الجنائية الدولية ومنجل المفاوضات

بقلم: عدنان الصباح

عدنان الصباح
  • بقلم عدنان الصباح

خلال 24 ساعة ستقرر الجنائية الدولية بشأن صلاحية النظر في قضايا جرائم الحرب المرفوعة ضد اسرائيل امام الجنائية الدولية والسبب في ذلك ان اسرائيل والولايات المتحدة لم توقعا على قانون الجنائية الدولية ولم تنضما اليه بينما انضمت اليه السلطة الفلسطينية وبالتالي قد تقرر المحكمة عدم صلاحية النظر في القضايا ضد اسرائيل او مسئوليها وقد تقرر العكس اسرائيل اعلنت مسبقا عدم اعترافها بالمحكمة الجنائية الدولية وعدم استعدادها للاعتراف بشرعية قراراتها واشارت الى عدم صلاحية واو ولاية المحكمة للتحقيق في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وان ليس من حقها النظر في الالتماسات المقدمة من السلطة الفلسطينية كونها ليست دولة.
الفارق ان اسرائيل ترفض والسلطة تؤيد ولكن السؤال فيما لو قررت المحكمة الاستمرار بالنظر في القضايا المرفوعة وطالت هذه القرارات قادة فلسطينيين وتحديدا قادة حركة المقاومة الاسلامية حماس وحركة الجهاد الاسلامي وحتى حركة فتح والفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير فماذا سيكون رد السلطة الفلسطينية التي تقدمت بنفسها بطلب التحقيق وهل سترفض تنفيذ القرارات ام انها ستجد نفسها ملزمة بذلك.
كان التقدم بالطلب الفلسطيني غير مدروس ولا يفعل احد في السلطة الفلسطينية والفصائل بموضوع المحكمة غير ضجيج التأييد وانتظار ادانة اسرائيل بل ان احدا من المسئولين الفلسطينيين بكل المستويات لم يشر لا من قريب ولا من بعيد الى ان المحكمة ستحقق بالأمر بنفس المستوى بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال وبوضوح يدور الحديث عن التحقيق حول دور قيادة حركة المقاومة الاسلامية – حماس – بارتكاب جرائم حرب ضد الاسرائيليين.
الكل الفلسطيني يصفق للمحكمة الجنائية الدولية ويدافع عنها بما في ذلك حركتي حماس والجهاد الاسلامي وقد سبق لهما اصدرا بيانات تدافع بشدة عن المحكمة امام العقوبات الجائرة التي فرضت على بعض موظفيها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وقد سبق للناطق بلسان حركة حماس حازم قاسم ان قال“إن فرض الإدارةالأمريكية عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية،تعكس منطق البلطجة الذي يحكم سلوك هذه الإدارة، ومعاداتها لكل القوانين والأعراف الدولية” بينما قال يوسف الحساينة عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي " أن خطوة ترمب بحق محكمة الجنايات الدولية وقُضاتها،يأتي في سياق “الدعم الأمريكي للاحتلال؛ لمواصلةخرق القوانين والتشريعات والمواثيق الدولية،وتوفيرغطاء له لارتكاب المزيد من الجرائم بحق شعبنا الفلسطين يوشعوب المنطقةالعربية والإسلامية” "
- التصريحان نقلا عن موقع الغد - وهذا يعني مسبقا قبول بشرعية المحكمة المذكورة للنظر في اية قضايا تراها مناسبة والتزاما مسبقا بتطبيق قراراتها.
حكومة الاحتلال من جانبها قامت بكل ما يلزم لضمان عدم المساس بقادتها ومسئوليها من قبل المحكمة المذكورة وجيشت الجميع ضدها في حين جلسنا ننتظر قرارات تلك المحكمة دون ان نفعل شيئا سوى التأييد المطلق لهذه المحكمة وقراراتها مع ادراكنا التام انها ستفحص ايضا امكانية ادانة فلسطينيين بجرائم حرب ضد الاسرائيليين وهو امر غير مستبعد فلماذا نقيد انفسنا مسبقا بالأمر من خلال التطبيل والتزمير لشرعية قرارات المحكمة المذكورة مع علمنا بعدم اعتراف اسرائيل به وبقراراتها وولايتها فقد كان الاولى بنا ان نعمل على تزفير كل ما يلزم لإدانة الاحتلال وسلطته وبنفس الدرجة توفير كل ما يلزم للدفاع عن انفسنا ورفض مساواة المقاومة بالاحتلال ولا حتى قبول التحقيق بالتوازي في امر الطرفين على قاعدة المساواة فالكفاح الوطني للتحرير ومقاومة الشعوب امر تجيزه كل القوانين والاعراف الدولية التي تدين الاحتلال شكلا ومضمونا عرفا وقانونا.
ان المطلوب اليوم ليس انشطة ارتجالية كحال المحكمة الدولية وادارة قضايا ضم القدس والمستوطنات والاغوار وغيرها بل فعل مدروس وواضح ومحدد ويملك كل اليات النجاح على الارض وهو لا بد له ان يقوم على قاعدة ان للشعوب الخاضعة للاحتلال والاستعمار بكل اشكاله الحق المطلق بالدفاع عن نفسها والسعي لنيل حريتها بكل السبل المتاحة لها وبالتالي فعلينا ان نغادر حالة التقييد التي نقيد بها انفسنا بالإعلان ليل نهار بان المفاوضات هي الطريق الوحيد للتخلص من الاحتلال في حين ان لا وجود لهذه المفاوضات مما يعني ان الحرية ليست ممكنة اذا كانت اداتها الوحيدة التي نريدها نحن بأنفسنا معطلة كليا.
 ان اقرب تشبيه لحالنا ونحن نكرر تأكيدنا على ان المفاوضات طريقنا الوحيد للتحرير والتخلص من الاحتلال واثاره واقامة دولتنا الوطنية المستقلة على حدود حزيران 1967م بعد ان كاد العالم ينساها دون ان تكون هناك اية مفاوضات على الاطلاق اللهم الا مفاوضات امريكا واسرائيل لنفسيهما حول قضيتنا وارضنا ومفاوضاتنا لأنفسنا حول مدى قدرتهم على تنفيذ ما يهددون به ام لا وحول مودنا اللفظي الذي انتهى بسفارة امريكا بالقدس وصمت مدافعنا, حالنا هذا ينطبق عليه المثل القائل " مقسوم لا تاكل وصحيح لا تقسم وكل لحد الشبع " هذا ان بقي هناك شيء لنأكله ولا زلنا نواصل بلع المناجل منجل الجنائية الدولية بعد منجل المفاوضات ولا احد يدري أي المناجل سيكون آخرها.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت