53 عاماً على انطلاقة المارد الجبهاوي :"جبهة النضال الشعبي الفلسطيني" رافد أساسي للوطنية الفلسطينية

بقلم: حكم طالب

حكم طالب
  • بقلم : حكم طالب *

 

نعيش هذه الأيام أجواء ومناخات ذكرى انطلاقة المارد الجبهوي "جبهة النضال الشعبي الفلسطيني" كرافد أساسي ومفصلي من روافد العمل النضالي والوطني والذي شكل محل افتخار واعتزاز الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وكأحد الفصائل الأساسية التي يشار لها بالبنان في اطار منظمة التحرير الفلسطينية والتي أسهمت في بنائها وتطويرها وتثويرها واخراجها من دائرة التأثير والوصاية العربية وتعزيزاً لمبدأ القرار الوطني المستقل ورفض كل أشكال التدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي ، جاء قرار تشكيل وانطلاقة  جبهة النضال في اطار الرد على ما آلت إليه الأوضاع العربية من تردي وتشظي وهزائم متتالية لكل برامجها وسياساتها وعدم قدرتها وعجزها عن استرداد الحق الفلسطيني المسلوب.

مسيرة تاريخية ونضالية طويلة ضاربة جذورها في الأعماق لأكثر من نصف قرن من الزمن وعلى مدى ثلاثة وخمسون عاماً من النضال والكفاح من أجل تحقيق أهداف الشعب في الحرية والاستقلال والعودة من خلال الرفاق مناضلي الجبهة على كل المستويات التنظيمية القيادية والوسيطة والقاعدية وعلى مستوى المحليات والخلايا اقتنعوا بفكر ورؤى الجبهة وهويتها الوطنية الديمقراطية والاشتراكية وآمنوا بها وحملوها ودافعوا عنها وقدموا وضحوا من أجلها وجسد هذا الشيء الانتماء الصادق لهذه الجبهة والتي كان لها حضوراوعلى مستوى عالي في كل المحطات وفي كل مجالات العمل السياسية والعسكرية والتنظيمية والنقابية والجماهيرية والإعلامية، وأبدعت في ذلك منذ انطلاقتها من قلب مدينة القدس العاصمة الأبدية لدولة  فلسطين ويسجل للجبهة أنها الفصيل الوحيد الذي انطلق من الداخل الفلسطيني ومن رحم المعاناة الفلسطينية، ومارست خلال مسيرتها النضالية والكفاحية الطويلة  كل أشكال النضال وتعاملت بذلك وبمرونة عالية من خلال تحديدها للشكل النضالي المناسب حسب طبيعة وظروف المرحلة وبما يخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني، من العمل الجماهيري والشعبي ويسجل لها أنها أول من مارسته خلال مسيرتها الى العمل العسكري المنظم وكانت تعمل في خطين متوازيين من خلال العمل على رفع الوعي الوطني العام وفي الإطار الآخر انصبت الجهود في بناء القدرات العسكرية لتشكل الأساس لإستراتيجية عسكرية تخدم الاهداف السياسية التي وضعتها الجبهة .

في إطار نضالها التاريخي حرصت الجبهة على منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والوطن الجامع والمعنوي وحافظت عليها ووقفت في وجه كل من يتآمر عليها أو يلتف حولها أو المساس بدورها بأي شكل من الأشكال من خلال محاولات البعض خلق أطر موازية وبديلة ودائماً تركز في خطابها على ضرورة وأهمية تفعيل وتطوير المنظمة من أجل تعزيز قوة وقدرة تمثيلها ، فللجبهة حضور قوي وفاعل ومؤثر وتمثيل  في كل دوائرها ومؤسساتها والتزمت أشد الالتزام بنظامها الأساسي وبرنامجها وميثاقها الوطني .

حرصت الجبهة في كل المحطات على أهمية الوحدة الوطنية المستندة الى المصالح الوطنية العليا وعلى قاعدة التناقض الرئيسي مع الاحتلال وبما تجسده من وحدة في الموقف والخطاب والهدف والنسيج المجتمعي بكل مكوناته معتبرة الوحدة الطريق الأقصر لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني ، وبادرت الى صياغة العديد من الرؤى والأفكار الوحدوية، وشاركت في كل المشاريع التي تصون وتعزز الوحدة الحقيقية والمسؤولة والقائمة على الشراكة من خلال تعزيز لغة وثقافة الحوار الوطني الهادف والمسؤول والبناء، بالوحدة تتحطم كل المؤامرات التي تستهدف الشعب الفلسطيني وقضيته.

رسمت الجبهة أسطورة ونموذجاً في الحرص على العلاقات بكل مستوياتها وعملت بكل الوسائل على مواصلتها وتطويرها والارتقاء بها فتجسد ذلك مع الفصائل الوطنية من خلال التنسيق والعمل المشترك في كل المحطات وكذلك العلاقة مع حركات التحرر العربية وجميع الاحزاب العاملة في الساحات العربية وكذلك مع الأحزاب على الساحة الدولية من اشتراكية وديمقراطية وتقدمية من خلال الجهد الجبار الذي يبذله الرفيق الامين العام د. أحمد مجدلاني على الصعيد العربي والدولي وصولاً إلى الحصول على العضوية الاستشارية في الاشتراكية الدولية وكذلك العضوية في اطار التحالف التقدمي الدولي لأهمية ذلك في تعزيز دور ومكانة الجبهة على هذا الصعيد .

استنادا لقرار المجلس المركزي الفلسطيني بإنشاء السلطة الوطنية أسهمت الجبهة في بنائها ووضع أسسها وركائزها باعتبارها الخطوة  الأولى والأساس نحو الاستقلال والدولة، ومع إدراك الجبهة وفهمها لطبيعة وظروف المرحلة من حيث التداخل بين المهام الوطنية واستكمال مهام التحرر وبين المهام الاقتصادية والاجتماعية وبناء مؤسسات الدولة والتي أسهمت في بنائها من خلال الرفاق الامناء العامين للجبهة " د. سمير غوشة ، د. أحمد مجدلاني" وتسلمهم للعديد من الملفات الوطنية منها أول وزارة عمل تم بنائها وتشكيل إداراتها وأقسامها ووضع قانون العمل الفلسطيني، وفي ملف آخر تم تأسيس وبناء وزارة الجدار والاستيطان وهيكلتها وكذلك وزارة العمل والتي تحققت انجازات كبيرة والتي تصب في إطار أهمية رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز صمود المواطن انسجاما مع برنامج الجبهة الاقتصادي والاجتماعي، وتجسد ذلك في الحد الأدنى للأجور ولأول مرة في تاريخ السلطة الوطنية الفلسطينية ورئاسة الفريق الوطني للضمان الاجتماعي ووضع الأسس للحوار الاجتماعي في فلسطين وحل العديد من الاشكالات والقضايا التي تهدد الاقتصاد الفلسطيني  وتشكيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتسلم وزارة الزراعة وغيرها الكثير من الانجازات وبالإضافة إلى العديد من الملفات العربية والدولية التي تسلمها د. احمد مجدلاني وأدارها بكل حكمة ونجاح واقتدار وتفوق كما هو الحال اليوم في وزارة التنمية الاجتماعية التي يقف على رأسها، وأود هنا التأكيد على أنه تحققت نجاحات مهمة على صعيد هذه الملفات جميعها، ومما يعنيه أن الجبهة لعبت دورًا مهماً ومميزاً في إطار السلطة وبناء مؤسسات الدولة.

ثلاثة وخمسون عاماً من النضال والكفاح في اطار عمر الجبهة الطويل وهذه التجربة النضالية الغنية في كل المجالات السياسية والعسكرية والجماهيرية والإعلامية ومواقفها السياسية الصريحة والواضحة، ولم تحيد يوما عن المبادئ والقيم التي أرستها هيئات الجبهة ومؤسساتها وتمسكت بالثوابت الوطنية وحافظت عليه وشكلت صمام الأمان لها وباستمرار.

 مسيرة نضالية يعتز بها كل انسان مناضل وطني وغيور وحريص على تحقيق أهداف شعبه في الحرية والاستقلال والعودة.

 

__________________________________

  • عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت