النائب العام بغزة: القطاع خال من "الجريمة المنظمة" .. و"الباب المفتوح" عزز ثقة المواطن بمنظومة العدالة .. اجراءات حاسمة لكل من يتعاطى المخدرات أو يتاجر فيها

المستشار ضياء الدين المدهون

أكد النائب العام في قطاع غزة المستشار ضياء الدين المدهون أن "القطاع المحاصر خال من الجريمة المنظمة، وهو على المستوى البعيد غير مؤثر وغير مقلق، ويقل عن معدل الجريمة في الدول والمجتمعات المحيطة."

وقال المدهون في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين" المحلية أجرته في مقر النيابة العامة بغزة: إن" الجرائم الواقعة دافعها سواء الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية وهذا واقع كافة دول العالم، الوضع في قطاع غزة بشكل عام وعلى مستوى البعيد غير مؤثر وغير مقلق، وفي المجتمعات جمعيها، تقع الجريمة بشكل عام، فطالما أن الإنسان موجود فالجريمة موجودة".

الإسناد الاقتصادي
وبشأن سياسة الإسناد الاقتصادي، أوضح أن النيابة العامة تعمل ضمن سياسات "معينة" مرسومة حسب منطلقات النيابة العامة، التي تتمثل في "تحقيق العدالة ونصرة الضعيف"، والمنطلق الثاني الذي تعمل النيابة من خلاله في رسم سياساتها، ان القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية، وقد رسمت النيابة العامة من هذا المنطلق سياسة اسناد الاقتصاد الوطني، وأحد بنودها سياسة "الاستئخارات المدروسة لقضايا الشيكات المرجعة".

وقال: "هذه السياسة مبنية على محددات معينة، الأول أن نميز بين الإنسان الذي احترف مهنة النصب والإنسان الذي تأثر نتيجة الظروف الاقتصادية الموجودة بسبب الحصار والإجراءات "الظالمة" على غزة، والثاني: الموازنة بين حاجة الدائن إلى اقتضاء دينه، وقدرة المدين على السداد ".

وأكد المدهون " نسعى من خلال هذه السياسة لعدم التأثير على  الاقتصاد الوطني جراء هذه الإجراءات القانونية المتخذة، من خلال إعطاء استئخارات مدروسة بناء على القضايا الموجودة وقدرة المدين على السداد، ونضع مهل محددة للمدين كفرصة لاثبات جديته، ولتسديد ما عليه من ديون نتيجة دعاوى الشيكات المرجعة".

وأفاد أن من خلال السياسة التي جرى رسمها نهاية 2017م، ويجرى تقييمها نهاية كل عام، زادت نسبة تسديد مديونيات الشيكات المراجعة عام 2018 قرابة 15%، فيما زادت قيمة تسديد الشيكات المرجعة عام 2019م بنسبة تفوق 20%، الأمر الذي أثبت ان "السياسة ناجحة".

عن أوامر الحبس الصادرة عن دوائر التنفيذ في القضاء بأرقام كبيرة، أوضح أن هناك فرق بين أوامر حبس الذمة الصادرة عن المحاكم وأوامر التوقيف الصادرة عن النيابة في القضايا الجنائية، مبينا أن "أوامر الحبس في "قضايا الذمة" لا يمكن أخذها لرقم مجرد لأن كثيرا منها لا يتم تنفيذها وذلك لمراجعة أصحابها وتسديد ما عليمهم أو طلب استئخارات".

وأردف: "هذه الأرقام لا يمكن ربطها بتنفيذها، واعتبار ان الشرطة قامت بحبس اشخاص يساوي عدد اوامر الحبس الصادر بحقهم، على سبيل المثال قد يصدر عن دوائر التنفيذ ألف امر حبس ولكن ما ينفذ مائة أمر على الأرض، كون الباقي يمكن ان يكون قد تم استرداده للسداد أو استئخاره لأعطاء فرصة للتسديد".

إطلاق النار في الهواء
وفيما يتعلق بقضايا إطلاق النار في الهواء، أوضح أن إطلاق النار في الهواء كانت قضية مؤرقة وظاهرة سلبية في المجتمع الفلسطيني خاصة أنه في بعض الأعوام بلغت نسبة الوفيات نتيجة إطلاق النار في الهواء إلى ما يزيد عن 15 حالة، خلافا لبعض الإصابات مجهولة المصدر.

ولفت إلى أن النيابة أخذت على عاتقها معالجة هذه الظاهرة والقضاء عليها بالتعاون مع كافة الجهات، بدء من الشرطة الفلسطينية ومأموري الضبط القضائي، ووزارة الأوقاف، والفصائل المقاومة، ونظمت لقاءات وأرسلت مخاطبات لكافة الجهات لضبط الحالة كونها ظاهرة سلبية تؤثر على الاستقرار المجتمعي والطمأنينة العامة ويذهب نتيجتها ضحايا من المواطنين، وأن النيابة تنتهز الفرصة التي يكثر فيها إطلاق النار لتقوم بحملات توعوية، وضبط وسيطرة على أرض الواقع.

وقال النائب العام: "مناسبة "التوجيهي" كانت الظاهرة  التي يتم فيها بالعادة إطلاق النار في الهواء، وعبر السنوات السابقة حدثت حالات وفاة وبعض العائلات كانت تنتكس من فرحة النجاح لفتح بيوت عزاء.

وأوضح المدهون أنه  بعد حملات النيابة التي بدأت  العام الماضي بالتعاون الكبير من الشرطة الفلسطينية والمباحث العامة في النزول على أرض الميدان، وضبط كافة حالات إطلاق النار وإحالتها للنيابة العامة، وكان هناك تعاونا، مع وزارة الأوقاف للتعميم على خطباء المساجد والدعاة لتنبيه المواطنين لخطر الظاهرة.

 ولفت أن  التنظيمات المقاومة تجاوبت من خلال التعميم على أفرادها بعدم استخدام السلاح واتخاذ اجراءات عقابية داخلية بحق كل من يستخدم سلاح المقاومة في هذا السلوك السلبي غير المشروع، فضلا عن معاقبتهم جنائيا، وبالتالي كان هناك نتائج "مقدرة" نتيجة هذا التعاون التكامل الذي قامت النيابة بالإشراف عليه في تعزيز انضباط المواطنين وزيادة وعيهم بشأن خطورة الظاهرة، وتعزيز استقرار الحالة الأمنية.

وكشف أن حالات إطلاق النار على مستوى قطاع غزة بلغت خلال العام الحالي 18 حالة، لم ينتج عنها أية إصابات و كانت محافظة الشمال وخان يونس خالية من أي إطلاق نار في الهواء، والحالات المرصودة موزعة على محافظات: رفح، الوسطى، غزة، وتم ضبط كافة من قاموا بإطلاق النار، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم ومصادرة قطع السلاح المستخدمة، مشيرا إلى أنه في عام 2019, قلت الظاهرة ولم يثبت أية إصابات ووفيات.

الباب المفتوح
عن سياسة الباب المفتوح، أشار إلى أنه منذ منتصف عام 2017 ومن منطلق أن المواطن يجب أن يكون لديه مرجعا قضائيا يسعى  للعدالة وإحقاق الحقوق، رسمت النيابة العامة سياسة الباب المفتوح وتدقيق المظالم باستقبال المواطنين والمراجعين بشكل منظم ووفق إجراءات معلومة، ومنظمة في سماع مظالمهم.

وأوضح  المدهون أن هذه السياسة تطورت في عام 2018م وانتشرت من ديوان النائب العام إلى مكاتب رؤساء النيابات جميعا، وفي 2019م جرى تنظيم هذه السياسة عبر نظام صادر عن النائب العام،  يشمل الإجراءات والمواعيد التي تقدم فيها المظالم والمواعيد التي يتم فيها الرد على المظالم، وضبط حالة الرد عليها، ويشمل مقابلة المواطنين ابتداء من وكيل النيابة ثم رئيسها ثم النيابة الكلية ثم مكتب النائب العام.

وأردف: " هناك تدرج في المظالم حتى لا ندع للمواطن أي شكوى أو مصلحة تفوته، لذلك فتحنا الباب واسعا لكافة المواطنين فقيرهم قبل غنيهم وضعيفهم قبل قويهم، ليصل إلى حقه ويتابع إجراءاته أمام النيابة العامة بشكل سلس ومريح، وعززنا في إطار هذه السياسة الهيكلية العامة داخل النيابة لتخدم هذه السياسة، فأنشأنا أقسام الاستقبال والمتابعة في كل النيابات الجزئية لتستقبل الجمهور بشكل دوري".

وأضاف: " قمنا بتهيئة البيئة والبنية التحتية لاستقبال الجمهور في العديد من النيابات، وأنشأنا مركز استقبال الجمهور في سرايا نيابة غزة مجهز بالامكانات الالكترونية لضبط المواعيد واستقبال المتعاملين بشكل عادل ومريح، من خلال الإجراءات يستطيع المواطن أن يتقدم بمظلمته ضمن إجراءات معلومة لديه ومعلن عنها".

وتابع: "من خلال هذه السياسة نتتبع كافة قضايا المواطنين ونقوم بتصويبها، ولدينا في ديوان النائب العام وحدة المظالم واستقبال الجمهور المركزية تتابع كافة هذه الأقسام والمظالم عبر برنامج "العدالة الجنائية الالكتروني"، ومتابعة الرد عليها وحصر النيابات التي ترد في الوقت المناسب، والتي لا ترد ويتم مراجعتها".

هدفان
وأكد أن النيابة بهذه السياسة حققت هدفين الأول أن يستشعر المواطن بثقته بنفسه وبمنظومة العدالة، وأنه قادر على الوصول لحقه، بالطرق والإجراءات السليمة وتعزيز  ثقته بوطنه، وشعوره بأنه مواطن كريم، والمسألة الأخرى تعزيز الرقابة الشعبية على أعمال النيابات، وأعمال مأموري الضبط القضائي، وأصبح المواطن الرقيب على أعمال النيابة ومراكز الشرطة ويستطيع أن يتقدم بمظلمته بكافة درجاتها حتى تصل للنائب العام.

وقال المدهون: " أقوم خلال المنظومة كنائب عام بمقابلة المواطنين يومي الاثنين والأربعاء، وفي إحدى السنوات بلغ مجموع ساعات الاستماع ومقابلة المواطنين ما يزيد عن 600 ساعة، تكون بحضور وكيل النيابة المختصة لسماعه الجمهور، بعد ذلك اتخاذ القرارات المناسبة لرد هذه المظالم".

تفاصيل مقتل الطفلة "أ. ج"
وفيما يتعلق بحادثة الطفلة "أ. ج" التي قتلت على يد والدها، أكد النائب العام أن النيابة العامة باشرت التحقيق فور وقوع الجريمة واتخذت الإجراءات القانونية بحق المتهمين، وأكد النائب العام ان ما أثير عبر  مواقع التواصل الاجتماعية بأن الفتاة توجهت لمركز الشرطة المختص ست مرات عار عن الصحة، وأنه لم يكن لدى الشرطة والمباحث أي  علم بتصرفات هذا الأب.

وأوضح المدهون أن والد الطفلة هو من ارتكب الجريمة وتم توجيه اتهام له وتوقيفه هو وزوجته سواء بالتحريض أو لامتناعها عن حماية الطفلة، مؤكدا أن الإشاعة التي رويت بأن والد الطفلة ألقى بشقيقها من علو، كذلك غير صحيح، وأنه ثبت بالتحقيقات أنه كان خارج المنزل لحظة سقوط الطفل من علو.

وأوصى النائب العام كافة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تحري الدقة والموضوعية، ومراعة الظرف العام في قطاع غزة، والمحافظة على استقرار المجتمع وأن لا يقعوا في جرائم النشر من خلال نقل الإشاعة ونشر الأخبار الكاذبة.

بالنسبة لمكافحة "المخدرات"، أكد المدهون أن إدارة مكافحة المخدرات تتواصل مع النيابة بشكل مستمر وتحيل لها كافة المجرمين الذين تقوم بضبطهم، وهناك اجراءات حاسمة لكل من يتعاطى المادة أو يتاجر فيها  وتقوم النيابة العامة بتقديمهم للعدالة، وصدرت في الآونة الأخيرة احكام رادعة بحقهم، فحكم على بعضهم عشر سنوات وتطبيق أقسى درجات العقوبة على كل من يستهتر بأرواح الناس بنشر آفة المخدرات.

وبشأن تكدس السجون بالنزلاء، قال: إننا" لمعالجة هذه القضية فعلنا قانون "الصلح الجزائي" وحققنا أربعة أهداف من خلاله، إحدى هذه الأهداف تقليل التكدس في النظارات وتقليل أعداد الموقفين من خلال انهاء ملفاتهم بانقضاء الدعوى الجزائية عبر قانون الصلح الجزائي والإفراج عنهم، والهدف الثاني حققنا الردع العام والخاص بايقاع العقوبة بحق المتهمين فورا بعد اتهامهم بارتكاب الفعل المجرم، وذلك بتغريمهم بدلا من الانتظار لسنوات للمحاكمة، فيشكل عقابهم الفوري بدفع الغرامة رادعا لهم ولغيرهم".

وأكد أن هذه السياسة حققت استقرارا مجتمعيا بعد المصالحة بخلاف استمرار القضية في المحاكم إذ "تبقى النفوس مشحونة"، والهدف الرابع تقليل عدد القضايا المودوعة لدى المحاكم، في اتجاه ان تهتم المحاكم في القضايا الاكثر خطورة.

المصدر: - حوار - يحيى اليعقوبي