ترى الصين دائما أن حماية حقوق الإنسان ستصبح جوفاء ما لم تكن حياة الإنسان محل تقدير، وما لم يصبح الاستقرار والأمن الاجتماعيين مكفولين. وقد شهد هذا المبدأ إجماعا عالميا متزايدا في عالم اليوم المنكوب بالأزمات.
في الدورة الـ44 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، التي اختتمت لتوها، حظيت الصين بتأييد واسع النطاق لما أحرزته من تقدم ملموس في قضية حقوق الإنسان على الرغم من إصرار بعض الدول الغربية على تشويه الجهود التي تبذلها بكين لتعزيز الاستقرار والأمن العام في شينجيانغ وهونغ كونغ.
خلال الـ18 يوما الماضية من اجتماع الهيئة الحكومية الدولية الوحيدة لحقوق الإنسان في العالم، دعمت أكثر من 70 دولة تشريع الأمن الوطني الصيني لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، وأعربت 46 دولة عن دعمها لحملة الصين لمكافحة الإرهاب والتطرف في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم، فيما رفضت بشدة التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للصين.
يشكل الإرهاب بدم بارد والتطرف العنيف، دون أدنى شك، تهديدا خطيرا لحياة الإنسان، وبالتالي لأبسط حقوق الإنسان. وهذا هو السبب في أن بكين بذلت جهودا لا هوادة فيها مستندة إلى القانون للقضاء على الإرهاب في شينجيانغ وإنهاء العنف في هونغ كونغ.
وبالنسبة لهونغ كونغ، فإن المدينة في طريقها إلى استعادة النظام بعد الفوضى التي تصاعدت في العام الماضي. والأكثر من ذلك، لم تشهد شينجيانغ أي هجوم إرهابي واحد على مدى السنوات الثلاث الماضية نتيجة حملة صارمة لمكافحة الإرهاب.
إن معركة الصين الشاقة والفعالة في الوقت نفسه ضد تفشي كوفيد-19 وحملتها التاريخية للتخفيف من حدة الفقر هي أيضا جزء من السبب في أنها يمكن أن تحظى بدعم واسع داخل قاعة جلسة مجلس حقوق الإنسان وخارجها.
وبدلا من الاعتراف بالحقيقة الراسخة المتمثلة في أن الصين أحرزت تقدما لا جدال فيه في مجال حقوق الإنسان، يحاول بعض مهاجمي الصين في واشنطن سرد قصة مختلفة بكذبة وقحة تلو الأخرى. وفي الوقت الذي تقترب فيه الانتخابات الرئاسية، فإن هدفهم الحقيقي المتمثل في تسجيل نقاط سياسية لأنفسهم واضح للغاية لدرجة أنه لا يمكن أن يغيب عن أحد.
فقد فرض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي يعد أحد أكثر الأصوات المناهضة للصين هستيرية في الإدارة الأمريكية الحالية، قيودا على منح التأشيرات لشركات التكنولوجيا الصينية يوم الأربعاء، مشيرا في ذلك إلى انتهاكات حقوق الإنسان، وقال مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين قبل أسابيع إن الحزب الشيوعي الصيني استخدم عضوية الصين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتفادي الانتقادات بشأن شينجيانغ وهونغ كونغ. علاوة على ذلك، فإنه في عمل يائس للغاية لتشويه سمعة الصين، نشرت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا تغريدة تحمل صورة تم التلاعب فيها باستخدام برنامج الفوتوشوب لتشويه وضع حقوق الإنسان في شينجيانغ.
وفي الوقت الذي ينشغل فيه هؤلاء الصقور المناهضين للصين بالسعي لغسل دماغ المجتمع الدولي الأوسع، يبدو أنهم منزعجون من سجلات حقوق الإنسان المتدهورة لبلادهم، سواء في الداخل أو في الخارج.
فعلى الصعيد المحلي، تعاني الولايات المتحدة من "أزمة مزدوجة". والتقاء استجابة واشنطن الرهيبة لتفشي كوفيد-19 مع التمييز المؤسسي العميق في البلاد لم يكشف فقط عن فوارق عرقية تعاني منها، بل جعل أيضا فيروس كورونا الجديد أشد فتكا بالنسبة لغير البيض في الولايات المتحدة. وقد نقلت الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب مؤخرا عن طبيب القلب كلايد يانسي من جامعة نورثويسترن قوله إنه يقدر بأن المرضى السود أكثر عرضة بواقع 2.4 مرة للوفاة بالفيروس من البيض.
علاوة على ذلك، فإنه مع المغامرات العسكرية الخارجية الدامية لواشنطن في أفغانستان والعراق وسوريا وأماكن أخرى، أصبحت الولايات المتحدة بما لا يقبل الجدل كبيرة المسيئين لحقوق الإنسان في العالم.
إن تشويه سمعة الصين قد يساعد هؤلاء المتشددين تجاه الصين في واشنطن على حصد بضعة أصوات أخرى في الانتخابات القادمة، لكن مشكلات حقوق الإنسان الأمريكية الراسخة لا يتم حلها، وقد تزداد سوءا.
إذا كانت واشنطن تريد حقا تقديم بعض المساهمات الإيجابية لقضية حقوق الإنسان في العالم، فعليها التوقف عن إنكار التحسن الكبير الذي حققته الصين في مجال حقوق الإنسان، والبدء في إصلاح مشكلاتها الخاصة، والانضمام إلى الآخرين في جميع أنحاء العالم في تعزيز السلام والاستقرار.