يمتلئ خطاب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول الصين، بالأكاذيب السياسية والتحيز الأيديولوجي، الذي سوف يكون له نتائج عكسية فقط وسيدمر مصداقيته ومصداقية الحكومة الأمريكية.
تحدث بومبيو في المكتبة الرئاسية لريتشارد نيكسون، حيث هاجم بشدة الحزب الشيوعي الصيني ونظام الصين الاجتماعي، ما يظهر مرة أخرى عقلية الحرب الباردة القديمة لدى واشنطن.
وتنتشر أكاذيب بومبيو في كل مكان. فوفقا لوسائل الإعلام الرئيسية الأمريكية، قصف بومبيو دولا من بينها، الصين وروسيا وإيران ومنظمات ووكالات دولية، من بينها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي، عن طريق تلفيق تهم خبيثة، وذلك خلال فترة توليه لمنصب وزير الخارجية منذ عامين.
وتنطوي أكاذيب بومبيو على تناقض ذاتي. فمنذ تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) لم يدخر بومبيو جهدا في تشويه الصين عن طريق الإشارة إلى فيروس كورونا بـ"الفيروس الصيني" و"فيروس ووهان".
وفي شهر أبريل، قال بومبيو خلال محادثة هاتفية مع الجانب الصيني، إن تفشي كوفيد-19 يمثل تحديا مشتركا للمجتمع الدولي، وإن الجانب الأمريكي مستعد للعمل مع الصين لتعزيز التعاون الثنائي في مكافحة المرض. ولكن، بعد أيام قليلة، اتهم الصين خطأ بالفشل في الإبلاغ عن تفشي المرض في الوقت المناسب.
وفي فبراير، أعلن بومبيو أن الولايات المتحدة مستعدة لإنفاق نحو 100 مليون دولار أمريكي لمساعدة الصين ودول أخرى تأثرت بالمرض. والحقيقة أنه ليس هناك إشارة حتى الآن عن هذه المساعدة للصين، والأكثر من هذا أن الولايات المتحدة قررت تجميد تمويلها إلى منظمة الصحة العالمية، وكالة الصحة العالمية الرائدة، التي تعتمد عليها معظم الدول النامية والدول الأقل تقدما.
إن أكاذيب بومبيو متأصلة في شخصيته. فهذا المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية اعترف ذات مرة قائلا "إننا نكذب ونغش ونسرق. لدينا دورات تدريبية كاملة. هذا يذكركم بمجد الخبرة الأمريكية".
ويرى بومبيو أنه يمكن تشويه الوقائع والحقائق طالما أن ذلك يحقق مصالحه الخاصة. وفي وسط الحرب العالمية على المرض، يعد تشويه الصين سلاحا قويا لتلبية احتياجات الإدارة الأمريكية الحالية وضمان مكانه في البيت الأبيض.
وتهدف تصريحاته المناهضة للصين ومغالطاته، إلى تحويل اللوم للصين لتغطية استجابة الحكومة الأمريكية الضعيفة لتفشي المرض وتضليل المجتمع العالمي لاحتواء الصين.
ومع ذلك فإن الحقيقة تتحدث عن نفسها. فقد حصل النظام الاجتماعي وطريق التنمية للصين على دعم مخلص من شعبها خلال الـ70 عاما الماضية، ولن يتغيرا وفقا لرغبات واشنطن.
حققت الصين تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، إنجازات رائعة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومجالات عديدة أخرى وحصلت على إشادة من جميع أنحاء العالم، وحسنت معيشة الشعب بشكل كبير وانتشلت مئات الملايين من الصينيين من الفقر المدقع.
وفي نفس الوقت، حافظت الصين على السلام العالمي وأسهمت في التنمية العالمية وحماية النظام الدولي المرتكز على القواعد.
وتم الاعتراف على نطاق واسع باتباع بكين لطريق التنمية السلمية ودعمها بشكل فعال بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. وكانت أيضا داعمة دائمة وممارسة لفكرة أن جميع الدول متساوية ولديها الحق في اختيار نموذج التنمية الذي يتناسب مع ظروفها الخاصة. فالصين لم تحاول أبدا فرض الهيمنة أو التوسع.
اختار بومبيو مكتبة نيكسون الرئاسية للإدلاء بخطابه شديد الاستفزاز لتشويه الصين، ولم يشوه عمدا الحقائق المتعلقة بتنمية الصين ويفتري بشكل خبيث على سياساتها المحلية والأجنبية فحسب، لكنه أنكر أيضا اللحظة التاريخية لاستئناف التعاون الصيني-الأمريكي وتحدى علاقات ثنائية مستقرة وسليمة في العقود الماضية، من أجل تحويل انتباه الشعب فقط عن الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن خلال الأعوام الماضية.
ولكن محاولته تشويه الصين من أجل مكاسب سياسية رخيصة لها نتائج عكسية، حيث أثبت الماضي والواقع أن البلدين يحققان مكاسب من التعاون ويخسران من المواجهة.
إن حلم بومبيو في الفوز بنقاط سياسية عن طريق التحريض على المعارضة الأيديولوجية وزرع الخلافات بين الصين ودول أخرى، هو خداع للذات، حيث أن هذه النظريات المناهضة للصين التي لا أساس لها، لا تخدع الأمريكيين ولا المجتمع الدولي.
وقد وصف مقال نشرته مجلة ((فانيتي فير))، بومبيو بأنه "صقر متشدد ضد الصين منذ وقت طويل" ومشهور بنظرية "المؤامرة الحارقة التي لا أساس لها،" قائلا إن "مصداقيته تتلاشى، وأي تصريحات له تواجه بشكوك".
إن الأكاذيب نتائجها عكسية. وقد حان الوقت حتى يتفهم بومبيو هذه الحقيقة، وأن يعالج إدمانه تقريع الصين في أقرب وقت ممكن وأن يبدأ توجيه المزيد من الطاقة نحو إصلاح مشاكل واشنطن ذاتها.