الآنسة حنفي..!

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح
  • اشرف صالح

بعد الإعلان عن نتائج الثانوية العامة بداية الاسبوع الماضي , تبين أن البنات يتفوقن على الشباب بنسبة ملحوظة بما يخص المعدلات ونسب النجاح , وكالعادة إنهالت منشورات التفاخر بتلك التفوق على مواقع التواصل الإجتماعي من قبل البنات , مستعرضات كم الذكاء الذي  يمتلكنه النساء بشكل عام  مقارنة بذكاء الرجال المحدود والمغلف بالمجتمع الذكوري بحسب ما نشر , ولم يقف الأمر عند التفاخر , حيث طالبت الكثير من النساء بالمساواة بين الرجل والمرأة , وطالبت أيضاً بفتح المجال للمرأة أن تثبت ذاتها في جميع المجالات (...) , وهذا الإفتخار بالطبع حق مشروع لكل صاحب إنجاز سواء كان ذكر أو أنثى , ولكن هذه المناسبة فتحت لنا قضية تعد من القضايا الشائعة والغير مفهومة من الناحية الشرعية , ويجب توضيحها .

المرأة الفلسطينية قدمت للوطن كما قدم الرجل تماماً , وإجتهدت وأثبتت نفسها في جميع المجالات , وأصبحت وزيرة ونائبة برلمان ومحافظة , وقيادية في الأحزاب السياسية , ورشحت نفسها في الإنتخابات الرئاسية , وحتى كربة أسرة فهي تمارس دور وزارة الداخلية , حتى بات الرجال يكنيها بوزارة الداخلية من باب المزاح والذي يعبر عن الواقع تماماً , ومع ذلك فلا زالت المرأة تنادي بالمساواة بينها وبين الرجل , أكل هذا ولا يوجد مساواة ! والسؤوال هنا , لماذا وبعد كل هذه الحقوق الشرعية والغير شرعية والتي تتمتع بها المرأة الفلسطينية بموجب القانون الوضعي , لا زالت المرأة تطالب بالمساواة بينها وبين الرجل؟ الإجابة وببساطة هي لأن المرأة وبشكل عام لا زالت ترى أن كل الحقوق التي تتمتع بها لا ترتقي للمفهوم الحقيقي للمساواة كما أراده الغرب تماماً في تعريفه للمساواة , لأن كلمة مساواة بحد ذاتها جاءت من الغرب , ولا وجود لها في الشريعة الإسلامية , فالشريعة الإسلامية نصت وكفلت حقوق وواجبات للمرأة المسلمة , ووضعت تفاعلات المرأة في المجتمع المسلم في حدود معينة , بحيث لا تخالف الدين والفطرة التي خلقها الله عليها ,  وأيضاً الإسلام كفل حقوق للمرأة الغير مسلمة كونها تعيش تحت راية الإسلام كأهل ذمة ,  فهناك فرق بين الحقوق وبين المساواة , فالغرب يعلم تماماً أن الإسلام كفل حقوق المرأة وحافظ عليها , ولذلك فهو عمل وبجهد مكثف أن يحول كلمة حقوق الى كلمة مساواة كي يخلط بين الأمور , وكي يقضي على مفعول كلمة حقوق أمام قوة كلمة مساواة , بحيث أن تشعر المرأة وخاصة المرأة العربية بأن حقها ضايع أمام قوامة الرجل , وبما أن الشعوب العربية عامة والشعب الفلسطيني خاصة , شعوب غير مثقفة دينياً , فقد نجح الغرب أن يجعل المرأة تتمرد على مرتبة الحقوق والتي كفلها الإسلام , وتطالب بمرتبة المساواة والتي من الممكن أن تكون ضد المرأة , وتصبح النتائج عكسية تماماً .

إذا أرادت المرأة أن تتمسك بكلمة مساواة , فيجب أن تقبل على نفسها أن تكون "الأنسة حنفي" , بمعنى أن تقبل المرأة أن تحل مكان الرجل في كل شيئ , لأن كلمة مساواة بحد ذاتها تعني المساواة بكل شيئ , فمن الممكن أن يستغل الرجل هذه الكلمة ويطلب من زوجته أن تنفق على البيت بدلاً منه , ومن الممكن أن يستغل الأب كلمة مساواة ويطلب من إبنته أن تعمل وتنفق على البيت , وقد لا يوافق الأب على زواج إبنته لأنها تعمل وتنفق عليه وهو جالس في البيت , ومن الممكن أيضاً أن تستغل الدولة كلمة مساواة , وتطلب من المرأة أن تحمل السلاح  وتخدم العلم كما يحدث في الدول الغير مسلمة ,  ومن الممكن أن يستغل المجتمع بأكمله كلمة مساواة كي يخلط الحابل بالنابل , بحيث لا يكون هناك فرق بين الرجل والمرأة , وفي النهاية فالمرأة هي التي ستدفع ثمن هذا الخلل الإجتماعي والديني كونها صاحبة الدعوى للمساواة , وما سيترتب عليها من عبئ إجتماعي مخالف للدين ولفطرة الله في خلقه..

أراد الغرب للمرأة أن تكون "الآنسة حنفي" على قاعدة المساواة , كي يكون الرجل في المقابل "الحجة أم الخير" على قاعدة المساواة أيضاً , وبذلك يكون الغرب نفى حقوق المرأة الشرعية , لأن المساواة تنفي جميع الفروق , ونفي الفروق يعني عدم وجود حقوق شرعية , لأن الحقوق الشرعية قائمة على الفروق أساساً , ولذلك فيجب على المرأة وتحديداً المرأة الفلسطينية , أن تكون أوعى من ذلك , وتفرق بين الحقوق والمساواة , وتعلم جيداً أن المجتمع الفلسطيني  وبحسب القانون والدستور , أعطى المرأة حقوقها كاملة , وبدليل أنها الآن تشغل كل المناصب في الدولة , وبغض النظر عن التجاوزات الشرعية التي تحدث في مجتمعنا الفلسطيني  , فنحن نتحدث عن حقوق قانونية وإجتماعية أيضاً تتمتع بها المرأة الفلسطينية , فلا داعي أن تكنى المرأة بالآنسة حنفي كي تشعر بهذه الحقوق .

كاتب صحفي

 

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت