رسالة عاجلة من مرضى السرطان بغزة إلى السيد/ الرئيس محمود عباس ، رعاه الله .

بقلم: عبد الحليم أبوحجاج

عبدالحليم أبوحجاج
  • بقلم: عبد الحليم أبو حجاج

رسالة عاجلة من مرضى السرطان بغزة إلى السيد/ الرئيس محمود عباس ، رعاه الله .

وسؤال إلى السيدة وزيرة الصحة : هل مهمة وزارة الصحة القضاء على المرض أم على المرضى؟! .

أولاً : يسعد صباحكم جميعاً ، ثانياً : لا يحس بالمرض إلا المريض ، ولا يحس بالمريض إلا أهله وخاصته ، وكان من المفترض أن تكون وزارة الصحة الفلسطينية من خاصته . ولِمَ لا ؟! وهي بمؤسساتها الإدارية والفنية والطبية ، الأمينة المؤتمنة على حياة الناس الفلسطينيين في الضفة والقطاع ، بلا تفريق ولا تمييز ، تعالجهم في مستشفياتها وتقدم لهم الدواء الموصوف من الطبيب المعالج دون إبطاء .

مرضى السرطان أيها السادة في غزة مهملون ، يموتون موتاً بطيئاً ، في غياب الدَّور المسئول لوزارة الصحة بمؤسساتها ومستشفياتها ، وبما يتبعها من مستشفيات في القدس أو في الداخل أو في الخارج ، فهي مُلزمة أخلاقيأ وإنسانياً - قبل أن يكون حقاً للمريض - بتقديم استمرارية الحياة ، ورفع المعاناة عن المرضى أينما وُجدوا . فنحن في هذه المقالة ننبه ونشرح .

وهي مناشدة للسيد الرئيس وللسيدة وزيرة الصحة :

قبل ظهور " الكورونا " كانت معاناة المريض واستنزاف صحته حقيقة مؤكدة ، ليحصل على تحويلة العلاج بالخارج ، وما يصاحبها من تنقل بين عدد من الدوائر لاستيفاء الشروط والاختام ، فذلك كله من نتائج الغلو في الانصياع للبيروقراطية والروتين المجحف في أروقة مستشفى الرنتيسي المختص ، ودهاليز إدارة العلاج بالخارج للموافقة على التغطية المالية ، ثم تلكؤ المختصين في فرع وزارة الشئون المدنية لرفع الطلب للجانب الآخر للحصول على تصريح لدخول الضفة أو القدس ، ذلك قبل توقف التنسيق الأمني .

وزادت المعاناة أكثر بعد تفشي الكورونا ، وبعد وقف التنسيق الأمني ، أضف إلى ذلك الإهمال والتباطؤ والتلكؤ السابق ذكره . ونسي كل مَن له علاقة بتقديم العلاج لهؤلاء المرضى تقصيرهم في حق إسعاف المرضى وراحتهم ، فأخذوا يبررون إهمالهم وتقصيرهم على عاتق الكورونا مرة والتنسيق الأمني مرة ثانية ، وحين يشتد عليهم الإلحاح يُلقُون باللائمة على وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله التي لا توفر الدواء ولا ثمنه ، ولا تنسق مع المستشفيات الخارجية للاهتمام والتسهيل والتخفيف عن المرضى .

الآن نهيب بالسيدة الدكتورة الوزيرة مي الكيلة أن تتعطف وتنظر إلى مرضى السرطان بعين المسئولية الأخلاقية والإنسانية بالعمل على :

1 - التخفيف من معاناتهم بتسهيل حصولهم على الاعتماد المالي اللازم للتحويلات الخارجية .

2 - التفاهم مع إدارة مستشفي (المطلع بالقدس) على إرسال الأدوية الموصى عليها من الطبيب المختص إلى المرضى بغزة بطريقة آمنة مأمونة ومضمونة لإراحتهم من مكابدة السفر ذهاباً وإيابا في يوم واحد من أجل تسلم الدواء فقط ، وهم الذين قد ضعُفت قواهم الجسدية ، وخاصة أن مناعتهم قد انخفضت بسبب الأدوية الهرمونية والكيماوية ، ولا بأس من سفرهم إلى القدس كلما احتاجوا إلى كشف جديد ، ولا يكون ذلك إلا كل ثلاثة أو ستة أشهر حسب مقتضيات الحال ، وحسب تعليمات الطبيب المعالج في تلك المستشفى .

3 - ننوه بأخطار الحجر الصحي هنا في غزة ، فإن العائدين إلى القطاع يُحتجزون في فندق محترم ، ولكن يُحشر في الحجرة الواحدة من 6 - 10 نزلاء ، بحجة عدم وفرة الأماكن ( المضافات) ، وعليه فإن عدوى السليم من المصاب بالكورونا سهلة وسريعة ، وهؤلا مرضى السرطان الذين سافروا ليوم واحد ثم عادوا ليُحجزوا في الحجر الصحي 21 يوماً ، ثم يتكرر ذلك كل شهر ، لأن الدواء لمدة شهر واحد فقط . وعليه فإن هؤلا المرضى الذين يتعالجون من مرض السرطان ، نقدمهم قربانا إلى مرض الكورونا ، وكأن وزارة الصحة تهديهم إلى الموت هدية خالصة ، وبهذا يكونون ( كالمستجير من الرمضاء بالنار ) .

4 - المثل الشعبي يقول : (إذا كُثَر الطباخون شاطت الطبخة) لقد زادت وزارة الصحة على معاناة المرضى بإدخال وسيط جديد لتسليم الأدوية لهم ، أعني به : ( مستشفى الحياة بغزة) ، وهو في الواقع مستشفى يوزع الموت البطيء على المرضى الذين لكل يوم لديهم حسابه وأهميته . ومستشفى الحياة! مستشفى منتدب كوسيط متوكل بتوفير الأدوية المهمة والباهظة الثمن ، وتسليمها لأصحابها حسب وصفة الطبيب المعالج . وهو يحتاج إلى تحويلة جديدة من الطبيب المعالج ممهورة بتوقيع مدير مستشفى الأورام بغزة ، ثم إلى تغطية مالية من إدارة العلاج بالخارج . ولكن مستشفى الحياة ، هذا المتعهد بتوفير الأدوية من الوزارة وتسليمها لمستحقيها ، لا يقوم بواجبه بإخلاص حيال هؤلا المرضى ، فهو يترك المراجعة لإحدى الموظفات التي لا تقول للمراجع إلا جملة واحدة : " اكتب اسمك ورقم جوالك ، وسنطلبك حين وصول الدواء" . وإذا سألت : متى ؟ فترد : لا أعرف ، وتمر الأسابيع بين تعال آخر الأسبوع أو تعال أول الأسبوع دون جدوى ، وكأن هذا المرُراجع جاء يطلب كوبونة غذاء وليس دواء . وعند دخول أحد أقرباء مريضة على الدكتور مدير مستشفى الحياة ، ومراجعته في ضرورة توفير الدواء الذي فات موعده شهرا تقريبا ، ما يعطي المرض أسباب (التمكين) والتغلغل في جسم المريض كله . فيرد المدير المحترم : ليس التأخير بيدنا ، إنما من وزارة الصحة برام الله ، فهي لا تفي بدفع أثمان الأدوية التي نشتريها من شركات الأدوية ، وهي باهظة الثمن ، ولهذا نطلب الشراء " بالقطعة " ، ثلاثة ، خمسة ، حسب قدرتنا المالية ، وكأنه يستورد قطع غيار للسيارات . فلنا الآن أكثر من ثلاثة شهور ننتظر الأدوية العلاجية بلا فائدة ، والمرضى يستغيثون ولا يُغاثون ، ومستشفى الحياة يوعِد ولا يفي ، وربما له بعض العذر . وبهذه المناسبة نسأل وزارة الصحة : هل عدمتم المستشفيات إلا مستشفى الحياة القائم على الاستثمار وربح المال ؟ . فلماذا وقع اختياركم على هذا المستشفى بالذات ولديكم على ساحة القطاع أكثر من مؤسسة حيادية أشد حرصاً على حياة المرضى ، كالمستشفى الأوروبي أو مستشفى الرنتيسي نفسه دون شريك ، او الهلال الأحمر أو دائرة الصحة بوكالة الغوث ....الخ . وإليكم أسماء الأدوية المطلوبة لابنتنا ، ولا يوجد منها واحداً :

ribociclib (kisqali) + letrazole + zoladex

و " الزولاديكس" إبرة لمدة ثلاثة شهور ، ولكن تعطى في غزة لمدة شهر ، وتحتاج وحدها إلى تحويلة العلاج بالخارج وتغطية مالية كأية تحويلة أخرى .

قلنا يا مدير مستشفى الحياة لماذا لا تتعاون مع المرضى وتحث الوزارة على الإيفاء بدورها ، والتسريع بدفع الأثمان أو ترفع يدك ، وتعلن هذا أمام الإعلام لتبرئة ساحتكم أمام الله والناس ، فاعملوا صالحاً تجدوه ، ولستم بمنأى عن هذا المرض أو أي مرض آخر أشد منه نكالأ ، وهو ليس عنكم ولا عن بيوتكم ببعيد . قال نكتفي بإعطاء إفادة تثبت أن الأدوية غير موجودة في المستشفى ، هذا ما أستطيعه ، وفعلا حصل ، وهي لدينا صورة عنها .

نهيب ونناشد السيد الرئيس الأب الأكبر للأسرة الفلسطينية أن يتكرم بتخفيف المعاناة عن المرضى بإرسال الدواء المقرر من مستشفى المطلع أو أية مستشفى أخرى ، إلى أية جهة أمينة ومضمونة بغزة حتى يصل الدواء للمريض . ولا داعي لسفر المريض مادامت لا توجد ضرورة موصي بها الطبيب المعالج بحضور المريض إلا لتسلم الدواء فقط . ولا داعي أيضاً سفر أحد أقرباء المريض من الدرجة الأولى وحده لينوب عن المريض في تسلم دوائه . فالخير أن نعفي المريض او احد أقربائه من معاناة السفر ومكابدة العودة والتعرض إلى عدوى الكورونا ، فليس لكل مريض قريب من الدرجة الأولى قادراً صحياً على مجاهدة الطريق او أن يكون مسموحاً له أمنياً بدخول الخط الأخضر ، وإن كانت تصاريح السفر تُستخرج بعد وقف التنسق الأمني بطلب من مستشفى المطلع وبالموعد . ولنا كبير الأمل في الله أولا ثم فيكم سيادة الرئيس أن تتدخلوا في هذا الأمر الذي يقض مضاجع العشرات من المرضى وذويهم .

كما نناشد السيدة الوزيرة الدكتورة مي الكيلة ان تقوم بواجبها تجاه هؤلاء المرضى للتخفيف عنهم بالإيعاز إلى مستشفى المطلع بالقدس أو المستشفيات الأخرى بالضفة ان ترسل الدواء إلى المرضى بغزة ، ولا داعي لسفر المريض او من ينوب عنه من الدرجة الأولى ما دامت لا ضرورة لسفر أحدهما أو كليهما ، و نعفيهما من تحمل المجاهدة والمكابدة لا لشيء إلا لتسلم الدواء فقط .

وليت السيدة الوزيرة تتدخل شخصياً وتفض الشراكة غير المعلنة بين مستشفى الرنتيسي ومستشفى الحياة ووحدة العلاج بالخارج وتعمل على تقييم عملهم وتقويمه ، ذلك ادنى لصلاح أمرهم ولصالح احوال المرضى ، لأنهم بصراحة يُلقُون باللوم على الوزارة ، وكأني بهم جميعاً شركاء في توزيع الموت البطيء على المرضى وأهليهم . فهل ترضيْن يا سيدتي بذلك؟! .

ونذكِّر السيدة الوزيرة أنني كتبت لها رسالة على (الخاص) منذ أيام ، شرحت فيها الحالة كاملة ، ولكن يبدو أن السيدة الوزيرة لا تقرأ المكتوب بالعربي . وانا لا أحسن إلا الكتابة بالعربية . فما العمل ؟! .*

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت