لم يفقد 26 طفلا وطفلة من مبتوري الأطراف في غزة حماسهم ونشاطهم وعادوا للتدريب على كرة القدم مؤخرا بعد توقف لنحو ثلاثة أشهر متتالية بسبب أزمة مرض فيروس كورونا.
وانتظم هؤلاء في تدريبات أسبوعية تشرف عليها "جمعية فلسطين لكرة القدم لذوي البتر" بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر استعدادا لتنظيم دوري "نحن الأبطال".
وتعرب عائشة العبادلة 11 عاما من سكان خانيونس جنوب قطاع غزة، لوكالة أنباء (شينخوا) عن سعادتها الغامرة بالعودة إلى التدريبات الأسبوعية مجددا.
وتقول العبادلة وهي من ذوي بتر الطرف العلوي الأيسر نتيجة تشوه خلقي، إنها كانت تترقب بشوق الأخبار المتعلقة بإمكانية السماح لهم بالعودة إلى التدريبات مرة أخرى.
وتضيف "أثناء فترة الإغلاق بسبب مرض كورونا والبقاء في المنازل لثلاثة شهور، شعرت بالضجر والتعب النفسي لعدم ممارسة رياضتي المفضلة"، منوهة إلى أنها تستعيد روتين حياتها اليومي بكل حيوية.
وتشعر العبادلة بالفخر بنفسها وبفريقها كونهم الفريق الأول من نوعه في قطاع غزة المحاصر، وتأمل أن تصبح مشهورة على مستوى العالم وأن تشارك في دوريات وبطولات عربية وعالمية لترفع بها اسم فلسطين.
وتقول والدة عائشة التي تواظب على حضور كافة التدريبات الأسبوعية، داليا الأسطل لـ (شينخوا) إن "فريق كرة القدم لذوي البتر يغير نظرة المجتمع لذوي الإعاقة خاصة في ظل ارتفاع أعدادهم في قطاع غزة، نتيجة الحروب الإسرائيلية المتتالية.
وتضيف "من المهم أن يشجع الأهالي أطفالهم على الاندماج في المجتمع، وأن يساعدوهم على اكتساب الثقة بأنفسهم وبقدراتهم الصحية والجسمانية وأيضا العقلية"، مشيرة إلى أن "الدعم النفسي هو أساس نجاح هذه الفئة في المجتمع".
وجرى استئناف التدريبات بعد أن خففت السلطات الحكومية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إجراءات الإغلاق ضمن التدابير الاحترازية لمنع تفشي مرض كورونا بين في القطاع الساحلي.
ويتقاذف الفتية الكرة وهم يكافحون للثبات على ساق واحدة نتيجة تعرضهم لعمليات بتر في حوادث مختلفة بعضها برصاص وهجمات جوية للجيش الإسرائيلي.
وكانت السلطات الحكومية في غزة أعلنت حالة الطوارئ في 22 مارس الماضي، بعد اكتشاف أول حالتي إصابة لمسافرين عائدين إلى القطاع من باكستان.
وعقب ذلك، أغلقت السلطات المدارس والجامعات والمساجد وصالات الأفراح والمرافق العامة، ومنعت التجمعات العامة بشكل كامل، لمنع تفشي المرض الجديد.
إلا أنه وفي ظل عدم تفشي المرض بين السكان، أعلنت السلطات في غزة تخفيف التدابير الاحترازية المتخذة من بينها إعادة فتح المساجد وصالات الأفراح بالإضافة إلى بعض الأماكن العامة في أوائل يونيو الماضي بشرط الالتزام بكافة التعليمات الوقائية.
وتعتبر وئام الأسطل (15 عاما) من سكان جنوب القطاع، التي فقدت قدمها اليسرى بسبب قصف إسرائيلي عام 2014، أن التعزيز النفسي الذي تلقته من ذويها عقب الإصابة كان دافعا أساسيا لعدم الاستسلام للاكتئاب.
وتقول الأسطل بينما كانت تركل الكرة بقدمها اليمنى بعيدا عنها لـ (شينخوا)، إنها بعد انضمامها إلى فريق كرة القدم أصبحت أكثر حيوية وإيجابية تجاه الحياة، خاصة أنها اكتسبت العديد من الأصدقاء والصديقات من ذوي الإعاقة.
وتضيف أن "الحياة لن تتوقف عند إعاقتنا، فنحن يمكننا أن نستمر فيها بكل إيجابية، في حال آمنا بقدراتنا واستثمرنا مواهبنا المتعددة كي نصبح أكثر تميزا في مجتمعنا".
وتأمل الأسطل أن تصبح لاعبة كرة مشهورة على المستوى العربي والدولي، إضافة إلى رغبتها أن تصبح طبيبة كي تعالج ذوي الإعاقة في الأطراف العلوية والسفلية.
وإلى جانب فريق الأطفال، تتدرب فئات عمرية أكبر من ذوي البتر في استمرار لحياة كادت تتعثر بفعل عقبة الفقر والحرمان فصارت قصصا تسابق الأحلام بدلا من الاستسلام أمام الواقع الصعب.
وتقول سهير زقوت الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لـ (شينخوا) "إن الفرق تضم حوالي 80 لاعبا من ذوي الإعاقة، من بينهم 26 طفلا وطفلة تعرضوا للبتر سواء كان نتيجة لتشوهات خلقية أو نتيجة إصابتهم في هجمات إسرائيلية".
وتوضح زقوت أن الهدف الأساسي من إنشاء الفرق هو دمج الأطفال من ذوي الإعاقة في المجتمع بشكل كامل، من خلال إعادة "الثقة بأنفسهم" بالدعم النفسي بالإضافة إلى تهيئة الظروف الاجتماعية لهم كي يبرزوا مواهبهم.
وتضيف بينما كانت تراقب التدريبات الجارية على أرض الملعب "هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون في مجتمعنا، ونأمل أن يتم تشكيل فريق رسمي لهم يمثل فلسطين في المباريات الدولية والعربية".
وبحسب إحصائية صادرة عن مؤسسة أهلية فلسطينية تعنى بذوي الإعاقة، فإن هناك 47 ألفا من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيشون في قطاع غزة يمثلون 2.4 في المائة من إجمالي السكان المحليين.