمدة 50 يوما لمساعدة البلد العربي على محاربة كوفيد-19 والحد من انتشاره من خلال تعزيز قدراته التشخيصية وغيرها، ليحظى بتقدير وإشادة عاليين من قبل السلطات والشعب العراقي.
والجدير بالذكر، فأنه خلال سبعة أيام، أنشأ فريق الخبراء مختبرا لفحص "بي سي آر" (P C R) يمكنه إجراء أكثر من ألف فحص يوميا للكشف عن الإصابات بكوفيد-19 في مدينة الطب وسط بغداد.
-- محنة إلى منحة
وأكد الجانبان الصيني-العربي مجددا خلال الاجتماع على أهمية التضامن والتكاتف من أجل هزيمة الجائحة والحد من تداعياتها السلبية والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد أعلى.
وأعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة تهنئة بعث بها إلى الاجتماع الوزاري عن أمله في أن يستغل الجانبان الصيني-العربي الاجتماع كفرصة لدفع التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك مواجهة جائحة كوفيد-19.
وقال شي إنه في ظل الظروف الراهنة، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن يكثف الجانبان التعاون وأن يتكاتفا في التغلب على الصعوبات.
وتابع بالقول "آمل أن تستغل الصين والدول العربية الاجتماع كفرصة لتعزيز التواصل والتنسيق الاستراتيجيين، ودفع التعاون بشكل مطرد في مختلف المجالات بما في ذلك مكافحة الجائحة، والمضي قدما ببناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية بشكل أعمق وأكثر عملية، لتحقيق منفعة أفضل لشعوب الجانبين".
وحث الوزير وانغ يي خلال الاجتماع الجانبين على تعزيز الوحدة والتنسيق في مكافحة الجائحة، مؤكدا استعداد الصين لمواصلة توفير الإمدادات الطبية وتقاسم الخبرات وإرسال الفرق الطبية وعقد اجتماع منتدى تعاون صحي صيني-عربي في أقرب وقت ممكن والتعاون بشأن البحث والتطوير الخاص باللقاحات والاشتراك في دعم الدور الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية، إلى جانب معارضة تسييس الجائحة والصاق المسميات لها.
ومن جهته، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الاجتماع أن "تجربة الصين في مجال التنمية الشاملة مثال يحتذى به"، ودعا إلى تكثيف التعاون بين الدول العربية والصين في شتى مجالات التنمية.
وأكد الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان يوسف بن علوي أن بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية "سيكون له الأثر الطيب والمعزز للعلاقات المشتركة بينهما".
وقال وو سي كه، المبعوث الصيني الخاص الأسبق إلى الشرق الأوسط خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء شينخوا مؤخرا، إن تجارب التعاون الصيني-العربي في مكافحة الجائحة ألهمت التعاون المستقبلي بين الجانبين، مشيرا إلى أن هناك إمكانات كبيرة في التعاون الثنائي في مجالات جديدة، بما فيها الصحة العامة والطب والابتكار العلمي والتكنولوجي والاقتصاد الرقمي للتجارة الإلكترونية، ما يدعم خدمة المصالح المشتركة لكلا الطرفين.