أكد مسئولان فلسطينيان، يوم السبت، أن فلسطين تشكل نموذجا في مكافحة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) رغم الإمكانيات المحدودة لاسيما ما يتعلق باعتماد الجهد الجماعي والتدابير الاحترازية.
وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، في مقابلة مع وكالة أنباء "شينخوا"، إن الوزارة تعمل بجهد جماعي وشراكة مع القطاع الخاص وجهات الاختصاص والقوى التنظيمية والمحافظين.
وأشارت الكيلة إلى تشكيل الحكومة الفلسطينية مجموعة من اللجان المختصة لمكافحة مرض فيروس كورونا أهمها اللجنة الوبائية التي تقوم على إشراك كافة القطاعات الصحية والأكاديمية والخبراء والمؤسسات الطبية من أجل تحمل مسئولية مشتركة.
ونبهت إلى أن اللجنة الوبائية تضم ثلاث جامعات محلية لديها تخصص علم الوبائيات وتم إشراك قسم الطب الوقائي في الوزارة واتحاد المستشفيات الخاصة إضافة إلى خبراء مختصين بعلم الوبائيات فيما يتم عقد اجتماعات مشتركة بشكل أسبوعي.
وأوضحت أن ذلك أتاح وضع استراتيجيات بجهد جماعي بناء على الوضع الوبائي في الأراضي الفلسطينية لرفع التوصيات اللازمة للجهات العليا متمثلة بلجنة الطوارئ العليا.
وحول الوضع الحالي لتفشي مرض فيروس كورونا الجديد، قالت الكيلة إن فلسطين تواجه منذ منتصف يونيو الماضي موجة ثانية من تفشي المرض تضمنت تسجيل عدد كبير من الإصابات بصورة متزايدة.
وذكرت أن الموجة الثانية لمرض كورونا في فلسطين تعد أخطر من الموجة الأولى بسبب اكتشاف العديد من البؤر المرضية غير معروفة المصدر، إضافة إلى إصابة كوادر طبية وصحية بالمرض داخل المستشفيات.
ومع ذلك شددت الكيلة على أن الطواقم الطبية وبعد حوالي أكثر من 4 أشهر من بدء انتشار مرض فيروس كورونا في فلسطين ما تزال تسيطر على الوضع، كما أنها اكتسبت خبرة كبيرة من خلال عملها الميداني في ظل المرض، إضافة إلى تبادلها للخبرات مع مختلف دول العالم وفي مقدمتها الصين.
وقالت إنه على الرغم من الارتفاع الكبير للإصابات بمرض فيروس كورونا الجديد بحيث تجاوز 6 آلاف إصابة بينهم 32 حالة وفاة، فإن الوضع الصحي في الضفة الغربية ما زال مسيطراً عليه.
وأضافت "نحن نكثف الجهود في محاصرة تفشي مرض فيروس كورونا وسد أي فجوة تحدث داخل المستشفيات مع تكثيف حملات التوعية والتدابير الاحترازية".
وأكدت أن الحكومة تعتمد بإجراءاتها على تقييم يومي لتفشي مرض فيروس كورونا وكل ما تم اتخاذه من تسهيلات وخطوات للانفتاح الاقتصادي تم اعتمادها بناء على مستوى الإصابات في كل محافظة.
وحذرت الكيلة من خروج الأوضاع عن نطاق السيطرة في محافظة الخليل التي شهدت تسجيل أكثر من 4 ألاف إصابة بالمرض وهي المحافظة الفلسطينية الأكبر على هذا الصعيد.
وذكرت أن الخليل أصبحت مركزا لتفشي المرض في الأسابيع الأخيرة، نتيجة لعدم التزام المواطنين بتعليمات الاحترازية، خاصة التجمعات والاختلاط الواسع وعدم الالتزام بإتباع طرق الوقاية.
وأفادت الكيلة بأن وزارة الصحة تعمل على إجراء فحوصات ما بين 4 إلى 6 ألاف فحص يوميا، مؤكدة على ضرورة الالتزام بالتدابير الصحية لمنع سيناريوهات أسوأ من تفشي المرض.
واشتكت الكيلة من مصاعب هائلة تواجه الحكومة الفلسطينية في مكافحة مرض فيروس كورونا بفعل محدودية الموارد المالية وواقع الاحتلال الإسرائيلي "الذي يظل العائق الرئيسي والتحدي الأكبر أمامنا، في ظل الإغلاقات والحصار والحواجز العسكرية".
وأشادت الكيلة بالدعم "الكبير" الذي قدمته الصين إلى فلسطين لمساعدتها على مواجهة كورونا بما في ذلك إرسال مساعدات طبية وإيفاد وفد من الخبراء الطبيين وهو ما انعكس إيجابا على قدرات وزارة الصحة.
من جهته، قال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم إن الجهات الحكومية اضطرت أخيرا إلى فرض مزيدا من القيود المشددة على المناطق التي سجلت إصابات بمرض كورونا ضمن الموجة الثانية للمرض.
وأشار ملحم في مقابلة مع "شينخوا"، إلى أن فلسطين كما باقي دول العالم خففت من إجراءاتها المشددة لمنع تفشي مرض كورونا، وسمحت ببعض التسهيلات للسكان من أجل استعادة حياتهم الطبيعية، لكنها تواجه حاليا موجة ثانية من المرض.
وأضاف "لكننا لم نفقد السيطرة على الوضع الصحي في الأراضي الفلسطينية من خلال اتباع خطة استراتيجية من عدة مراحل تهدف إلى محاصرة المرض بشكل أسرع".
وأكد ملحم أن تفشي مرض كورونا يعود لثغرات لا تسيطر عليها السلطة الفلسطينية من بينها المعابر (الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية) والتي يتنقل من خلالها العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل المدن الإسرائيلية.
وشدد على أنه يمكن في فلسطين تجنب المزيد من الإصابات بمرض كورونا وتقليل الخسائر البشرية والمادية من خلال الاجراءات الوقائية والاحترازية "التي استلهمناها من التجربة الصينية، في مقدمتها عزل المناطق المصابة بالمرض".
وقال بهذا الصدد "صحيح أن الامكانيات شحيحة في فلسطين وكذلك المستلزمات الطبية اللازمة، إلا أن النظام الصحي لم يستنفد كل قوته، حتى في ظل ازدياد أعداد المصابين المهول حاليا، كما أن الحالات التي هي بحاجة إلى رعاية مركزة لم تتعد العشرات وهذا يقلل من احتمالية انهيار القطاع الصحي".
وشدد على أن مواجهة مرض فيروس كورونا لا يمكن أن تتم إلا من خلال العزل وفرض الإغلاق في المحافظات في ظل محدودية الامكانيات لدى وزارة الصحة، بالإضافة إلى فرض ارتداء الكمامات ومنع التجمعات العامة.
وأشار إلى أنه يتم اليوم تكرار تجربة فرض المزيد من القيود المشددة على الحركة والتجمعات والإغلاق الشامل على المدن التي يتم تسجيل إصابات فيها، بالإضافة إلى الغرامات المالية والعقوبات على المخالفين.
في سياق أخر، أكد ملحم أن مساعدات الصين لفلسطين هي موضع تقدير كبير، خاصة تقديمها للمعونات الطبية والأدوية وعقد المؤتمرات ما بين الخبراء الصينيين والأطباء الفلسطينيين من أجل اطلاعهم على خبراتهم الميدانية لمحاربة المرض.
وقال إن "الشعب الفلسطيني وقيادته يقدمون جزيل الشكر إلى الصين العظيمة قيادة وحكومة وشعبا على ما تقدمه من مساعدات سواء كان على المستوى الصحي أو السياسي أو الاقتصادي، ونحن نتطلع إلى مزيد من التعاون في المستقبل".
وأضاف أن "الصين لم تقدم المساعدة للفلسطينيين فقط، ولكن أيضا للدول العربية لذلك نلاحظ انخفاض اعداد الإصابات بالمرض في الدول العربية مقارنة بالدول الأوروبية، ولا شك أن الصين ستبقى دوما الدرع الحامي للبشرية على مدار السنوات المقبلة".