- عماد عفانة
بعد أن طوى هنية شهره الثامن خارج قطاع غزة، في جولته الخارجية التي بدأها في ديسمبر الماضي 2019، حيث تعد الجولة الأولى له منذ توليه رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس في مايو/أيار 2017.
وبعد أن نجح هنية في تنفيذ أغلب برنامج جولته المقرر مسبقا، حيث زار دول مختلفة منها ماليزيا ولقاءه برئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، وايران للمشاركة في تقديم واجب العزاء بوفاة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، وسلطنة عُمان لتقديم التعازي بوفاة سلطانها قابوس، ولقائه عدة مرات بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فضلا عن لقائه بالأمير القطري تميم بن حمد، حيث مكث في قطر عدة اشهر، ولروسيا حيث التقى وزير خارجيتها سيرجي لافروف، ولم يبقى في جدول اعمال الجولة سوى زيارة لموريتانيا وللبنان ولدول مغاربية اخرى حال انتشار وباء كورونا دون اتمامها.
يمكن القول ان هنية نجح في انجاز الكثير من الملفات الكبيرة التي حملها في جعبته والتي كانت بحاجة إلى معالجة طويلة، سواء فيما يتعلق بأمور الحركة الداخلية التي تقترب موعد انتخاباتها الداخلية.
أو فيما يتعلق بالتواصل مع الجهات العربية والإسلامية والإقليمية للتصدي لصفقة القرن التي يبدوا أنها اصبحت خلفنا.
أو فيما يتعلق بتعزيز علاقات الحركة مع الخارج، وحشد دعم الأمة العربية والإسلامية على المستويين الرسمي والشعبي لصالح القضية الفلسطينية، خصوصاً بعد إعلان الإدارة الأمريكية صفقة القرن، ما شكل كسرا للعزلة السياسية التي كان يحاول الأعداء عجما وعربا فرضها على حماس.
أو فيما يتعلق بتعزيز التواصل مع الفصائل الفلسطينية ضمن استراتيجية الحركة القائمة على وحدة الصف والعمل المشترك لمواجهة سياسات الاحتلال ومشاريعه، وتعزيز التلاحم وتعميق المشاورات والتفاهمات والتي أسفرت مؤخرا عن لقاء غير مباشر بين نائب رئيس الحركة صالح العاروري مع عضو اللجنة المركزية لفتح جبريل الرجوب، لأوّل مرّة منذ عشر سنوات، تمهيدا للوصول لرؤية وطنية مشتركة في مواجهة الاحتلال والتصدي لقرار السطو والضم.
ومع إعلان هنية لوسائل إعلام قطريّة عن مؤتمر شعبي سيجمعه مع الرئيس عباس خلال الأيام القادمة، تمهيدا لعقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل، وترتيب منظمة التحرير، على طريق استعادة الوحدة، خاصّة بعد موت أوسلو المشؤوم.
يكون هنية قد ابدع في انجاز الكثير من الملفات بروح وطنية وببعد وحدوي خالص، كما أبدع في إيصال الموقف الفلسطيني الوطني بكل جداره، بعيداً عن مستنقع الانقسام الآسن، وكشف للجميع مدى مرونة حماس وانفتاحها على جميع الحلول التي تحقق وحدتنا وتشق الطريق نحو أهدافنا الوطنية في الحرية والتحرير.
وعلى التوازي مع اتصالاته ولقاءاته الرسمية مع الدول ورؤسائها وقياداتها الرسمية، فقد نجح هنية في احياء القاعدة الشعبية الداعمة للقضية الفلسطينية في اطار تحشيد الأمة خلف القضية الفلسطينية، من خلال تعميق وتعزيز خطوط التواصل مع الكثير من الجهات الرسمية والوطنية والحزبية والحركية والشخصيات الاعتبارية في الأمة، لأخذ دورهم العروبي والقومي والاسلامي في نصرة الحق الفلسطيني، وللقيام بدورهم الواجب في مسيرة الحرية والتحرير لمسرى نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، ولتـأمين شبكة أمان مالي وسياسي واعلامي لدعم صمود شعبنا، الأمر الذي عبر عن نفسه بالتفاف الجماهير حول حماس وحول المقاومة.
كما سجل هنية وفريقه نجاحا في التعويض عن تقصير سفارات السلطة الرسمية وممثلياتها في مختلف دول العالم في تحشيد الدعم للقضية الفلسطينية وفي التواصل مع الجهات الرسمية والشعبية، فضلا عن التواصل مع الجاليات الفلسطينية فيها، حيث كان هنية يحظى باستقبال رسمي كزعيم فلسطيني، وجرى استقباله بحفاوة من الشارع العربي والإسلامي، مما أعاد الحضور لحماس، ذات العمق والتأثير الكبير في الساحة الفلسطينية.
كما يسجل لهنية نجاحه في فضح رواية الاحتلال وإجرامه وعدوانه ضد شعبنا وخاصة في بحق مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، وفي إحراج انظمة التطبيع التي تروج لرواية الاحتلال، وفي العمل المتواصل والواجب حقيقة لإبقاء قضية القدس والأقصى حاضرة دوما في كل لقاء إعلامي او رسمي او شعبي.
وكانت زيارة هنية لإيران شكّلت الحدث الأبرز في جولته الخارجية، وأثارت جدلاً للكثير من الأطراف المحلية والإقليمية، وعلى رأسها مصر التي لم ترغب بها.
حيث يحدونا الأمل أن تنعكس نجاحات هنية في الساحة الخارجية، على ساحة غزة، لجهة تعزيز جودة الأداء الحكومي والحركي، على طريق توسيع الحاضنة الشعبية للمقاومة، التواقة لمزيد من اجراءات نشر العدل والمساواة، ورد المظالم، واشاعة مزيد من اجواء النزاهة والشفافية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت