وسط استمرار تهاون المجتمع الدولي بشأن المسائلة

مركز الميزان يشارك في دورتي مجلس حقوق الإنسان (43 -44) ويطالب الدول الأعضاء بالوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني

شارك مركز الميزان في الدورتين (43 – 44) لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف الأسبوع الماضي داعيا المجلس والدول الأعضاء للاعتراف بعدم شرعية الممارسات والسياسات التي تنتهجها إسرائيل بحق الفلسطينيين خارج إطار القانون الدولي.

وفي ضوء مساعي الحكومة الإسرائيلية لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية بشكل رسمي، حث مركز الميزان ومؤسسات حقوقية شريكة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على الدعوة إلى تفكيك جميع المستوطنات الإسرائيلية والمعارضة الشديدة لأي ضم للأراضي

الفلسطينية، لما لقرار الضم من دور في "تطبيع المشروع الاستعماري ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي من خلال استمرار التوسع وبناء المستوطنات غير القانونية، وتشريد الفلسطينيين وتهجيرهم، وتغيير الطابع الديمغرافي".[1] وجاء البيان ضمن سلسلة بيانات وتقارير ومداخلات أدان فيها مركز الميزان السياسات الإسرائيلية المتمثلة في كل من والضم[2] والتمييز والفصل العنصري[3].

وقدم مركز الميزان مداخلة شفوية بالنيابة عن 43 منظمة من جميع أنحاء العالم دعا فيها "الدول الأعضاء للوفاء بمسؤولياتها في إنهاء الإغلاق والحصار الإسرائيلي غير القانوني المفروض على قطاع غزة، ودعم الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك الحق في تقرير المصير وحق العودة."[4] كما سبق وأن قدم مركز الميزان تقريرًا مشتركا إلى المجلس يتناول إجراءات العقاب الجماعي التي تفرضها إسرائيل على قطاع غزة.[5] وفي بيان ثانٍ حول هذا الموضوع[6]، سلط مركز الميزان الضوء على مجموعة السياسات والممارسات القائمة على التمييز العنصري التي تتبعها إسرائيل لمعاقبة الفلسطينيين، بما في ذلك هدم المنازل كإجراء عقابي، وسحب الإقامة، والاعتقال التعسفي، وفرض القيود على حركة وتنقل الأفراد والبضائع، واحتجاز جثامين الفلسطينيين، بالإضافة إلى الحرمان من تصاريح السفر للعمل أو العلاج.

كما ورحب مركز الميزان والمنظمات الشريكة[7] بتقرير البروفيسور "مايكل لينك"، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، والذي شددّ فيه "لينك" على أن إسرائيل فشلت في الوفاء بالتزاماتها القانونية، ولجأت إلى سياسة العقاب الجماعي باعتبارها "أداة بارزة من أدواتها القسرية للتحكم في السكان."[8] وفي سياق متصل، ركز مركز الميزان في مداخلاته خلال سلسلة ندوات عبر الإنترنت، على تأثير الإغلاق والحصار الإسرائيلي كأحد أشكال العقاب الجماعي، والممارسات الرامية إلى تأخير عجلة التنمية في قطاع غزة، وخاصة على قطاعي الصيد والزراعة[9]. كما وتم ارسال مناشدة عاجلة قدمها المركز وشركاؤه إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة مطالبين فيها بتوفير الوصول للرعاية الصحية للمرضى من سكان قطاع غزة، أحد أكثر الفئات المتضررة جراء الإغلاق الإسرائيلي.[10]

هذا ودفعت موجة الاحتجاجات والظروف التي تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية المجلس لتخصيص نقاش استثنائي حول انتهاكات حقوق الإنسان النابعة من التمييز العنصري، ووحشية الشرطة، وقمع المسيرات السلمية، في صورة مطابقة لما تمارسه سلطات الاحتلال من عنف عنصري منهجي ضد الفلسطينيين. ومن جهته أعرب مركز الميزان ومؤسسة الحق بالإضافة إلى منظمات حقوقية أخرى عن تضامنهم مع حركة "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter)، وأدانوا العنصرية الممنهجة لإسرائيل وهيمنتها على الشعب الفلسطيني،[11] والذي يتجلى في جملة أمور من بينها استخدام إسرائيل غير القانوني والمفرط للقوة، والذي ظهر بشكل جلي في مقتل إياد الحلاق على يد حرس الحدود الإسرائيلي في القدس الشرقية المحتلة، الأمر الذي تناولته جلسة مجلس حقوق الإنسان. وفي سياق مشابه، وجّهت مجموعة من المؤسسات الفلسطينية، وبالتعاون مع أُسرة عريقات، نداءً عاجلا مشتركًا إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة بشأن قتل قوات الاحتلال الإسرائيلية ابنها أحمد مصطفى عريقات،[12] عمدًا وإعدامه خارج نطاق القانون، وأعرب مركز الميزان لاحقا عن تأييده للبيان الذي أدلت به والدته، السيدة نجاح عريقات، إلى المجلس والذي طالبت فيه بإعادة جثمان ابنها الذي تحتجزه السلطات الإسرائيلية بشكل غير قانوني.[13]

وفي مداخلة شفوية قدمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، انضم مركز الميزان إلى عشرات المنظمات في الثناء على سعادة المفوضة السامية لحقوق الإنسان وذلك لإصدارها التقرير الخاص المتعلق بقاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية وتطرق إلى أهميته باعتباره أداة مساءلة للشركات عن انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة. ودعت المنظمات مكتب المفوضة السامية إلى التأكد من تحديث قاعدة البيانات سنويًا وإتاحتها للجمهور.[14]

يؤكد مركز الميزان والمؤسسات الحقوقية الشريكة على تمسك إسرائيل بسياسة الحماية التامة والإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الخطيرة ضد الفلسطينيين خلال انفاذ سلطتها الجنائية.[15] إن فشل المجتمع الدولي في محاسبة إسرائيل يسمح باستمرار هذه السياسة وارتكاب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي. وجاء تأكيد الميزان بعدما أبدى المجتمع الدولي، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي تهاونا في تأييد قرار المجلس حول ضمان المساءلة والعدالة عن جميع انتهاكات القانون الدولي في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة بما فيها القدس الشرقيّة، حيث قامت إسبانيا فقط بالتصويت لصالح القرار، بينما صوتت كل من النمسا وبلغاريا وجمهورية التشيك و هنغاريا ضده، في حين امتنعت كرواتيا وإيطاليا والدنمارك والمملكة المتحدة عن التصويت، الأمر الذي يشير إلى عدم التزام المجتمع الدولي للتصدي بجدية للتهديدات المتصاعدة والمستمرة ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك قرار السلطات الإسرائيلية بضم أراضي الضفة الغربية.

وبهذا الصدد، قدم الميزان تقريرًا شاملاً مشتركًا حول المساءلة إلى المقرر الخاص المعني بالأراضي الفلسطينية المحتلة، أورد فيه بالتفصيل الالتزامات القانونية للدول الأعضاء لمحاسبة إسرائيل وحثها على الامتثال للقانون الدولي.[16]

في الختام، فإن مركز الميزان يشارك المجموعة الأفريقية قلقها البالغ إزاء "عدم حماية حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي" ويكرر أن "المجتمع الدولي لا يمكنه الاستمرار في إعفاء إسرائيل من مسؤوليتها عن انتهاكاتها [و] الأعمال الأخرى التي تسبب المعاناة ".[17]

 

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - غزة